القصف العنيف الذي تنفذه قاذفات ومدفعية الجيش التركي على قرى وبلدات شمال، إلى جانب الممارسات الهمجية للميلشيات الموالية له، ساهما إلى حد بعيد في جعل النزوج قرار لا خيار فيه، حتى لتلك العوائل التي كانت تفكر بالبقاء خوفها على أملاكها من النهب، ناهيك عن تدمير قرى بالكامل وتهتيك البنى التحتية والمرافق العامة في البلدات الكبيرة.
على الضفة المقابلة، ومع تهجير عشرات الآلاف من بلداتهم وقراهم الآمنة التي طالها العدوان، باتجاه المناطق الداخلية في شمال شرق سورية، تصاعدت حدة الضغوط على الجهات الحكومية المحلية لتقديم الاحتياجات لهم في ظل غياب شبه كامل للمنظمات الدولية العاملة في المحافظة منذ سنوات.
مدير "مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل" الحكومية في محافظة الحسكة، عصام رشيد الحسين، قال في تصريح لمراسل "سبوتنيك" بأن "أعداد النازحين والمهجرين الذين تم إحصائهم رسميا من المناطق الشمالية من محافظة الحسكة، التي تشهد عدواناً تركياً على طول الشريط الحدودي مع تركيا من مدينة رأس العين غرباً إلى منطقة عين ديوار في أقصى الشمال الشرقي من محافظة الحسكة، بلغ 164 ألف شخص وفق بيانات الفرق الإغاثية، منهم من هو مقيم في مراكز الإيواء فيما العدد الأكبر تمت استضافتهم لدى المجتمع المحلي، مع استمرار زيادة الأعداد نتيجة استمرار العدوان التركي".
وتابع الحسين بأن النزوح توزع على شقين: أولهما "نزوح كوارث"، وهذا ينطبق على سكان مدينة رأس العين وريفها والذي تجاوز عددهم 70 ألف نازح، وينطبق أيضاً على سكان مدينة الدرباسية وعلى جميع سكان القرى والبلدات الحدودية، في حين كان هناك "نزوح احترازي" وهذا ينطبق على سكان مدن عامودا والجوادية والقحطانية والمالكية والقامشلي.
وبين مدير "الشؤون الاجتماعية" الحكومية بأنه تم افتتاح /39/ مركزاً للإيواء تتوزع في مدينتي الحسكة والقامشلي وبلداتي تل تمر ومعبدة، تستضيف أكثر 1428 عائلة نازحة مكونة من 7140 فرد، حيث نستمر بتوزيع المواد الغذائية وسلال الطوارئ عليهم، إضافة لإنشاء ثلاثة مطابخ أهلية من قبل الجمعيات الخيرية، كما يتم توزيع مياه الشرب عبر صهاريج المياه والمياه المعدنية مع تجهيز الآبار، وتخصيص فرق صحية متكاملة ومتابعة الحالات الاسعافية الطارئة عن طريق الجمعيات الأهلية والهيئات الدينية والهلال الأحمر العربي السوري.
أزمة مياه الشرب
وتشهد محافظة الحسكة أزمة مستمرة في قطاع المياه جراء تتالي الاستهداف التركي للمحطات ولشبكات التغذية.
ويؤكد مسؤول الإغاثة في فرع الهلال الأحمر العربي السوري عمار الديري لـ "سبوتنيك" بأنه تم العمل على إضافة خزانات المياه وتعبئتها بشكل يومي وتوزيع عبوات مياه بمعدل كل عائلة طرد أو طردين أيضا للأهالي بهذه المراكز من خلال مشروع المياه بالهلال فرع الحسكة.
إلا أن الأمر لا يزال محفوفا بالمخاطر، إذ يقول الديري: هدأت المخاوف من أزمة المياه في المنطقة بعد أن تم للتنسيق والمتابعة وإنجاز مهمة الوصول لمحطة علوك المصدر الوحيد لمياه الشرب لمدينة الحسكة برفقة ورشات الكهرباء والمياه وتم إصلاح العطل الناجم عن العملية العسكرية، إلا أن خروج محطة الدرباسية عن الخدمة حال دون تشغيل المحطة وضخ المياه، مستدركا بأن "العمل جار حالياً إلى تحقيق وصول مستدام للمياه، سيعلن عنه قريباً.
ووفق إحصائيات تقريبية، يقدر عدد سكان محافظة الحسكة بنحو 2 مليون نسمة، نصفهم يعيشون في مدينة الحسكة وريفها القريب وبلدة تل تمر، ولا تتوافر إحصائيات رسمية بهذا الشأن ضمن منطقة عانت الكثير من التهجير والنزوح الداخلي والخارجي.
ويواصل متطوعو الهلال الأحمر العربي السوري - فرع الحسكة، عمليات توزيع المواد الإغاثية للسكان النازحين من المناطق الحدودية إلى مراكز الإيواء بمدينة الحسكة، وفي مدن رميلان ومعبدة.
وأوضح الديري بان أعداد العائلات المستفيدة ضمن هذه المراكز وصل إلى 1194 أسرة، قُدِّم لها المواد الإغاثية التالية (1372 سلة معلبات، 3994 فرشة و7364 بطانية، 500 سلة معلبات ) بالتعاون مع لجنة الإغاثة في المحافظة.
وتابع الديري كما يواصل المتطوعون توزيع المواد الإغاثية للعائلات النازحة التي تم نقلها من مخيم المبروكة الحدودي إلى مخيم العريشة، حيث تم توزيع 1078 سلة معلبات و150 طرد بسكويت، منذ بدء الاستجابة وحتى تاريخ 15 تشرين الأول، علماً أن هذه المواد مقدمة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر وبرنامج الأغذية العالمي.
كما تم إحداث نقطة إسعاف بالقامشلي ورفع الجاهزية بقسم الإسعاف بالحسكة والقامشلي على مدار24 ساعة منذ اليوم الأول، وذلك بمشاركة 200 متطوع وبمؤازرة من باقي الأقسام.