وحاول الحريري نزع فتيل الأزمة بحزمة إصلاحات اتفق عليها مع الأطراف الأخرى في الحكومة، تشمل مكافحة الفساد وإصلاحات اقتصادية، وستعقد مشاورات نيابية لاختيار رئيس حكومة وتشكيل حكومة جديدة.
شكل ورئيس الحكومة القادمة
وعن كيفية تشكيل الحكومة بعد استقالة الرئيس سعد الحريري يقول وفي حديث لـ"سبوتنيك" عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل راشد فايد: أهم ما في الحكومة المقبلة هو أن تلبي مطالب الناس في الشارع، حيث أن هذه الجماهير تريد حكومة انتقالية أو تكنوقراط أو حتى مصغرة تستطيع أن تعمل بسرعة وإيجابية لتحقيق هذه المطالب.
ويكمل الفايد: مطالب الناس ليست سهلة وليست عادية، ومحاربة الفساد موضوع شائك، وإذا لم يكن هناك نص واضح في القوانين فإن الحرب على الفساد ستبقى كلام من دون صحوة، وكذلك الأمر بالنسبة لتنشيط الدوائر العامة في البلد، يتطلب خطة واضحة، لأن الإدارة العامة تحوي العديد من الموظفين بلا عمل، أدخلوا إلى الإدارة والوظائف العامة بضغط من السياسيين.
ويضيف عضو المكتب السياسي: الاستشارات النيابية لا مفر منها، وأعتقد أن حسن النوايا سيظهر من طريقة التعاطي مع الاستشارات النيابية، فإذا كانت الهئية الحاكمة حاليا تدرك وتعي ما يريده الشارع، معنى ذلك أنها ستعجل الاستشارات النيابية لتسمية رئيس حكومة اختاره النواب.
ويستدرك قائلا: أما إذا ماطلت السلطة الحالية في تعيين موعد الاستشارات وفي إجرائها، معنى ذلك أنها لا تريد أن تنتقل مما هو عليه اليوم إلى ما يجب أن تكون عليه من جدية وعمل منتج.
وعن شخصية رئيس الحكومة القادم يقول الفايد: هذه الأمور يحسمها مجلس النواب، ومجموعة الكتل النيابية، وهذه الكتل متحالفة مع بعضها البعض، وبعضها الآخر خارج التحالفات، وطبعا الرأي العام يفضل الرئيس سعد الحريري، لما له من ثقل دولي وعربي، ولأنه فعلا حاول أن يفعل شيئا.
ويتابع عضو المكتب السياسي: الكتل السياسية المتناحرة والساعية لاستمرار المحاصصة منعته من فعل ذلك، وأمنية أغلب المواطنين أن يكون الحريري على رأس الحكومة وإلا من الطبيعي أن تقاطع كتلة المستقبل الحكومة القادمة، وستكون حكومة من لون واحد هو لون أصحاب الغلبة على الأرض وأصحاب السلاح وحلفائهم.
فيما يرى المحلل السياسي اللبناني طارق عبود بأن الوضع ضبابي حتى اللحظة، ويقول: الرئيس سعد الحريري فاجئ الجميع بهذه الاستقالة، لأن الأمور كانت ذاهبة نحو تسوية ما، وكان هناك طروح لتشكيل حكومة جديدة أو تغيير في الحكومة الحالية عبر استقالة بعض الوزراء غير الشعبيين.
ويكمل: اليوم انتقلنا إلى مرحلة جديدة، وسعد الحريري رمى الاستقالة في وجه حلفائه قبل خصومه، وحاول أن يركب موجة الجماهير الغاضبة التي نزلت للاعتراض على السياسية الحريرية منذ العام 1992 وحتى اليوم.
وعن رئيس الحكومة القادمة يعتقد عبود: رئيس الحكومة الجديد سيكون خاضع للاستشارات النيابية حسب الدستور اللبناني، وعدما يسمى أكثرية النواب شخصية ما لتشكيل الحكومة، يكلف رئيس الجمهورية بهذا الأمر، وتبدأ بعدها مشاورات بين الكتل النيابية لتشكيل الحكومة الجديدة.
ويتابع: الرئيس سعد الحريري ترك الباب مفتوحا بأن يكون هو الشخصية الآتية لتشكيل الحكومة، حيث يريد التنصل من حلفاءه كجبران باسيل وحزب الله، وأن يتحرر من الضغوط التي كانت تمارس عليه، وأن ينفذ سياسته الخاصة أو في الحقيقة سياسة الأمريكيين والغرب.
ويرى المحلل السياسي اللبناني أن شكل الحكومة لن تكون حكومة تكنوقراط، لأنها تريد أن تنتزع القرار السياسي من الحكومة وجعله فقط بيد رئيس الحكومة اللبنانية، ويتابع: حكومة الاختصاصيين فقط تنفذ السياسات الاقتصادية.
ويواصل: هذا ممكن أن يحصل في ظرف يمكن أن يكون فيه البلد في حالة سياسية واقتصادية مستقرة، أما في هذا الظرف الحساس والتاريخي في لبنان، فلن تستطيع أن تواكب الإصلاحات والقرارات السياسية التي ستتخذها الحكومة، والتي تكون متوازية مع المطالب الشعبية.
ويكمل: أعتقد أن الحكومة القادمة ستكون حكومة تكنوسياسية، وسياسية مطعمة بشخصيات اختصاصية، تنفذ سياسات الحكومة الاقتصادية وتكون عين رقابية على هذه الحكومة، وكل ما يحكى عن سيناريوهات أخرى لا أعتقد أنها ستكون واقعية أو قابلة للتنفيذ.
هدوء الشارع
وعن حصول التهدئة في الشارع بعد استقالة رئيس الحكومة اللبنانية، يقول عضو المكتب السياسي لتيار المستقبل بأن الشارع هادئ من الأساس، ولكن أصحاب الفتنة الذين نزلوا وحاولوا الاعتداء على الثوار هم الذين يحاولون اشعال الشارع.
ويكمل الفايد: اليوم فتحت بعض الطرق من دون التخلي عن مظاهر الإضراب، وبقيت الخيم في أماكنها وفتح ما يكفي من الطرق التي كانت مقفلة لتسيير أمور الناس، وهناك متظاهرون يقفون على هامش الطريق، لكي يتيحوا المجال أمام السيارات والناس للتحرك.
أما المحلل السياسي طارق عبود فيعتقد بأن جزء كبير من الشارع سيتم احتوائه من خلال تنفيس هذا الغضب باستقالة رئيس الحكومة، ويكمل: الشارع اللبناني منقسم إلى شواريع وليس لديه رؤية موحدة، في مقاربة المطالب، فهناك مطالب معيشية نزل الناس إلى الشارع من أجلها، كالضرائب التي فرضت والتي كانت ستفرض.
ويستدرك: هناك جزء من الشارع حاول أن يوجه هذه المطالب نحو مطالب سياسية، بمعنى إسقاط الحكومة أولا والعهد ثانيا والنظام اللبناني أو الدولة اللبنانية برمتها ثانيا، فالنظام اللبناني هو نظام برلماني قائم على التسويات بين الطوائف، وليس نظاما جمهوريا كما في سوريا أو مصر أو غيرها من الدول التي ضربتها رياح الربيع العربي.
ويواصل العبود: ليس معلوما أن يتفق اللبنانيون على عقد اجتماعي جديد مكان اتفاق الطائف لذلك هذا الشارع متنوع، والواقع اللبناني اليوم مقعد، فحتى الدول الخارجية والإقليمية تلعب لعبة الشارع وتحاول أن تمتطي هذه الانتفاضة لتحقيق أهداف سياسية عجزت عنها لكسر محور المقاومة، واستغلت هذه الهبة الشعبية لتحقيق هذه المآرب.
خطوات الحكومة القادمة
وعما يمكن أن تفعله الحكومة القادمة من خطوات لتحقيق مطالب الناس التي نزلت إلى الشارع، يقول راشد فايد: أي حكومة مضطرة لإظهار حسن نيتها، بوضع قوانين تبرمج ما يسعى وما يريده المواطنون المتظاهرون، والمواضيع كثيرة.
ويكمل فايد: الرئيس سعد الحريري قدم لائحة بنود لتتحقق، وسيكون من الجيد على الحكومة المقبلة أن تحول هذه العناوين إلى ترجمة فعلية على أرض الواقع، بنصوص قانونية ومبادرات إدارية.
ويرى المحلل عبود أن على الحكومة أن تقدم بيانا وزاريا قائما على المشاريع الإنتاجية، كون معظم مطالب الشارع اقتصادية، وأن تشكل بنود هذا البيان صدمة إيجابية عند الشارع، كموضوع الكهرباء وفرص العمل وإعادة القروض السكنية وغيرها.
ويكمل عبود: العقدة الأساسية هي تدخل الدول الغربية لاستثمار هذه الهبة الشعبية، وتوجيهها نحو المطالب السياسية، وتحميل المقاومة وزر كافة المشاكل الإقتصادية التي قامت منذ العام 1992، والسياسات التي راكمت على لبنان أكثر من 100 مليار دولار من الديون.