76 حريقا في 24 ساعة فقط
نشب 76 حريقا بين الساعة السادسة من، صباح يوم السبت، 8 يونيو/ حزيران والسادسة من صباح يوم الأحد 9 يونيو/ حزيران 2019 وفقا للناطق الرسمي باسم الحماية المدنية معز تريعة.
ويؤكد المصدر ذاته لـ"سبوتنيك" أن الحرائق شملت عددا من غابات الشمال الغربي التونسي وبعض المزارع، وأتت خلال 24 ساعة فقط، على 1120 "بالة"(حزمة) تبن وقش و56.5 هكتارا من الشعير والقمر و26.1 هكتارا من الحصيدة (بقايا التبن) و7 هكتارات ونصف من الأعشاب الجافة ونصف هكتار من الغابات.
من جانبه أكد رئيس الإدارة الفرعية للعمليات والمتابعة بالحماية المدنية غازي العربي في تصريح لـ "سبوتنيك" أن النيران تسببت في احتراق 514 هكتارا من المحاصيل الزراعية و88 هكتارا من الأعشاب و20 هكتارا من الغابات خلال الفترة الممتدة من 4 حزيران و 10 حزيران 2019 ، مقابل 103 هكتارا من المحاصيل الزراعية و9 هكتارات من الأعشاب و11 هكتارا من الغابات خلال نفس الفترة من السنة المنقضية.
خسائر هامة في المحاصيل الزراعية
منذ اليوم الأول من عيد الفطر، شهدت محافظة الكاف اندلاع 6 حرائق تسببت في احتراق ما يزيد عن 260 هكتارا تتمركز أغلبها في المناطق الجنوبية للمحافظة. وقد تمكنت فرق الإطفاء التابعة إلى الإدارة الجهوية للحماية المدنية بالكاف ومصالح الغابات بالجهة، من السيطرة على حريق اندلع فجر يوم الاثنين 10 حزيران 2019، أتى على 50 هكتارا من الحبوب بمنطقة الزوارين بمعتمدية الدهماني.
كما التهمت النيران يوم الأحد المنقضي ما يزيد عن 200 هكتار من مزارع الحبوب في منطقة السرس التابعة لمحافظة الكاف غربي البلاد، تتوزع بين 120 هكتارا تتبع ديوان الأراضي الدولية و80 هكتارا تابعة لفلاحين خواص. كما اندلع ظهر نفس اليوم حريق آخر أتى على قرابة 10 هكتارات من الحبوب بمنطقة الحزيم بمعتمدية ساقية سيدي يوسف من محافظة الكاف.
فيما سيطرت وحدات الإطفاء في الليلة الفاصلة بين، الخميس الجمعة، على 3 حرائق، الأول بمنطقة فضيل التابعة لمعتمدية القصور أتى على مساحة 30 هكتارا من الحبوب وبعض الأشجار المثمرة، والثاني بمنطقة سيدي أحمد الصالح بمعتمدية القلعة الخصبة جنوب المحافظة، أتى على حوالي خمسة هكتارات من أحد حقول الحبوب من صنف الشعير، وآخر نشب بإحدى مزارع الحبوب بسهول الزوارين أتى على حوالي 20 هكتارا من الحبوب وذلك إثر اندلاع شرارة من الآلة الحاصدة.
وقد أعلن والي الكاف منور الورتاني عن تكوين لجنة جهوية تعهد لها مهمة حماية محصول الحبوب من الحرائق، وتتكون اللجنة من ممثلين عن الإدارات الجهوية للتجهيز والإسكان والفلاحة والحماية المدنية إلى جانب قوات الأمن التي ستعمل على تعزيز الدوريات الأمنية بمختلف معتمديات المحافظة، فيما دعي الاتحاد الجهوي للفلاحين إلى العمل على تأمين الحراسة الذاتية للمزارع.
خسائر بمليارين في محافظة سليانة
محافظة سليانة الواقعة غربي البلاد لم تسلم هي الأخرى من الحرائق، إذ أتت النيران منذ غرة حزيران الجاري على أكثر من 238 هكتارا من المحاصيل الزراعية، وفي ظرف يومين فقط اجتاحت أربعة حرائق مناطق مختلفة من حقول الحبوب، أحدها بحي الصلاح وآخر بمنطقة زواغة التي أتلف فيها حوالي 200 هكتار من القمح و الشعير. إلى جانب حريقين آخرين في عمادة الخلاصة بنصف هكتار ومعتمدية قعفور بـ 20 هكتارا من القمح و القصيبة.
وقد فاقت القيمة المالية لهذه الخسائر المليارين وفقا للجنة الجهوية لمجابهة الكوارث بسليانة التي عقدت اجتماعا طارئا للنظر في سبل توفير الإمكانيات اللوجستية والبشرية خلال هذه الفترة لتلافي نشوب مثل هذه الحرائق، إلى جانب اتخاذ إجراءات استثنائية لحماية المحاصيل الزراعية والثروة الغابية.
وفي هذا الإطار أكد المدير الجهوي للحماية المدنية بسليانة العميد عادل العبيدي، أنه سيتم إحداث مركزين موسميين بكل من معتمدية بوعرادة لحماية شمال المحافظة، ومعتمدية الروحية لحماية المناطق الجنوبية. كما دعا العبيدي الفلاحين إلى اتخاذ اجراءات احتياطية للتقليص من نشوب الحرائق خاصة مع الارتفاع المرتقب لدرجات الحرارة على غرار تقسيم الأرض إلى قطع صغيرة لمنع انتشار النيران، وصيانة آلات الحصاد وتزويدها بصهاريج المياه، منبها إلى ضرورة تجنب إلقاء أعقاب السجائر بالمناطق المحاذية للحقول والغابات.
12 حريقا في محافظة باجة
محافظة باجة سجلت هي الأخرى نشوب 12 حريقا في المدة الأخيرة تسببت في خسائر متفاوتة في المحاصيل الزراعية، آخرها حريق نشب عشية الأحد 9 حزيران بأحد مزارع الحبوب بمنطقة أولاد سلامة من معتمدية تستور، تسبب في إتلاف 20 هكتارا من القمح و4 هكتارات من الشعير و20 هكتارا من الحصيدة. وقبل ذلك اندلع حريق هائل بمنطقة "قديدة حلاوة" وآخر بمقبرة اليهود وأتت النيران على جزء هام منها قبل تمكن وحدات الحماية المدنية من إخماده.
وقد تسببت الحرائق في إلحاق أضرار هامة بالمحاصيل الزراعية وفقا للمدير الجهوي للحماية المدنية بباجة مالك الميهوب الذي أكد في تصريح لسبوتنيك أن وتيرة الحرائق هذا العام تعتبر منخفضة مقارنة بالسنوات الفارطة مشددا على ضرورة تضافر جهود جميع الأطراف لإنجاح الموسم وحماية صابة الحبوب.
من جهة أخرى اندلع يوم الأحد 9 حزيران 2019 حريق ضخم بغابة سيدي عمر برواد من محافظة أريانة (شمال غربي العاصمة) أتى على ما بين 10 و 15 هكتارا من المساحات الغابية، وعملت الحماية المدنية على منع انتشار النيران إلى المناطق السكنية باستخدام 5 شاحنات إطفاء و5 شاحنات مخصصة لمقاومة الحرائق الغابية وجرافتين إلى جانب التعزيزات البشرية.
حرائق مفتعلة
وحول أسباب هذه الحرائق المتتالية، تتهم بعض الأطراف وعلى رأسها الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري جهات معينة بالوقوف وراءها، ونبه الاتحاد الحكومة إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع استمرار فتيل الحرائق وضبط عقوبات صارمة لمن تخول له نفسه ضرب الأمن الغذائي للبلاد خاصة.
من جانبه لم يستبعد رئيس الرابطة الوطنية للأمن والمواطنة معز الدبابي في حديثه لـ "سبوتنيك" وجود غايات إجرامية تحرك هذه الحرائق لغايات تتعلق أساسا باستنزاف مجهودات الوحدات الأمنية واستغلال الغابات لمآرب إرهابية أو لغايات تجارية الهدف منها ضرب الإنتاج المحلي والدفع نحو توريد القمح والشعير، ويضيف الدبابي أن مشيدي البناءات الفوضوية ينعشون أيضا من هذه الحرائق.
وفي هذا السياق اعتبر رئيس بلدية رواد عدنان بوعصيدة في تصريح لـ "سبوتنيك" أن الحريق الذي نشب في غابة سيدي عمر بمحافظة أريانة مفتعل، مؤكدا وجود "لوبيات البناءات الفوضوية التي ترفض تحويل الغابة إلى منتزه عائلي وترفيهي وتسعى إلى تقسيمها إلى مناطق نفوذ لإحداث تجمعات سكنية فوضوية بما يمس من حرمة الملك العمومي الغابي".
في المقابل أكد الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للحرس الوطني حسام الدين الجبابلي، أنه "لا يمكن تحديد ما إذا كانت هذه الحرائق ذات طابع إجرامي أو بسبب ارتفاع درجات الحرارة"، مشيرا إلى استمرار التحقيق في أسباب هذه الحرائق التي اندلعت خلال الأيام الماضية في محافظات مختلفة بالبلاد.
فيما يعتبر المتحدث الرسمي باسم الحماية المدنية معز تريعة، أن الحرائق هذا العام تعتبر منخفضة مقارنة بالسنوات الماضية، مستبعدا أن تكون بفعل فاعل. ورجح أن يكون الارتفاع الملحوظ لدرجات الحرارة السبب الرئيسي وراءها أو السلوكيات الخاطئة للبعض كإلقاء أعقاب السجائر ما يتسبب في إحداث شعلة تنتشر تدريجيا بمفعول الرياح.
تعويضات للمتضررين
وعن الخسائر التي تكبدها الفلاحون، أكد وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري سمير الطيب يوم الإثنين 10 حزيران 2019 أن مصالح المندوبيات الجهوية للفلاحة ستنطلق قريبا في إجراء المعاينات اللازمة للأضرار وتقييم الخسائر التي لحقت بمزارع الحبوب، ليتم تعويض الفلاحين المتضررين من الحرائق الأخيرة.
وأضاف أنه سيتم الإعلان في الأيام القليلة القادمة عن الشركة التي ستتصرف في صندوق الجوائح الذي سيتم من خلاله تأمين وصرف التعويضات لمستحقيها.
كما أكد وزير الفلاحة أنه سيتم لأول مرة استعمال الطائرات بدون طيار لتأمين محاصيل الحبوب، ومراقبة المتسببين الفعليين في اندلاع الحرائق، وذلك بعد أن دربت الوزارة 40 شابا على قيادة هذه الطائرات.
وبين الطيب أن هذه الطائرات ستحلق على امتداد مساحات واسعة من حقول الحبوب في المحافظات المعنية لتأمين المحاصيل "حتى يتحمل كل مسؤوليته في اندلاع الحرائق سواء كانت بفعل فاعل وبدافع إجرامي أو سهوا عن طريق خطأ بشري بإلقاء السجائر".
وأوضح وزير الفلاحة أن "صابة الحبوب مازالت بخير رغم الحرائق التي طالت بضع مئات الهكتارات من إجمالي مليون و309 ألف هكتار من الزراعات الكبرى".
جدير بالذكر أن وزارة الفلاحة التونسية توقعت أن تكون صابة الحبوب لهذا الموسم قياسية بما يناهز 20 مليون قنطار مقابل 14.3 مليون قنطار في الموسم الماضي، وتخصص تونس سنويا ما يقارب 600 مليون دينار لتوريد الحبوب تقدر بمليون و700 ألف طن.