فقبل أيام صعدت أمريكا من موقفها تجاه طهران، بعدما أعلن الرئيس ترامب فرض حزمة جديدة من العقوبات تستهدف مسؤولين بارزين على رأسهم المرشد الأعلى آية الله خامنئي.
التصعيد المتبادل بين طهران وواشنطن ينذر بحسب مراقبين بعواقب وخيمة على المستوى السياسي والعسكري، ومرحلة أكثر خطورة عن السابق.
عقوبات أمريكية
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض حزمة جديدة من العقوبات على إيران تستهدف مسؤولين بارزين على رأسهم المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي.
وأضاف ترامب إن فرض هذه العقوبات يأتي ردا على إسقاط الطائرة الأمريكية المسيرة و"أشياء أخرى"، وتابع بالقول إن خامنئي مسؤول في النهاية عما وصفه "بالسلوك العدائي من قبل النظام".
وقال وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف إن الأمريكيين "يحتقرون الدبلوماسية".
وقال وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشن، إن العقوبات الموسعة تستهدف "منع وصول إيران إلى الأدوات المالية، وتستهدف مكتب المرشد الأعلى وتحتجز أصولا بالمليارات".
وأوضح منوتشن أن بعضا من العقوبات الجديدة كان قد تم تحديده قبل إسقاط الطائرة الأمريكية.
قالت وزارة الخزانة الأمريكية إن "هذه العقوبات تستهدف ثمانية قادة إيرانيين كبار يشرفون على الحرس الثوري وأنشطته الإقليمية الشريرة".
وأضافت الوزارة أن الأمر التنفيذي الذي وقعه ترامب "سيحرم الزعيم الأعلى ومكتبه والمقربين منه ومن مكتبه من الوصول إلى موارد مالية أساسية".
وتزعم الولايات المتحدة بأن خامنئي يمتلك ثروة ضخمة يستخدمها لتمويل الحرس الثوري، وفي عام 2018، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن ثروة خامنئي الشخصية تقدر بنحو 95 مليار دولار أمريكي.
رد إيراني
وأعلن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، أن طهران ستبدأ المرحلة الثانية من تقليص التزاماتها بموجب الاتفاق النووي في 7 يوليو/ تموز القادم.
وقال شمخاني في تصريحات نقلتها وكالة "فارس" الإيرانية: "سنبدأ المرحلة الثانية من تقليص التزاماتنا بموجب الاتفاق النووي في 7 يوليو/ تموز بجدية كبيرة".
وأضاف: "الأوروبيون أظهروا أنهم يعارضون أمريكا في الكلام فقط وعلى الأرض هم يقومون بدعم ضغوط واشنطن على إيران".
ونقلت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية عن متحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية قوله اليوم الأربعاء، بأن إيران ستسرّع من تخصيب اليورانيوم بعد أن تنتهي غدا مهلة ممنوحة للدول الأوروبية كي تتحرك لمنع هذا.
وقال بهروز كمالوندي، المتحدث باسم المنظمة: "مهلة المنظمة الدولية للطاقة الذرية لتخطي حد الثلاثمئة كيلوغرام في إنتاج اليورانيوم المخصب ستنتهي غدا… وبانتهاء هذه المهلة سيتسارع التخصيب".
عض الأصابع
الإعلامي والمحلل السياسي الإيراني، محمد غروي قال إن "هذه المرحلة تعد مرحلة عض الأصابع بين الطرفين الأمريكي والإيراني".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "أمريكا تضغط من خلال فرض عقوبات جديدة، وإيران بطبيعة الحال مقتنعة أن واشنطن هي من بدأت هذا الصراع بخروجها من الاتفاق النووي".
وأشار إلى أن "الصراع القائم لا يمكن لأي سيناريو أن ينهيه سوى عودة أمريكا إلى الاتفاق النووي أولا، ثم عودة العلاقات الاقتصادية، بمعنى رفع العقوبات على إيران".
بغير هذين النقطتين — والكلام لازال على لسان غروي- لا يمكن أن تعود الأمور إلى سابق عهدها، بمعنى أن أمريكا تريد أن تضغط كي تجبر طهران على الدخول في اتفاق جديد، تكون أمريكا فيه الكاسب الأكبر، بحيث يسجل ترامب نقطة إيجابية جديدة قبل الانتخابات.
مرحلة خطيرة
وبشأن الرد الإيراني، قال: "يبدو أن الإيرانيين فهموا هذه اللعبة مبكرًا، وعزفوا على أوتار الانتخابات الأمريكية في هذه المرحلة بالتحديد، وذلك برفضهم للوعود الأمريكية، ومطالب التفاوض".
ومضى قائلًا: "قريبًا ستنتهي الفرصة المتاحة أمام الدول المشاركة في الاتفاق النووي، وتدخل إيران بعدها مرحلة جديدة من تخفيض التزامها بالنووي، وذلك سيؤجج الصراع في المنطقة التي ستدخل في مرحلة أكثر حساسية، وهذا ما يريده ترامب الذي يسير على حافة الهوية في المنطقة، متناسيًا أنها كالبركان، وقد تنفجر في أي لحظة".
وعن سيناريو الحل، مضى قائلًا: "على أمريكا أن تتخذ خطوات من شأنها تخفيض هذا التصعيد، لأنها من بدأت هذه الأزمة وليست إيران".
نجاح إيراني
وأضاف في تصريحات سابقة لـ "سبوتنيك"، أن "ترامب عليه تبني طريقة للوصول إلى حلول بعيدًا عن العنجهية، والتهديدات المسلحة".
وأشار إلى أن "الحرس الثوري يطرح ما توصل إليه من منتجات وأسلحة، لكن القرار السياسي بيد إيران، وهي ملتزمة بعدم التصعيد أو الدخول في حرب، لكن أي عملية تهدد مصالح طهران في المنطقة أو في الداخل الإيراني سيكون له عواقب وخيمة على القوة المعتدية ومن تحالف معها بدون أي تردد".
تطور الأحداث
بدأت الأزمة بعد أن انسحبت واشنطن في مايو/ أيار 2018 من الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي الإيراني الذي تم التوصل إليه عام 2015 لتزداد حدة التوتر بين البلدين، وأعادت واشنطن فرض عقوبات مشدّدة على إيران، خصوصا في قطاع النفط.
وأعقب ذلك سلسلة من الهجمات على ناقلات النفط في الخليج، وقال البيت الأبيض إن إيران تقف وراءها إلا أن طهران نفت الأمر تماماً.
وأعلنت إيران أنها ستستأنف تخصيب اليورانيوم وتتجاوز الحد المتفق عليه في اتفاقية برنامجها النووي.
وبعد مرور بضعة أيام، أسقطت إيران طائرة أمريكية من دون طيار، معللة الأمر بأنها دخلت المجال الجوي الإيراني، إلا أن الولايات المتحدة تقول إن الطائرة كانت تحلق فوق المياه الدولية.
أعادت الولايات المتحدة العقوبات على إيران العام الماضي. وشملت قطاعات الطاقة والشحن والخدمات المالية، فأدت إلى نفور الاستثمار الأجنبي، وتقلص صادرات النفط.
وردت إيران على العقوبات الاقتصادية بخرق بعض التزامات الاتفاق النووي، واتهمت دول الاتحاد الأوروبي بعدم الوفاء بوعودها بحماية طهران من العقوبات الأمريكية.
وتزايدت المخاوف من حدوث مواجهة عسكرية بعد إسقاط الطائرة، والهجمات على ناقلتي نفط في خليج عمان الأسبوع الماضي، وأربع ناقلات أخرى قبالة سواحل الإمارات في 12 مايو/ أيار، قرب مضيق هرمز.