نبيل القروي رجل الأعمال المثير للجدل الذي ساند حزب نداء تونس في انتخابات 2014 والذي ظل إلى وقت قريب ينشط في مجال الأعمال الخيرية قبل أن ينتقل إلى عالم السياسة ويعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها، ظل لوقت طويل متصدرا لنسب سبر الآراء التي تم إجرائها قبل الحملات الانتخابية، وقيس سعيد أستاذ القانون الدستوري والذي على الرغم من أنه لا يحمل أي رصيد سياسي ولا تقف وراءه ماكينة حزبية ورفض التمويل العمومي الذي تمنحه الدولة للمرشحين للقيام بحملاتهم الانتخابية. وصول هذين المرشحين الاثنين إلى الدور الثاني شكل صدمة للطبقة السياسية من جهة ولكنها مثلت نتيجة متوقعة بالنسبة لعدد من الأوساط الشعبية.
دلالات النتائج الأولية للانتخابات
يقول الكاتب الصحفي حسان العيادي في تصريح لسبوتنيك "أن الناخبين في هذه الانتخابات قد قاموا بمعاقبة المنظومة الحاكمة باسلامييها و القوى الوسطية أيضا".
ويضيف العيادي "الذين انتخبوا القروي كانوا في علاقة زبونية معه، حسموا اختيارهم للمرشح بناء على ما حصلوا عليه، أما في ما يتعلق بناخبي قيس سعيد فهم أكثر وعيا، كان جل تركيزهم في معاقبة المنظومة الحالية ومنظومة الأحزاب الموجودة في تونس التي فقدوا الثقة فيها".
بدوره اعتبر المختص في علم الاجتماع عبدالستار السحباني أن هذه النتيجة كانت منتظرة و إن كانت ليس بنفس الدقة خاصة بالنظر إلى ظروف الحملة الانتخابية .
يقول السحباني في تصريح لوكالة "سبوتنيك": "هي نتيجة طبيعية بالنظر إلى الصراع الكبير بين القوى الحداثية و تشتت حزب نداء تونس هذا اضافة إلى صراع الاسلاميين في ما بينهم وهو ما ترك المجال إلى المتسللين"، وأكد السحباني أن سعيد أعطى خطابا مطمئنا جدا للمجموعات المحافظة من خلال موقفه الرافض لمسألة المساواة في الميراث و المثلية الجنسية وهو ما زاد في نسبة حظوظه في المرور للدور الثاني من الانتخابات.
تراجع الإسلام السياسي
من جانب آخر حصل المرشح عبد الفتاح مورو مرشح حركة النهضة الاسلامية على المرتبة الثالثة بنسبة 13.2 بالمائة. هذه النتيجة تؤكد الفرضية القائمة على تراجع الإسلاميين المتواصل منذ سنة 2011 حيث حصلت حركة النهضة الإسلامية آنذاك على 89 معقدا لتتراجع سنة 2014 وتحصل على 69 مقعدا كما أن نتائج الانتخابات البلدية لسنة 2018 تعتبر مخيبة للىمال بالنسبة للحركة بسبب إكتساح المستقلين و تعتبر الانتخابات الرئاسية لسنة 2019 أوضح حلقة في هذه التراجعات المتواصلة للاسلام السياسي.
القيادي في حركة النهضة ومدير حملة مرشحها عبد الفتاح مور، سمير ديلو رفض النتيجة في البداية ، معتبرا أنها لا تتعدى أن تكون مجرد عمليات سبر أراء قابلة للخطأ.
من جهته اعتبر الكاتب الصحفي حسان العيادي أن تراجع النهضة له تفسير واحد وهي انخراطها في منظومة الحكم التي تم معاقبتها من خلال التصويت الأخير.
نتيجة طبيعية بالنسبة لفئة من الشعب التونسي
مروان النكاعي 36 سنة عامل بأحد مراكز الاتصال قال إنه سعيد جدا بهذه النتيجة، على الرغم من أنه لم ينتخب أي من المرشحين الاثنين إلا أنه يرى أن انهيار المنظومة الحاكمة رغم الأموال الضخمة التي تم توظيفها في الحملة الانتخابية.
و يرى مروان في حديثه لسبوتنيك أن النتيجة على تحمل في طياتها نوعا من الخطورة بسبب شخصيات المرشحين فالأول تتعلق به شبهات فساد ويقبع حاليا في السجن و الثاني ليس له أية علاقة بالعمل السياسي وهو ما من شأنه مزيد تعقيد المشهد السياسي على حد تعبيره.
ويضيف مروان "أعتقد أن هذا سيكون عقابا و يدفع الجميع إلى الايمان بالعمل الفعلي و ليس بإطلاق الوعود الكاذبة".
من جانب آخر قال محمد المستوري شاب يبلغ من العمر 27 سنة عامل حراسة بأحد المحلات التجارية الكبرى يقول محمد أن هذه النتيجة أفضل نتيجة بالنسبة للتونسيين.
ويتابع محمد "أعتقد اليوم أننا على الطريق الصحيح، لقد انتخبت قيس سعيد و أن مؤمن باختياري جدا ، فهو مثقف ومستقل ورجل نظيف ومحافظ و يمتلك نفس التوجهات التي أحملها كما أنه لم يقم بإعطاء وعود وهمية لا يستطيع تحقيها".
الدور الثاني: السيناريوهات المحتملة
قال أستاذ القانون العام الأستاذ رابح كرايفي في تصريح لسبوتنيك أنه في حال فوز نبيل القروي بالدور الثاني في الانتخابات الرئاسية وهو في حالة إيقاف فلن يستطيع أداء اليمين الدستورية، وبالتالي لا يمكن أن يكون رئيسا للجمهورية لأن الفوز بالرئاسة لا يمكن أن يوقف التتيع الجزائي ولا يعلقه أو يؤجله.
ويضيف أستاذ القانون "في حال هذه الفرضية سيجد التونسيون أنفسهم في ظرف ستين يوما من إعلان النتائج النهائية أمام حالة شغور في رئاسة الجمهورية، الذي ستعاينه الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين، وبالتالي فان الاحتمال الأقرب حسب الدستور أن يقوم رئيس الجمهورية المؤقت بالدعوة إلى انتخابات رئاسية ثانية سابقة لأوانها".
ويرى أغلب المحللين أنّ هذه النتائج إنما تعكس غضبا شعبيا أنتج ثورة عبر صندوق الاقتراع ضد كل ممثلي المنظومة الحاكمة فكانت النتيجة أن تمت إزاحة هذه الطبقة ومعاقبتها عبر صندوق الاقتراع في انتظار ما ستفرزه الانتخابات البرلمانية التونسية المزمع إجرائها في 6 من تشرين الأول/أكتوبر المقبل.