يقول الحرفي عبد القادر غصيب البالغ من العمر 70 عاماً أمضى منها 55 يحيك المنسوجات خلف نوله الخشبي "إن حرفة الحياكة على النول أقدم حرفة بالتاريخ، وحلب أقدم مدينة بالعالم اشتهرت بالمنسوجات منذ آلاف السنين، وكانت المنسوجات بأنواعها المختلفة تصدر من حلب إلى مختلف أنحاء العالم."
ويضيف غصيب : "لقد ورثت هذه الحرفة عن أبي وأجدادي، وما أعرفه أن أحد أجدادي كان منذ نحو 400 سنة واحداً من بين أربعة حرفيين يعملون بهذه المهنة في مدينة حلب، وذلك في خضم الاحتلال العثماني للبلاد، وقبل اندلاع الحرب منذ سنوات، شكلت حلب المصدر الأساسي للخيوط الضرورية لإنتاج المد العربي."
ويشرح الحرفي المبدع غصيب عن آلة النول التي ظل جليسها لعشرات السنين فيوضح أن هناك أنواعا مختلفة من "النول" كل منها يختص بصناعة أنواع من المنسوجات، إلا أن النول الذي يعمل عليه يسمى "النول العربي" ويختص بحياكة العبي والبسط والسجاد المعروف باسم "المد العربي"، وهي منتجات حلبية حظيت بشهرة عالمية خلال مئات السنين.
ويشير الحرفي غصيب إلى أن منتجات نوله الخشبي عادت خلال السنتين الأخيرتين لتلاقيا رواجا جيداً بعد سنوات الحرب الطويلة التي كادت تقضي على هذه المهنة.
يتابع بقوله: "تدخل في صناعة النول أنواع مختلفة من الأخشاب، فلكل جزء منها نوع مفضل، كخشب المشمش وخشب التوت والزان والسنديان وغيرها. فالمكوك مثلاً، تفضل صناعته من خشب المشمش الذي يتصف بنعومته، وهو خشبة مستديرة مفروزة من الوسط وقد صُفّت في الفرزة أخشاب صغيرة، وهي القطعة التي تضم الخيوط الفاصلة ويرميها الحائك من الجهة اليمنى لتصل إلى الجهة اليسرى، ويعاود رميها من اليسار إلى اليمين بعد ضم النسيج بالمشط، أما "المرد" الذي يرد الغزل نحو الأعلى، فهو غالبا ما يكون عظمة ماعز وقد وضعت إلى يمين الحائك وشماله لشد السيفين والرمح المصنوعين من خشب السنديان، أما الدفة المتحركة التي يُدق بها القماش بعد كل مرة يضاف خلالها خيط من الخيوط المنسوجة بالعرض فهي مصنوعة من خشب الزان لمتناته، وهناك النير المصنوع من قطعتين خشبيتين يصل بينهما صف من الخيوط تمر به خطوط السدود فتفضل صناعته من خشب السنديان القاسي. يجلس الحائك بمكان مخصص لجلوسه داخل حفرة يقوم فوقها النول، ويبدأ بالعمل والشد وبنسج رسومات وزخرفات على المنسوجات، القطنية أو الصوفية أو الحريرية، مستخدماً خبرته ذوقه الرفيع في اختيار الأشكال والألوان."