نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية ما وصفتها بـ"المؤامرة السرية" التي تمكنت من خلالها مجموعة من أكبر تنظيمات وصفحات اليمين المتطرف من السيطرة على موقع "فيسبوك"، وبث الكراهية ضد الإسلام، مقابل تحقيق "فيسبوك" للأرباح.
مؤامرة منظمة
ورصد التحقيق الاستقصائي، ما وصفه بإدارة مجموعة من الحسابات الغامضة التي تتخذ من إسرائيل وأمريكا وأستراليا وبريطانيا وكندا والنمسا وإسرائيل ونيجيريا مقرا لها لإدارة المئات من الصفحات ذات الفكر اليميني المتطرف التي يتابعها الملايين، من أجل بث رسائل تبث الكراهية ضد المسلمين والمهاجرين وذوي الأصول المسلمة في الدول الأوروبية والغربية.
حشد الترافيك
وتستخدم تلك المجموعات شبكات مؤلفة من 21 صفحة تقريبا، لإخراج أكثر من ألف منشور مزيف بصورة أسبوعية يصل لأكثر من مليون متابع، ويتم توجيه حملات دعائية كبيرة تجاهها، ويتم من خلالها إعادة توجيه الجمهور إلى 10 مواقع أخرى كثيفة الإعلانات لجني المزيد من الأرباح عن طريق حشد المزيد من حركة المرور "ترافيك" على تلك المواقع.
واستهدف عدد كبير من المنشورات تشويه صورة عدد من السياسيين ذوي الأصول الإسلامية، مثل عمدة لندن، صادق خان، وعضوة الكونغرس الأمريكي، إلهان عمر، كما ساهمت في صعود شعبية الأحزاب اليمينية المتطرفة في أستراليا وكندا وبريطانيا وأمريكا.
🇺🇸 Inside the hate factory: how Facebook fuels far-right profit https://t.co/PSKlQZGN51 👈 see here 🇺🇸 RT 🔁 pic.twitter.com/GHfTAU0jGw
— Nydia😃🇺🇸 (@nydiahotland11) December 6, 2019
كما استهدفت تلك الشبكة أيضا عدد من السياسيين اليساريين المعاديين لخطابات الكراهية تلك، مثل زعيم حزب العمال البريطاني، جيرمي كوربين، بتوزيع منشور مزيف يقول فيه "اليهود كانوا مصدر الإرهاب العالمي"، ومنشور مزيف آخر لرئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، يقول فيه: "يمكن لداعش أن يغزو كندا".
المصيبة الأكبر
ورصدت "الغارديان" ما وصفتها بـ"المصيبة الأكبر"، وهو فشل "فيسبوك" أو رفضه منع الممثلين السريين من استخدام منصته لإدارة حملات التضليل والكراهية المنظمة تلك.
وقالت الصحيفة البريطانية: "علمت فيسبوك بوجود تلك المؤامرة وانتشار تلك الشبكات السرية، ولكن لم تتحرك لأن تلك المنظمات تدفع حملات إعلانية ودعائية ضخمة جدا، ولم تضع أية عقاب بحقها".
وأشارت "الغارديان" إلى أنها عندما أبلغت "فيسبوك" بما توصلت له في التحقيق، قامت الشبكة بإزالة عدد من الصفحات "الهامشية"، التي لا تؤثر على مديري تلك الحملات المنظمة.
وقال المتحدث الرسمي لـ"فيسبوك": "هذه الصفحات والحسابات، إذا ما كانت انتهكت سياستنا لدفع الناس إلى مواقع خارج النظام الأساسي لشبكتنا، سنقوم بحظرها بالطبع".
وتابع "لن نسمح لأية جهة أن تشوه صورة آخرين، أو تبث خطابا معاديا لهم، وسنعمل على تحسين قدراتنا لمواجهة أي تكتيكات خداع جديدة".
لكن هذا التعليق من "فيسبوك"، قالت "الغارديان" إنه لم يوقف تلك الشبكات عن تهديد أول سيناتور أسترالية من أصول مسلمة، مهرين فاروقي، من التعرض لحملة تشويه عنيفة من 10 صفحات هددت نحو 500 ألف من المتابعين لها على "فيسبوك"، بعدد من الرسائل العنصرية والتهديدات الخطيرة، بسبب تصريحاته ضد العنصرية في البرلمان.
RT @GuardianUS: Inside the hate factory: our Guardian investigation found 1,486 posts from the Facebook network attacking Ilhan Omar with false stories. Those posts attracted 53,189 Reactions, 38,761 Comments and 30,430 Shares https://t.co/hzZjOXq3Ij pic.twitter.com/9crZvNsomZ
— Egz (@Enrvgz) December 5, 2019
وقالت فاروقي: "ذلك مستوى جديد جدا من التنظيم والتنسيق في ممارسات اليمين المتطرف، ويبدو أن شبكات التواصل الاجتماع تغض الطرف عنهم، سماحها بهذا القدر من المشاركات العنصرية والمضللة، يوحي بأنها تستفيد من خطاب الكراهية المنتشر".
أرقام مفزعة
ورصدت الغارديان في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، فقط انتشار أكثر من 6795 منشور مزيف عن الإسلام، تلقت تلك المنشورات أكثر من 846 ألف و244 إعجاب أو مشاركة أو تعليق.
لكن الأخطر، والقول للصحيفة، أن تلك المنشورات حظت بـ165 ألف مشاركة، وجذبت 14.3 مليون إعجاب.
"The revelations show Facebook has failed to stop clandestine actors from using its platform to run coordinated disinformation and hate campaigns."
— Daryl Adair (@DarylAdair) December 6, 2019
Inside the hate factory: how Facebook fuels far-right profit https://t.co/aNZkdAJvyC pic.twitter.com/EJmNP1gYpF
وعملت "الغارديان" مع باحثين في مركز أبحاث الوسائط الرقمية في جامعة "كوينزلاند" للتكنولوجيا، الذين أجروا تحليلا للترتيب، الذي ظهرت به المشاركات المتطابقة في صفحات الفيسبوك التي تدير تلك الحملات.
ولكن توصلت "الغارديان" إلى أنه يبدو أن الغرض الأساسي من تلك الحملة، ليس سياسيا فقط، بل هو "سياسي – تجاري"، حيث تسعى تلك الصفحات لاستغلال "اليمين المتطرف" وتنامي مشاعر الكراهية ضد الإسلام، من أجل نقل أولئك الأشخاص إلى مواقعهم، التي يربحوا من خلالها الأموال عن طريق الإعلانات المتكثفة وزيادة "الترافيك".