يحمل علماء الاجتماع وخبراء التربية والسلوك والصحة النفسية وسائل الإعلام النصيب الأكبر من المسؤولية لدورها البارز في تنامي ظاهرة العنف لدى المراهقين، فالبرامج الإعلامية، وخصوصا التلفزيونية، تقدم لهم عينة من التصرفات الخاطئة، مثل العنف الذي يشاهده المراهق لمجرد التسلية والإثارة، قد ينقلب في نهاية التسلية والإثارة لواقع مؤلم بفعل التأثير السلبي القوي والفعال لوسائل الإعلام لتجسيد العنف بأنماطه السلوكية المختلفة.
تجارة العنف
قالت الدكتورة سهير، لطفي أستاذ علم الاجتماع في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر، إن العنف الذي نشاهده اليوم في مجتمعاتنا وبين فئة الشباب والمراهقين بصفة خاصة هو نتاج طبيعي للوضع المحيط بنا من جميع الجوانب وفي كل ثانية من حياتنا سواء في الإعلام أو في الوقائع، وتحول إلى تجارة في الميديا وحتى في ألعاب الاطفال.
وأضافت أستاذ علم الاجتماع لـ"سبوتنيك"، أصبحت آليات تكوين الثقافة في المجتمع هى العنف وتحول هذا العنف إلى تجارة، فالطفل الصغير الذي بدأ يدرك بعض الأشياء عندما يمسك بالهاتف تجده يشاهد العنف والقتل والدماء، بمعنى أننا قمنا بتغذية الطفل بمادة العنف، فما الذي يمكن أن تنتجه هذه الثقافة سوى العنف داخل الأسرة وفي المجتمع.
تنشئة أسرية
وأشارت لطفي، إلى أن التربية في الأسرة قد يكون لها دور أيضا في التنشئة العنيفة للطفل، ففي بعض الأحيان يستخدم الأباء العنف مع الطفل خوفا عليه وفي أحيان أخرى يقومون بضربه، ولو سألت الطفل لماذ عنفك أبويك تكون الإجابة "لا أعرف"، وهنا يتشأ الشاب على العنف وقد يستخدمه ضد الغير بلا مبرر.
أدوات التربية
وطالبت لطفي بضرورة البدء بالتنشئة السليمة وتغيير تدريجي في البيئة المحيطة سواء كانت ثقافية أو إعلامية والبدء من الأسرة صعودا للمجتمع بالكامل، لأن الاستمرار بتلك التغذية العنيفة للأطفال سيزيد من وتيرة العنف بالشارع بشكل قد يصعب عملية السيطرة عليه مستقبلا.
مشاعر مكبوتة
وحول الأسباب الصحية والنفسية التي ترافق الشاب حال إرتكاب واقغة العنف ضد الآخرين، قال الدكتور عبد الله غازي استاذ الصحة النفسية لـ"سبوتنيك"، الذين يمارسون العنف في فترات متأخرة من حياتهم أو في بداية حياتهم أو في مرحلة المراهقة، لو بحثنا في الدوافع نجد أن هؤلاء الأشخاص قد تعرضوا للعنف في الصغر، من جانب والديه أو قسوة من المحيطين به، هذا العنف يولد شعور مكبوت داخل الطفل في مراحل حياته فإما يظل مكبوتا أو ينتقل للخارج "المحيطين به"، ويتحول هذا الشخص إلى العنف مع الآخرين.
مضاد للمجتمع
وأضاف أستاذ الصحة النفسية، والنوع الأخر من الشخصيات العنيفة وهى ما يطلق عليها إصطلاحا "الشخصية المضادة للمجتمع" وهى شخصية عنيفة تمارس العنف وتتلذذ به لإثبات ذاتها أو للشعور بالسيطرة لكي يتحدث عنه الناس ويعجب الآخرين.
سيكوباتي
القيم والأخلاق
وأشار أستاذ الصحة النفسية إلى أن القيم المجتمعية قد تختلف بين الطبقات، وقد ظهر بشكل واضح جدا الفروق بين الطبقتين في الحادث الأخير الذي قام فيه شاب من طبقة ثرية بقتل شاب من طبقة شعبية نتيجة انتصار الأخير للقيم والأخلاق التي قد لا تكون متواجدة لدى الآخر ويستهين بها وكل ما يعنيه اشباع رغباته وملذاته ومن يعترضه يقدم على إيذائه حتى الموت كما حدث مؤخرا.
وقالت منظمة اليونيسف عبر موقعها على شبكة الإنترنت تحت عنوان "القضاء على العنف" إن كل 7 دقائق يٌقتَل مراهق بسبب عملٍ من أعمال العنف، وما يقرب من 3 بين كلّ 4 مراهقين لقوا حتفهم نتيجة للنزاع في عام 2015 كانوا يعيشون في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا،
ما يقرب من 1 بين كلّ 2 من الضحايا الإناث قُتلت على يدِ أحد أفراد الأسرة أو شريك حميم، وما يقرب من 2 من بين 3 وفيات عنيفة للمراهقين كانت نتيجة جرائم القتل في عام 2015.