ووفقاً لخبراء في تربية النحل، فقد حققت سوريا زيادة في عدد خلايا النحل وصل إلى أكثر من 700 ألف خلية في عام 2010 وبنسبة تقترب من 1% من نحل العالم، وأنتجت حينها 3200 طن من العسل، وهي نسبة وازنة إذا ما قيست مساحة البلاد التي لا تتجاوز الـ 185 ألف كيلومترا مربعا، بمساحة اليابسة التي تقارب 150 مليون كيلومترا مربعا.
ونتيجة للحرب، تراجعت أعداد الخلايا إلى نحو 200 ألف خلية نحل وانخفض الإنتاج إلى ما دون 500 طن عام 2016 وتراجع عدد مربي النحل من 30 ألف مربٍ إلى 15 ألف مربٍ قبل أن يشهد تحسناً ملحوظاً خلال السنوات الثلاث الماضية نتيجة الجهود المبذولة لدعم وتنشيط الثروة النحلية السورية.
المهرجان الذي أقامه "اتحاد النحالين العرب- أمانة سوريا" مساء الخميس لتذوق العسل السوري في مدينة الجلاء الرياضية بدمشق تحت شعار "العسل.. غذاء ودواء وشفاء" حضره المهندس أحمد القادري وزير الزراعة والإصلاح الزراعي والدكتورة ريما القادري وزير الشؤون الاجتماعية والعمل وبمشاركة 42 جناحاً للنحالين ومنتجي العسل والعديد من المنتجات الغذائية والطبية المتعلقة بالنحل والعسل.
وبيّن المهندس إياد دعبول الأمين العام لاتحاد النحالين العرب في تصريح خاص لـ"سبوتنيك" أن المهرجان يعد الأول من نوعه في سوريا بهدف ربط منتجي النحل الصافي مع المستهلكين مباشرة وقال: "أردنا من خلال هذا المهرجان ربط العسل السليم مع المستهلكين وقطع الطريق على العسل المغشوش ونشر ثقافة استهلاك النوعيات الجيدة من العسل حيث تعرض في المهرجان نوعيات ممتازة من العسل الموثوق، وسيرافق المهرجان مسابقة تكريم أقدم نحّال ومسابقة أفضل عسل ومسابقة تكريم مخترع مادة غبار الطلع التي بدأ ينتجها النحالون في سوريا".
وأضاف دعبول: إن قطاع تربية النحل شهد تراجعا حادا بسبب الأعمال الإرهابية خلال السنوات الأخيرة وما رافقها من دمار ونهب وتهجير، "وفي عام 2016 بدأ اتحاد النحالين العرب جهوده لإعادة إحياء قطاع النحل من جديد وذلك بتنفيذ مشاريع عدة بالتعاون مع وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي إلى جانب برنامج الغذاء العالمي "WFD" ومنظمة الأغذية والزراعة العالمية "FAO" وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي "UNDP" والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "UNHCR"، وأثمرت هذه المحاولة عن توزيع أكثر من 23 ألف خلية نحل ومستلزماتها ودعماً لوجستياً وتدريبياً وافياً للنحالين، كما ارتفع الإنتاج بمقدار 200-300 طن من العسل نتيجة هذه المشاريع ووصل الإنتاج هذا العام إلى 900 طن".
موضحاً أن سوريا تتمتع بمناخ متنوع وطبيعة متعددة الإزهار بأوقات مختلفة وهذا أمر مناسب جداً لتربية النحل وهناك سلالة تسمى "سلالة النحل السوري" وهو ابن هذه البيئة، "وكان عدد المربين يتراوح قبل الحرب بين 25-30 ألف مربٍ وقد تراجع هذا العدد ولا يزيد حالياً عن 15 ألف مربٍ، إلا أن تحرير مناطق جديدة في شمال وشمال شرق سوريا سينعكس إيجابا على قطاع النحل، حيث "تعتبر مناطق الحسكة والقامشلي والجزيرة السورية عموماً مرعى رئيسياً للثروة النحلية في سوريا لاسيما في حقول القطن وعباد الشمس.
/600/ خلية نحل من الفاو للأهالي
بدوره قال مايك روبسون ممثل مكتب منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" بدمشق الذي حضر افتتاح المهرجان لسبوتنيك: شيء رائع هذا التنوع الموجود للعسل في سوريا ومن المهم جداً إعادة الحياة لهذا القطاع لما له من دور في تأمين سبل العيش لكثير من الناس، وقد قدمنا نحو 600 خلية نحل للعائلات السورية في العديد من المناطق عن طريق اتحاد النحالين العرب ونحن جاهزون لتقديم الدعم بشكل أكبر في هذا القطاع.
مصيدة مبتكرة لاصطياد غبار الطلع
من جانبه قال الخبير عبد الله عقدة عضو اتحاد النحالين العرب": تمتاز سوريا بطبيعة مميزة وهي بحاجة اليوم إلى تأمين مرعى مميز ونحل مميز حتى نحصل على عسل مميز، فالنحلة لا تنتج عسلاً فقط بل تنتج غبار الطلع والغذاء الملكي والعكبر (صمغ النحل) أو ما يسمى "البروبوليس" وهو أقوى مضاد حيوي طبيعي على وجه الأرض يجمعه النحل من براعم الأشجار ويستخدمه لتعقيم العيون السداسية داخل الخلية ويمكننا عن طريق "نجمة مثقوبة" أن نصطاد ونتقاسم غبار الطلع الذي تحمله النحلة بأرجلها وكذلك نتقاسم العسل معها في نهاية الموسم.
وأردف قائلاً: لغبار الطلع فوائد عظيمة فهو يفتح الشهية ويقاوم الكثير من الأمراض كمضاد حيوي كما أنه مقو عام مفيد للذكاء وللذاكرة ولفقر الدم ويحمي القلب ويعالج أمراض الشرايين.
ميزات تنافسية للعسل السوري
بدوره أشار الدكتور أحمد الشيخ، مدير الاقتصاد الزراعي في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي إلى أن قطاع النحل تعرض لأضرار كبيرة خلال سنوات الحرب وقد سعت الوزارة إلى زيادة الثروة النحلية عبر /11/ مركزاً منتشرة في المحافظات لتقديم خلايا نحل وبمواصفات عالمية إلى جانب مستلزمات عمل النحالين بهدف تحسين سلالة النحل السورية التي تشكل 60% من النحل الموجود في سوريا ولإعطاء سلالات جديدة بإنتاجية عالية وبالتأقلم مع الظروف المناخية المتنوعة في البلاد.
وتابع الشيخ قائلاً: استطعنا إعادة الألق لهذا القطاع وسيفرض العسل السوري نفسه بقوة في الأسواق الخارجية من خلال ميزاته التنافسية من حيث الإنتاج والصفاء وطريقة التعبئة والتغليف لجذب المستهلكين من الدول كافة، موضحاً أن النحالين السوريين أصبح لديهم خبرة في تسويق منتجات النحل كالعسل والصابون والسكاكر وغبار الطلع.
النحل يزداد انتشاراً مع عودة الاستقرار
بدوره، بيّن مدير المهرجان المهندس فتوح جمعة مدير اتحاد النحالين- الأمانة السورية أن المعرض المرافق للمهرجان يعتبر نواة لسلسلة من المعارض التي ستنطلق اعتباراً من العام القادم بهدف تضييق الفجوة بين المنتج والمستهلك وتعريف الناس بالعديد من منتجات النحل لما لها من أثر على الصحة العامة.
وقال: نسلط الضوء من خلال /42/ جناحاً في هذا المعرض على أهمية قطاع النحل كمشروع تنموي صغير تم تنفيذه بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة وقد بدأ ينتشر النحل على امتداد الجغرافيا السورية بعد عودة الاستقرار، ما يتيح تعدد أنواع العسل، ونحاول تعريف المستهلك بخصائص وأنواع العسل وأهميته الصحية والعلاجية.