هل باتت الحكومة في موقف يسمح لها بان تتخذ القرارات المناسبة في ظل هذا الانقسام الرسمي وعدم وجود موقف موحد للكتل السياسية وحراك غير منضبط أو بالأحرى غير منظم؟
هل يمكن إعتبار استقالة الوزراء تصرفا صحيحا أم أنها قد تنعكس سلبيا على الوضع العام؟
الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد تستوجب ظروفاً استثنائية، كيف يمكن أن تخلق هذه الظروف لمنع ذهاب البلاد نحو الفراغ السياسي ومنه إلى الفوضى الكبيرة؟
كثيرون يتحدثون عن طبخة ما يتم التحضير لها وبعض زعماء وقادة الأحزاب والكتل السياسية متهمون بالمشاركة فيها، لكن لم يقدم أحد صورة واضحة عن ما يمكن أن يحدث فعليا، وكيف ولأي هدف؟
هل تقبل الحكومة بالمطالبات برفع السرية المصرفية؟
حول هذه المستجدات المتسارعة التي يرافقها تظهير متدرج للأسباب التي تقف وراءها، قال أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية الدكتور جمال واكيم أن
"هناك أسباب عديدة للأزمة الحالية، ولكن السبب الأساسي هو السياسات المالية والاقتصادية التي اعتمدتها الطبقة السياسية والطبقة الإقتصادية المهيمنة على القطاع المصرفي و الإقتصاد اللبناني بشكل عام، والتي سخرت هذا الإقتصاد لصالحها ولصالح مصالحها على مدى العقود الماضية. هذه السياسات وصلت إلى حدها الأقصى، لأنها ضربت قطاعات الإنتاج في الصناعة والزراعة وعززت الإستيراد على حساب التصدير وربطت الليرة اللبنانية بالدولار ما جعل البلاد تستند على عمليات مضاربة يعني تعتمد بالدرجة الأولى على المدخول الوطني، على ما يرسله اللبنانيون في الخارج، وفي نفس الوقت على المضاربات المالية التي تدور حول بعضها تساؤلات مرات، إضافة إلى المال السياسي" .
أما عن إمكانية وقدرة الحكومة على الامساك والتحكم بزمام الأمور بعد استقالة بعض الوزراء قال واكيم:
" الآن المسألة ليست مسألة حكومة، المسالة هي مسألة طبقة سياسية أوصلت البلاد إلى طريق مسدودة، لا يمكن لأي تغيير حكومي أن يعالج المشكلة، معالجة المشكلة تكمن في إعادة هيكلة البلاد بطبقة سياسية جديدة، لأن هذه الطبقة السياسية الحالية سقطت. هناك احتمال وحيد بأن تعود هذه الطبقة السياسية عبر إثارة قلال وحرب أهلية تسيل بها دماء اللبنانيين كما حدث في الحرب الأهلية، والتي لم تكن بطبيعة الحال حرباً بين الطوائف، بل دينامية الحرب الأساسية الأهلية كانت إرهاباً موجهاً من قبل الأثرياء ضد الفقراء، وهناك سبب آخر للأزمة وهو العقوبات الإقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على المصارف والتي حدة من قدرتها على المناورة المالية.
وأردف واكيم أن السبب الثالث لتفجير الأزمة هي رغبة الولايات المتحدة بممارسة ضغوط سياسية عبر حلفاء لها، من ضمنهم القوات اللبنانية، وجماعة وليد جنبلاط "الحزب التقدمي الاشتراكي"، لزعزعة الأوضاع في مواجهة رئيس الجمهورية ميشيل عون، كل هذه العوامل هي التي أدت إلى الانتفاضة التي نراها في الشارع الآن، وخصوصاً أن السياسات التي كانت تعتمدها الحكومة كانت تزيد من الضرائب على الفقير وتفعي الأغنياء وتعفي من نهب وسرق وفرض احتكارات، وحالياً تقول بعض التسريبات بأن الحكومة ستتخذ إجراءات مالية صارمة بحق المصارف وتفرض عليها ضريبة وهو ما كانت ترفضه في السابق".
وأضاف واكيم:
المتظاهرون رفعوا سقف المطالبات، هم يطالبون بالقبض على جميع من تولى المسؤولية في لبنان منذ ثلاثين عاماً وحتى الآن. السقف أصبح عالي جدا لدى المتظاهرين هم يريدون أن يتم التحقيق مع كل من تولى المسؤولية ويطالبون بإستعادة المال المنهوب والمقدر بعشرات المليارات من الدولارات، لبنان تعرض لعملية نهب غير مسبوقة في تاريخ الدول من قبل أفراد لايتجاوز عددهم 100 شخص ، وبالتالي الورقة الإصلاحية التي سيقدمها رئيس الحكومة والضرائب التي سيفرضها على المصارف، ورفع السرية المصرفية، المكشوفة أصلاً بالكامل للولايات المتحدة بحجة ذرائع من بينها مكافحة الإرهاب لكنها في نفس الوقت مغلقة على القضاء اللبناني، وسنرى كيف سيتجاوب المتظاهرون مع الورقة الإصلاحية التي سيقدمها رئيس الحكومة غدا".
التفاصيل في التسجيل الصوتي المرفق أعلاه...
إعداد وتقديم نواف ابراهيم