فبحسب حديث الأطراف الليبية لـ"سبوتنيك"، فإن استمرار الوضع على ما هو عليه دون حسمه أو وقف العمليات القتالية يقود نحو أزمة دولية أوسع تتداخل فيها الأطراف بشكل مباشر.
بشأن إمكانية التدخل العسكري التركي المباشر وما يمكن أن يترتب عليه من تدخل مباشر من الدول الداعمة للأطراف الأخرى، تتباين الآراء، بين من يرجح عدم السماح لتركيا بهذه الخطوة، ومن يرى أن الصدام المباشر يقترب في ظل استمرار الوضع الراهن.
اختلاف المشهد عن سوريا
قال مدير إدارة التوجيه المعنوي في القوات المسلحة الليبية وآمر المركز الإعلامي لغرفة "عمليات الكرامة العميد خالد المحجوب، "إن ليبيا تختلف عن سوريا دوليا، إلا أنها أخطر من سوريا، إذا تفشى فيها الإرهاب نظرا لجغرافيتها".
وأوضح أن الوضع في ليبيا يختلف عن سوريا، خاصة في ظل عدم تجاور الحدود، وهو ما يصعب على تركيا الانتقال بقوة عسكرية كبيرة إلى الأراضي الليبية.
الوعي الشعبي
ويشير إلى أن الوعي الجمعي الشعبي في ليبيا يحمل الكثير من الصور الذهنية عن جرائم العثمانيين في ليبيا، وأنه رغم بعض التباين في الداخل، إلا أن التوافق بين الجميع على عدم السماح بالتواجد العسكري على الأرض.
وشدد على أن القوات الليبية لن تتوقف تحت أي تهديدات إلا بعد السيطرة الكاملة على التراب الليبي وبسط الأمن والاستقرار.
ويرى المحجوب أن تكلفة بقاء الميليشيات في العاصمة أكبر من تكلفة القضاء عليها، وأن قوات الجيش عازمة على القضاء عليها.
أسباب تقود للمشهد السوري
على الجانب الآخر قال عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، عادل كرموس، إن استمرار التوترات والاشتباكات يمكن أن يؤدي إلى تكرار المشهد السوري، مضيفا في تصريحات لـ"سبوتنيك"، اليوم، أن التدخل التركي جاء بقرار من حكومة الوفاق الليبي في إطار الشرعية، فيما تخالف التدخلات الأخرى الشرعية القانونية.
ويرى كرموس أن التطورات الحاصلة غيرت وجه الصراع، خاصة بعد توقيع الاتفاقية بين تركيا والوفاق، وأن الصراع الدولي سيتزايد الفترة المقبلة.
ويرجح كرموس عدم طلب الوفاق التدخل العسكري من تركيا نظرا لعدم حاجته للقوات، وأنه في حاجة إلى سلاح نوعي فقط.
صراع الغاز
من ناحيته قال القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا، عثمان بركة إن التركيبة السكانية في ليبيا تختلف عن سوريا، بشأن محاولات تركيا.
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، اليوم، تطورات المشهد واستمراره على هذا النحو، سيدفع نحو احتدام الصراع بشكل أكبر بشأن الغاز، مشيرا إلى أن القوة العظمى تدعم مصالحها بدعم الأطراف الليبية لتقاتل بعضها البعض، وأنه حال اتساع دائرة الصراع سيكون الدعم للدول التي تقوم بنفس الدور.
وحذر بركة من ارتفاع وتيرة الصراع الداخلي، وأن مصالح الغاز والنفط في المتوسط تلقي بظلالها على المشهد في الداخل الليبي، ما يدفع بالأمور تجاه أزمة أكبر.
الموقف التركي
أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، خلال زيارته إلى تونس، اليوم الأربعاء، على ضرورة وقف إطلاق النار في ليبيا "في أقرب وقت ممكن".
وقال أردوغان، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره التونسي، قيس سعيد، إن "التطورات السلبية في ليبيا لا تقتصر عليها، وإنما تمتد لدول الجوار وعلى رأسها تونس، وهي منزعجة جدا من ذلك"، مؤكدا أنه ستكون لتونس إسهامات قيمة للغاية وبناءة في جهود تحقيق الاستقرار بليبيا، وذلك حسب وكالة "الأناضول" التركية.
الموقف المصري
قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأربعاء، إن بلاده تسعى إلى حل سياسي في ليبيا يحافظ على وحدة أراضيها ومؤسسات الدولة هناك وجيش وطني موحد.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن الرئيس السيسي قوله "هناك محاولات دولية عديدة للتوصل لحل سياسي للأزمة".
وتابع السيسي "اشتداد الأزمة في ليبيا حاليا، قد يدفع الأطراف الدولية والإقليمية المختلفة، إلى البحث عن حل سياسي جدي، يمنع تفاقم الأمور".
وشدد الرئيس، خلال لقائه مع رؤساء تحرير الصحف المصرية "الاستقرار الشامل في مصر هو مفتاح كل شيء ليس فقط داخل مصر ولكن لاستقرار المنطقة بالكامل".
وأضاف "الكثير مما حدث في المنطقة خلال السنوات الماضية يعود في جانب كبير منه إلى عدم الاستقرار في مصر".
وكان الرئيس المصري قال، في وقت سابق من الشهر الجاري، إن بلاده "لن تسمح لأحد بالسيطرة على ليبيا".
رفع حالة التأهب
وفي وقت سابق أعلنت الحكومة الليبية المؤقتة، في مدينة بنغازي، شرقي البلاد، رفع حالة التأهب والاستعدادات القصوى لكل المدن الساحلية المطلة على البحر نتيجة لسوء الأحوال الجوية.
ووفقا للقناة الليبية الفضائية الحكومية "تهيب الحكومة المؤقتة بكافة المواطنين المقيمين في المصائف البحرية المطلة على الساحل في المنطقة الممتدة من توكرة شرقا حتى قمينس غربا ضرورة إخلاء أماكنهم نظراً لارتفاع الأمواج في الساعات القادمة ما قد يشكل خطرا على حياتهم".
شهدت الأوضاع في ليبيا تطورات متصاعدة في الآونة الأخيرة، بعد إبرام أنقرة وحكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج، مذكرتي تفاهم إحداهما لترسيم الحدود البحرية، والتي أثارت جدلا واسعا ورفضا قاطعا من مصر، واليونان، وقبرص، والأخرى للتعاون في المجال الأمني والعسكري، التي تسمح بإرسال قوات تركية للأراضي الليبية.
وتعاني ليبيا، منذ التوصل لاتفاق الصخيرات في 2015، انقساما حادا في مؤسسات الدولة، بين الشرق الذي يديره مجلس النواب والجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، بينما يدير المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، برئاسة السراج غربي البلاد، وهي الحكومة المعترف بها دوليا، إلا أنها لم تحظ بثقة البرلمان.
وأعلن الجيش الوطني، في الرابع من أبريل/نيسان الماضي، إطلاق عملية للقضاء على ما وصفه بـ "الإرهاب" في العاصمة طرابلس، والتي تتواجد فيها حكومة الوفاق التي أعلنت "حالة النفير" لمواجهة الجيش.