المشهد الانتخابي في الجزائر غاب عنه اليسار بعد سجن لويزة حنون، الأمين العام لحزب "العمال" الجزائري، وكتل التيار الإسلامي الكبيرة، خاصة أن الكتلتين لم يرشحا أي من القيادات اليسارية أو الإسلامية للانتخابات الرئاسية، في حين أن المرشح عبد القادر بن قرينة لا يعبر عن تيار الإسلام السياسي الذي لم يعلن دعمه لأي مرشح حتى الآن.
غياب اليسار الجزائري تشابه إلى حد كبير مع غياب اليسار في الشارع العربي في العديد من الدول، إلا أن علي العسكري منسق قيادة جبهة القوى الاشتراكية بالجزائر، يرى أن اليسار الجزائري حاضر بقوة في الساحة السياسية الجزائرية، وأنه سيعاود حضوره القوى خلال الفترة المقبلة.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، الخميس، أن اليسار الجزائري يعارض النظام منذ عشرات السنوات من أجل التغيير الجذري، من أجل إرساء الديمقراطية بدلا من الحكم بالقوة.
ويرى أن الأزمة في المشهد الجزائري في السنوات الماضية كانت في الشعب وليس اليسار الذي طالما نادى بضرورة مرحلة انتقالية حقيقية ودستور جديد والذهاب لانتخابات تشريعية ورئاسية، وأنه كان يعارض النظام طيلة السنوات الماضية، وكان يسعى إلى تغييرات لم ينصفه فيها الشارع الذي خرج من أجل التغيير في الوقت الراهن.
ويرى أن الانتخابات الرئاسية المقبلة ليست انتخابات ديمقراطية، وأنها ضد طموحات الشعب الجزائري، الذي ما زال يطمح لمرحلة انتقالية وبديل ديمقراطي حقيقي، ,ان اليسار يستمر في المطالبة ودعم مرحلة انتقالية جديدة.
تراجع اليسار
على الجانب الآخر قال الكاتب والمحلل السياسي، أحسن خلاص، إن تراجع اليسار الجزائري ليس وليد اللحظة، وأنه يعود إلى سبعينات القرن الماضي.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، الخميس، أنه منذ دخول الجزائر في التعددية السياسية والليبرالية وتحكيم اقتصاد السوق تراجع اليسار التقليدي ولم يعد يتشكل بالمعايير التي كان يتشكل عليها في السابق.
وتابع أن هناك الكثير من سنوات القحط والتصحر في أفكار اليسار الجزائري، خاصة أنه لم يتأقلم مع الوضعية الجديدة في العالم.
ويرى أن اليسار المنتمي للجبهات الاشتراكية وحزب الديمقراطي الاجتماعي، غير ممثل بشكل قوي على عكس ما كان في السابق، حيث يتضاءل من فترة لأخرى.
وبشأن موقفه من الانتخابات الرئاسية، أوضح خلاص، أن تيار اليسار قرر مقاطعة الانتخابات كما معظم أحزاب التيار الإسلامي وبعض التيارات الليبرالية.
تاريخ اليسار في الجزائر
أسس الزعيم التاريخي حسين آيت أحمد أقدم حزب يساري معارض تحت اسم "جبهة القوى الاشتراكية" في 1963 .
ثم عاد بعد ذلك حزب الطليعة الاشتراكية ، الذي أسسه الهاشمي شريف إلى المشهد عام 1989، وظهر بعد ذلك حزب العمال بزعامة لويزة حنون عام 1990، على أنقاض المنظمة الاشتراكية التروتسكية التي كانت تنشط في السرية.
شارك اليسار في الانتخابات الرئاسية من1999 إلى 2014، حيث رشح حسين آيت أحمد في البدايات ثم تبعته لويزة حنون، التي تشغل منصب الأمين العام لحزب العمال في الجزائر والتي تقضي عقوبة السجن لمدة 15 عاما بتهمة التآمر على الدولة.
ولم يشارك اليسار الجزائري في الانتخابات الجزائرية التي تجرى بعد أيام في ديسمبر/ كانون الأول.
ضغوط الحراك
في وقت سابق خرج مئات الجزائريين في مسيرة في العاصمة الجزائر، في وقت متأخر من مساء الأربعاء، للضغط على السلطات لإلغاء انتخابات رئاسية في 12 ديسمبر/ كانون الأول.
وردد المحتجون خلال مسيرتهم في شوارع الجزائر الرئيسية هتاف "لا انتخابات.. لا انتخابات"، بينما تدخلت قوات الأمن لتفريقهم
وبدأت الاحتجاجات بالجزائر في فبراير/ شباط، مع استعداد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للترشح لفترة أخرى في انتخابات كان من المقرر إجراؤها في يوليو/تموز الماضي.
وتنحى بوتفليقة في أبريل/ نيسان مع سحب الجيش دعمه وبدء السلطات في اعتقال حلفائه ومسؤولين كبار آخرين ورجال أعمال في اتهامات فساد.
ثم أُرجئت انتخابات يوليو/ تموز، مما تسبب في أزمة دستورية مع استمرار الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح في السلطة، وقررت لاحقا في ديسمبر/ كانون الأول المقبل.