بدأت تفاصيل القصة عندما لاحظ حفيد الحاجة الزهرة، صورة لجدته تشبه الصور التي كان يحتفظ بها أفراد العائلة، ليعرضها على والده الذي تأكد بأنها والدته، وقد كانت ضمن إعلان عن بحث في صفحات التواصل الاجتماعي نشرتها مديرة دار المسنين لخصيبية السيدة خديجة بقة، في محاولات متعددة منها للبحث عن عائلة الحاجة الزهرة المقيمة منذ 2001 في المركز الواقع بمعسكر، وهي الولاية التي وصلتها في ظروف غير معروفة، شأنها شأن اختفائها ومغادرتها البيت العائلي، حيث استعصت الإجابة عن هذين السؤالين، كون الزهرة فقدت ذاكرتها بصفة جزئية.
لحظة اللقاء
صباح يوم الخميس الفارط دخل يوسف مركز المسنين، بحث عن المديرة وسأل عن عجوز اسمها بلقايد الزهرة، التي يقارب سنها الثمانين، فأبلغ أنها نزيلة بالمركز، منذ قرابة 20 سنة.
يدخل يوسف الغرفة التي تتواجد بها والدته، يسرع نحوها، يحتضنها، يقبلها ويتفرس في وجهها، ويجد أن ملامحها لم تتغير رغم تعاقب السنين، غير أن الزمن فعل فعلته في ذاكرتها التي فقدتها بصفة جزئية. تنسكب الدموع غزيرة من عينيه. وفي الوقت ذاته لم يكن أحد من العاملين بالمركز، ليتمكن من تمالك نفسه والتحكم في انفعالاته أمام المشهد، فالجميع كان يبكي بحرقة، والغريب في الأمر، بأن يوم التقاء الكهل بوالدته تصادف مع يوم ميلاده، وكأن الله أراد له أن يولد من جديد، كيف لا، وهو الذي قضى نصف عمره دون والدته.
أكد يوسف أن أفراد العائلة لم يناموا ليلتهم تلك في انتظار الصباح من أجل التوجه من برج منايل نحو معسكر، للقاء الوالدة والعودة بها للديار، وهو ما تم فعلا صبيحة الخميس، أين ذهب يوسف رفقة ابن شقيقته لمعسكر والتقيا والدته وعادا بها إلى أحضان العائلة بعد ما ظنوا أنها توفيت قبل 20 عاما.
رحلة البحث الطويلة
يقول يوسف بأنه لم ينس يوم والدته، فكانت راسخة في ذهنه، فقد ظل طيلة 20 عما يبحث عنها، ولم يكف عن إيداع إعلانات البحث لدى المصالح الأمنية، ونشرها في مختلف الصفحات وعديد التلفزيونات، لكن من دون جدوى فاقتنع الجميع وتأكد بأن الحاجة الزهرة أصبحت في عداد الموتى، خاصة وأن غيابها تزامن وفيضانات باب الوادي، وظلت العائلة مقتنعة رغما عنها بهذه الفرضية.