وتقول المصادر إن الوسطاء كانوا ينقلون الرسائل سرا بين واشنطن وطهران منذ شهور، على أمل تشجيع الطرفين على التحاور في وقت يتزايد فيه العداء بينهما بسبب مجموعة من القضايا.
وقال مصدر مطلع على هذه المراسلات لـ"رويترز"، طالبا عدم ذكر اسمه: "أفغانستان إحدى المناطق التي توجد فيها أرضية مشتركة".
ورفض البيت الأبيض التعليق، ولم ترد وزارة الخارجية الأمريكية على طلبات للحصول على تعقيب.
وتنفي إيران رسميا وجود أي محادثات سرية مع الولايات المتحدة بشأن أي موضوع.
ويجمع الولايات المتحدة وإيران الاهتمام بضمان ألا يؤدي خروج قوات أجنبية تقودها الولايات المتحدة وقوامها أكثر من 20 ألف جندي إلى انزلاق أفغانستان إلى حرب أهلية تعيد حكم طالبان المتشدد، أو تسمح بتمدد تنظيم القاعدة أو غيره من الجماعات الإسلامية المتطرفة هناك.
ويقول خبراء إقليميون إنه علاوة على ذلك، تريد إيران التي تكبل العقوبات الأمريكية اقتصادها، أن تتجنب فرار الأفغان إليها إذا حدث تصاعد في إراقة الدماء، كما حدث على مدى عقود من الحرب الدائرة في الدولة الواقعة في آسيا الوسطى.
ولدى ترامب وطهران مصلحة مشتركة أخرى إذ يريد كلاهما خروج القوات الأمريكية من أفغانستان.
ومع ذلك لا توجد مؤشرات على أن طهران أو واشنطن على استعداد لتنحية الخلافات بشأن البرنامج النووي الإيراني والأنشطة والتحالفات الأمريكية والإيرانية في الشرق الأوسط جانبا من أجل التعاون في أفغانستان.
وأوضحت إحدى الرسائل إلى واشنطن والتي اطلعت عليها "رويترز" مخاوف طهران من مفاوضات تجريها إدارة ترامب مع حركة طالبان بشأن انسحاب القوات الأمريكية ومحادثات أفغانية-أفغانية حول تسوية سياسية.
وقال مسؤول إيراني كبير في الرسالة إن الدبلوماسي الأمريكي المخضرم المولود في أفغانستان زلماي خليل زاد أخطأ حينما دفعه "الحماس المفرط إلى انتهاج مسارات مختصرة والتحدث مباشرة مع طالبان".
وقالت الرسالة إن هذا النهج منح "تفوقا سياسيا" لحركة طالبان في الوقت الذي تحقق فيه مكاسب عسكرية. وأضافت أن قادة طالبان أخبروا محاوريهم الإيرانيين أنهم "لن يقبلوا أي شيء أقل من حكومة تهيمن عليها طالبان" تحكم "إمارة إسلامية".
ولطالما ساور إيران القلق من حركة طالبان. وكادت أن تخوض حربا أثناء حكم طالبان عندما قتل متشددون ثمانية دبلوماسيين إيرانيين على الأقل وصحفيا إيرانيا عام 1998.
قناة سرية
سيمثل الاتصال المباشر بين إيران والولايات المتحدة تناقضا صارخا مع التوترات التي دفعتهما إلى حافة المواجهة العسكرية بعد أن أسقطت طهران طائرة مسيرة أمريكية في الخليج في يونيو/ حزيران، ثم تراجع ترامب عن شن هجمات جوية انتقامية على الساحل الإيراني.
وذكر مصدران على دراية بالموقفين الأمريكي والإيراني أنه رغم استعداد إيران للمحادثات، فهي تريد على الأقل تعليق العقوبات الأمريكية التي تستهدف وقف صادراتها النفطية وهي المصدر الرئيسي لإيرادات طهران.
وقالت الرسالة إن المسؤولين الإيرانيين يعتقدون أنه يجب وضع عملية سلام جديدة تلعب فيها الحكومة الأفغانية، المستبعدة من المحادثات بين الولايات المتحدة وحركة طالبان في قطر، دورا "مهيمنا".
وقالت المصادر إن عددا من الجهود التي تبذل سرا مدفوعة بالأمل في أن يؤدي التعاون بشأن أفغانستان إلى إجراء مفاوضات لتخفيف التوترات التي تفجرت بعد أن أعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الدولي الموقع عام 2015. ويهدف الاتفاق إلى منع إيران من تطوير سلاح نووي مقابل تخفيف العقوبات.
لكن مصدرا مطلعا على الموقفين الأمريكي والإيراني قال إنه إذا اعترفت واشنطن بالمصالح المشتركة في أفغانستان وكانت "مستعدة للتحدث مع إيران على قدم المساواة بشأن هذه المصالح فحينئذ ستتحدث إيران مع الولايات المتحدة". وأضاف المصدر أن كل ما تحصل عليه إيران الآن من الولايات المتحدة هو الانطباع بأنه لا توجد مصالح مشتركة.
وأشار مصدر طلب عدم ذكر اسمه إلى أن وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون يعارضان أي تخفيف للعقوبات على إيران، كما رفضا إجراء أي محادثات بشأن أفغانستان لاعتقادهما بأن طهران ستذعن للمطالب الأمريكية. وأحجمت الخارجية الأمريكية عن التعليق.
وذكر مسؤول أفغاني سابق أنه منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2001 للإطاحة بحكومة طالبان، أقامت إيران علاقات مع طالبان يمكن أن تستخدمها للمساعدة في التوصل إلى تسوية سلمية وانسحاب القوات الأمريكية.
وقال علي جلالي، الذي شغل منصب أول وزير داخلية لأفغانستان بعد الإطاحة بطالبان، إن إيران "يمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة... هذه فرصة جيدة جدا لإيران".
وتحافظ طهران على اتصالات رفيعة المستوى مع طالبان وهي ملاذ لعائلات بعض المتشددين. وزودت المتشددين بكميات محدودة من الأسلحة للضغط على القوات الأمريكية بالقرب من حدودها، حسبما يقول مسؤولون غربيون.
واتهم بومبيو إيران بأنها "متواطئة" مع طالبان. لكن بعض الخبراء الإقليميين يعتقدون أن طهران تلتزم جانب الحذر تحسبا لعودة المتشددين إلى السلطة. كما ترى طالبان كقوة مضادة لذراع تنظيم الدولة الإسلامية في أفغانستان.