مع تلك الأحداث المتسارعة، سرعان ما تهافتت بعض وسائل الإعلام العربية في بث سمومها على الشاشات، محاولةً بشكل أو بآخر نقل صورة التظاهرات الحاصلة في لبنان وكأنها تهدف إلى النيل من طرف لبناني معين، وهذا أمر لم يحدث في مراحله الأولى قطعا.
فعلى العكس تماماً.. كانت التظاهرات تحمل بندا إصلاحيا خدميا، كما أنها وصلت إلى حد الطرائف والدعابات كقول أحد المتظاهين في مقابلة تلفزيونية: "من سيعوّض أمي عن المسلسلات المدبلجة يلي فاتتها بسبب نقلكم المباشر للتظاهرات؟"، في ذات الوقت شهدنا وجود العديد من حلقات الرقص والغناء التي كانت تملأ ساحات التظاهر بشكل يومي حتى ساعات الفجر الأولى.
نعم، هكذا كانت طبيعة التظاهرات التي لامست يومها الثلاثين.
أما البارحة، وفي التحليل في الشأن اللبناني، كتب النائب خالد العبّود، أمين سر مجلس الشعب السوري موضحا الأحداث الجارية في لبنان مذكرا أنه كتب أكثر من مرة تحليلاً عمّا يحصل في لبنان، مبيناً أن الواقع الذي وصل إليه الحراك في هذه اللحظات، يمضي تماماً كما خُطّط له مسبقا، وأضاف:
الحراك في لبنان ليس نظيفاً على الرغم من نظافة الكثيرين ممن فيه، إضافةً إلى نظافة كثير ممن يطرحون فيه المطالب المعيشية وغير المعيشية، إلا أن رفْضُ اسم الصفدي لرئاسة الحكومة كان طبيعيا ومتوقعا ومدروسا تماما في ظل تلك المعطيات، إذ بات الدفع الآن باتجاه اسم يكون صاحبه أمريكيا ملغوما، وذلك بهدف تشكيل حكومة تكنوقراط (غير سياسيّة)، وهي بذلك تكون مقدمة لرفض مستقبلي لجميع التوافقات السياسية التي يقوم عليها معنى "العهد"!
بالتالي هناك احتمالان يلوحان في الأفق..
الأول: تشكيل حكومة غير سياسيّة، وهي تكون مصيّدة خطيرة، للانقلاب على نتائج انتخابات أسّست لمرحلة سياسيّة حمت في وقت سابق سلاح المقاومة وصانت شرعيته.
الاحتمال الثاني: هو الإبقاء على لحظة استعصاء يمكنها أن تأخذ لبنان إلى فراغ أكثر خطورة، يمكنها أن تخلق بيئة حرب أهليّة واسعة قد تورّط سلاح المقاومة.
واستطرد العبود موضحا:
"إن ما يحصل أمام أعيننا الآن من قبل كثيرين في شوارع وساحات لبنان، مشغولٌ عليه بدقة عالية، ودُفع له ثمنٌ باهظٌ، لذا قد يأتي يومٌ يبكي فيه ندماً جميع أولئك الذين نراهم اليوم يملؤون الشاشات بصرخاتهم وهتافاتهم".
و اختتم قائلا: "هناك استخبارات إقليميّة ودولية تتواجد منذ أيام في شوارع لبنان، تخوض معارك حامية الوطيس ضمن غرف سوداء مغلقة، فعلى الرغم من أنّ شيئاً من هذه المعارك لم نراه اليوم، إلا أن الأيام القادمة سوف تُذهلنا بنتائجها".