الكثير من القضايا التي تهم الشارع السوداني والمنطقة طرحتها "سبوتنيك" على أحمد تقد أمين عام التفاوض والسلام في حركة العدل والمساواة السودانية في المقابلة التالية:
سبوتنيك: إلى أين وصل الحوار بين الحركات المسلحة وقوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري؟
دخلت الحركات المسلحة في نقاش مع قوى الحرية والتغيير في أديس أبابا حول مسودة الوثيقة المقدمة إلى لجنة الوساطة، وأنها تحتاج إلى تعديلات جوهرية، حيث أغفلت بعض المسائل وفشلت في أن تجمع بين الرأي والرأي الآخر وبشكل الخاص فيما يختص بالقوى الحاملة للسلاح.
بالإضافة إلى ذلك أغفلت المسودة شكل تمثيل الحركات المسلحة وشكل مشاركتها في المرحلة المقبلة وبشكل خاص ما يتعلق بالآليات التي سيتم تشكيلها بعد توقيع الوثيقة على مستوى مجلس السيادة والوزراء والمجلس التشريعي، بالإضافة إلى شكل التمثيل في تلك المؤسسات.
سبوتنيك: ما هي أهم نقاط الخلاف حول الوثيقة؟
هناك الكثير من النقاط الخلافية أو التي لم ترد في الوثيقة، وتناولنا خلال الحوار الآليات التي يمكن عن طريقها تلافي النقص أو الخلاف، وأن يتم إعداد ملحق للوثيقة يتضمن النقاط المتعلقة بالمرحلة الانتقالية ودور الحركات المسلحة، وأن يكون الملحق مكمل للاتفاق الأول الناقص، والذي يحمل الكثير من الإشكالات التي لا تراعي أن القوى المسلحة تختلف عن الثوار في الشارع، حيث نص الاتفاق على أن المناصب الوزارية والقيادية مقصورة فقط على الكفاءات ويترك الاختيار لقوى الحرية والتغيير، ونحن نرى أن هناك قصورا في هذا البند، فقد ظلت الحركات المسلحة على مدى عشرين عاما تقاتل في أطراف السودان، واليوم تريد العودة وأن تكون جزءاً من منظومة الحكم عبر اتفاق سلام شامل وتشارك في الحكومة الانتقالية وبعد ذلك تهيئ نفسها للانتخابات في المرحلة المقبلة.
سبوتنيك: وهل تمنع الوثيقة مشاركتكم في الحكومة؟
الاتفاق المقدم إلى لجنة الوساطة والمقبول لدى الطرفين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير لا يعطي المجال للقوى المسلحة أن تشارك في التمثيل بالحكومة والمجالس، نحن لا ننكر أن الكفاءة مطلوبة، لكن هناك ضرورة لمشاركة قيادات القوى المسلحة في كافة المؤسسات منذ التكوين، الأمر الآخر استثناء الأطراف التي شاركت في الحكومة الانتقالية من الترشح في الانتخابات التي تلي المرحلة الانتقالية يهضم حق القوى المسلحة التي ظلت تقاتل عشرون عاما خارج البلاد، فلا يمكن أن تنتظر الحركات ثلاث سنوات أخرى خارج السلطة ثم تعود بعد ذلك عن طريق الانتخابات، هناك ضرورة لإشراك القوى المسلحة منذ بداية المرحلة الانتقالية، كما أن هناك تساؤلات حول طبيعة تكوين الحكومة الانتقالية وهل تستمر طوال المرحلة الانتقالية، أم أن هناك هناك ضرورة للاتفاق على مرحلة تمهيدية تسبق الفترة الانتقالية من أجل تحقيق السلام أولا ثم تشكل بعدها حكومة انتقالية تمثل بها جميع الأطراف من حاملي السلاح وغيرهم، وتلك نقطة جوهرية بالإضافة لنقاط أخرى كثيرة، لذا حاولنا ترجمة تلك القضايا الهامة بالنسبة للقوى الحاملة للسلاح في شكل ملحق إضافي للاتفاق.
سبوتنيك: تلك النقاط الخلافية والجوهرية كما تقولون هل تم عرضها على قوى الحرية والتغيير أم المجلس العسكري؟
طلبنا من مفوض الاتحاد الإفريقي بأن يدعو الوسيط الإثيوبي والإفريقي للجلوس مع القوى الحاملة للسلاح حتى يسمعوا مواقف ورؤى القوى المسلحة وحتى يتم تضمين الحركات المسلحة في الاتفاق القادم، ولو وصل الطرفان للتوقيع على الاتفاق بهذا الشكل المطروح حاليا، فلا شك أنه اتفاق ناقص ولا يساهم في تحقيق السلام والتوصل إلى مشاركة فاعلة للقوى المسلحة في الحياة السياسية والتي لها دور كبير جدا في عملية التغيير على المستوى النضالي والمشاركة في الشارع.
سبوتنيك: ما هو موقفكم حال تم التوقيع على الوثيقة دون أخذ تعديلاتكم في الحسبان؟
إن حدث هذا سيظل الاتفاق ناقصا لا يعبر عن كل قوى الحرية والتغيير، والحركات المسلحة هي مكون أساسي من مكونات قوى الحرية والتغيير وستعطل عملية السلام وسيكون هناك خلل في التنفيذ، وأعتقد أن الاتفاق لن يرى النور إذا تم تجاهل القوى المسلحة، لذا فهناك ضرورة للصوت الرافض والجلوس معهم لكي تتوصل كل الأطراف إلى توافق جامع وبعدها يتم التوقيع الشامل، وتسير بعدها ترتيبات المرحلة الانتقالية بشكل سلس ودون خلل.
سبوتنيك: لو تم تجاهل الحركات المسلحة.. هل سترفعون السلاح مجددا؟
الحديث عن موقف القوى المسلحة إذا تم تجاهل مطالبها لا يمكن تحديده الآن فكل مرحلة لها خططها وأساليب التعامل معها بالحسابات السياسية أو العسكرية، نحن الآن في مرحلة مفصلية من تاريخ السودان كانت تعاني من الكثير من الحروب والانقسام لسنوات طويلة، ومن مصلحة جميع الأطراف أن تتوصل إلى اتفاق حقيقي يحقق السلام والرخاء للسودان، ويجب أن لا يسيطر أحد أو يهيمن على أي اتفاق، وهذه المرحلة نحاول خلالها معالجة الاختلالات الموجودة في الاتفاق والخروج بوثيقة تعبر عن تطلعات الشعب السوداني بكل مكوناته السياسية المختلفة مدنية او عسكرية.
سبوتنيك: هل لمستم تجاوبا مع مطالبكم كحركات مسلحة خلال حوارات أديس أبابا؟
الحوار ينقسم إلى جزأين، الجزء الأول داخلي بين الحركات المسلحة والتي هي جزء من قوى الحرية والتغير مع الأطراف الأخرى الداخلية، علاوة على ذلك هناك حوار بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري.
سبوتنيك: الحركات المسلحة هل تتوافق فيما بينها على الرؤى التي تفضلتم بالحديث عنها؟
الموقف فيما بين الحركات المسلحة موحد، أما بالنسبة للحركات المسلحة وبقية قوى الحرية والتغيير فهناك تباين في المواقف، ونحاول خلال تلك الحوارات ردم المنطقة الفاصلة بين كل الأطراف.
سبوتنيك: حديثكم على ضرورة المشاركة في المرحلة الانتقالية.. هل يعني ذلك العودة لنظام المحاصصة؟
نحن نريد شراكة حقيقية ولا نريد محاصصة، بل هناك ضرورة لمشاركة القوى التي ساهمت في التغيير بأن يكون لها دور في صناعة القرار، يدور الحديث حول ضرورة أن تكون الحكومة القادمة من الكفاءات، لكن المثير للقلق أن الحرية والتغيير يريدون السيطرة على الحكومة وأن يتم تعيين أفراد محسوبين عليها، وبالتالي تصبح الحكومة تابعة للحرية والتغيير وليست حكومة كفاءات، في نفس الوقت الذي شاركت فيه كل القوى السودانية في عملية التغيير بما فيها القوى المسلحة، وهناك ضرورة للمحاصصة في تلك الحالة التي لا يتم فيها الاتفاق على كيفية تشكيل الحكومة الانتقالية والأطراف الممثلين لها وطبيعة الشخصيات التي سوف تشغل مقاعد تلك الحكومة، أضف إلى ذلك شكل الحكومة وهل هي حكومة كفاءات خالصة بعيدة عن الانتماءات السياسية، وهو الأمر الصعب تحقيقه، في ظل وجود قوى سياسية تريد السيطرة على القرار السياسي عبر لافتات الكفاءة الوطنية، كل المطلوب الاتفاق الآن على تقسيم السلطة، حتى في المجلس السيادي، هناك 5 عسكريين و5 مدنيين وشخص مستقل، والسؤال من الذي سيختار هذا الشخص، فإذا رشحته القوى المدنية فما هي المعايير التي يتم ذلك على أساسها، وكذلك بالنسبة للمجلس العسكري، وفي كل الأحوال الأمر يحتاج إلى مزيد من التدقيق من أجل التوصل إلى اتفاق حول كل القضايا مثار الاهتمام بين كل الأطراف، وإذا تركت الأمور بهذا الشكل فلا يمكن أن ينتج عن ذلك استقرار وتنمية.
سبوتنيك: برأيكم ما هو سبب تأخر التوقيع على الوثيقة بين الحرية والتغيير والمجلس العسكري؟
يرجع هذا إلى عدم التوافق بين قوى الحرية والتغيير وما طرحته لجنة الوساطة، علاوة على عدم الاتفاق بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري في بعض القضايا والتي تحتاج إلى فترة زمنية للمعالجة، والإسراع في التوقيع على وثيقة غير محل إجماع ستعيد الثورة إلى المربع الأول.
سبوتنيك: برأيك متى سيتم التوقيع بين العسكري وقوى الحرية والتغيير؟
عندما تم اللقاء أمس السبت بمفوض الاتحاد الإفريقي، قمنا بنقل الموقف كاملا للمفوض وطلبنا منه أن يقوم بدعوة الوسيط للجلوس مع كافة الأطراف المكونة لقوى الحرية والتغيير، لأن الوفد الذي يفاوض المجلس العسكري عبر الوسيط، ليس وفدا مخولا ومعبرا عن كل مكونات قوى الحرية والتغيير، وهو ما يمثل اختطاف للقرار السيادي داخل قوى الحرية والتغيير من قبل مجموعة ودائرة ضيقة غير ممثلة لكل المكونات، وهذا الوفد هو الذي وصل لتفاهم وتوافق مع المجلس العسكري دون الرجوع إلى مركز اتخاذ القرار على المستوى الكبير، لذا على الوسيط أن يرجع إلى القيادة المركزية لقوى الحرية والتغيير ومن ثم التباحث حول الخلافات والنظر في النص المقدم من الوسيط ودراسة مطالب ومواقف القوى المسلحة المغيبة تماما عن صناعة القرار داخل الوفد المفاوض حتى يتم تضمينها في الاتفاق أو إجراء بعض التعديلات حتى تكون الوثيقة الأخيرة محل قبول من الجميع وتعبر عن مكونات قوى الحرية والتغيير مجتمعه وبعدها يتم تقديمها للمجلس العسكري للحوار حولها.
سبوتنيك: هل يمكن أن تدعم الحركات المسلحة المجلس العسكري على حساب القوى الثورية أو تتحالف معه؟
حتى هذه اللحظة المجلس العسكري طرف والمعارضة التي نحن جزء منها طرف آخر، لكن إذا استمر الوفد المفاوض الممثل للحرية والتغيير في تجاهله وعدم السماع للصوت الآخر من المعارضة، فليس هناك خيار أمام المعارضة المسلحة سوى التوجه مباشرة وتطلب الجلوس والتفاوض مع المجلس العسكري والاتفاق معه، وهنا سيكون هناك أكثر من اتفاق يعقد المشهد ويربك الأمور بشكل واضح، وهذا ليس في مصلحة الانتقال السياسي في البلاد، والأمر مفتوح على كل الاحتمالات ولكننا نعطي الأولوية للتفاهم الإيجابي مع بقية قوى الحرية والتغيير حتى نتمكن من حل الخلافات الداخلية كمكون جامع ومن ثم نجلس كقوى حرية وتغيير مع المجلس العسكري للنظر في طبيعة المرحلة المقبلة، وإذا لم يتم الاتفاق فإنه من حق أي طرف الجلوس منفردا مع المجلس العسكري وهنا تتشتت القوى وتتعقد الأمور.
أجرى الحوار - أحمد عبد الوهاب