ويظهر في هذا الجانب مزيج من نظريات المؤامرة التي تتحدث عن سبب ظهور فيروس "كورونا"، وكونه "سلاحا بيولوجيا"، واتهامات بأنه "استغلال" للصراع السياسي المندلع منذ فترة بخلفية اقتصادية، بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين.
سلاح بيولوجي
منذ الساعات الأولى لانتشار فيروس "كورونا" الجديد، بدأت نظرية المؤامرة في ترويج فرضيات بأن الفيروس ليس إلا فيروسا "مخلقا" في المختبرات كسلاح بيولوجي، إما ضد الصين من قبل دولة معادية لها مثل الولايات المتحدة أو مخلقا من قبل الصين وانتشر بصورة خاطئة.
كما نشر الموقع أيضا التفاصيل والبيانات الشخصية الخاصة بالباحث الصيني، التي تشمل اسمه وصورته وبريده الإلكتروني ورقم هاتفه، ما جعل الكثير من المواقع تتشكك في مصداقية تلك المعلومات.
وبالفعل بعدها اتخذت إدارة منصة "تويتر" إجراء صارما بحظر حساب الموقع الأمريكي، متهمة إياه بالترويج لأخبار وقصص ملفقة بشأن فيروس كورونا.
ولكن صحيفة "واشنطن تايمز" الأمريكية نشرت كذلك تقرير يعزز نظرية المؤامرت تلك، بذكرها إن فيروس "كورونا" "مخلق في مختبر عسكري في ووهان"، تديره الحكومة الصينية وتابع لمعهد ووهان لعلم الفيروسات، وكان يبحث في استخدام الفيروس كـ"سلاح بيولوجي عسكري".
ولكن تلك الفرضية تساقطت أيضا لأن أساسها الوحيد تصريحات منسوبة لضابط استخبارات إسرائيلي سابق يدعى، داني شوهام، الذي قالت إنه يمتلك خبرة في الحروب البيولوجية.
وقال ضابط الاستخبارات الإسرائيلي السابق في تصريحاته للصحيفة: "من المحتمل أن بعض المعاهد التابعة لهذا المختبر كانت تعمل على دراسة وتطوير أسلحة بيولوجية صينية، وربما تكون منافذ أخرى التقطت الفكرة نفسها وسارت على نهجها وأدت بالخطأ لانتشار الفيروس".
I think this might be the article @zerohedge got banned for posting. Just checking for a friend. Whatever you do, don't post it independently (so it stays alive if I get banned). It would be a shame if it blanketed Twitter...https://t.co/B5AmeM1Xhl
— Dave Collum (@DavidBCollum) February 1, 2020
وتلقفت بدورها إذاعة "تكساس" الأمريكية القصة، وبدأت في سرد مجموعة من التحليلات، التي قالت فيها إن خبراء من الاستخبارات يعتقدون أن الفيروس منتج في قسم الأسلحة البيولوجية التابع للجيش الصيني، وتساءلت بقولها "لماذا لا تخرج الصين للإعلان رسميا عن أصل هذا الفيروس القاتل؟ هل يمكن بصورة رسمية ربط ذلك الفيروس ببرنامج الحرب البيولوجية في الصين؟".
وقائع مريبة
من جانبها، نشرت قناة "الميادين" أيضا ما وصفته بـ"الوقائع المريبة"، التي تظهر ربما تورط الولايات المتحدة في انتشار فيروس "كورونا" الجديد في الصين.
وأوضحت أنه من اللافت والمقلق في آن واحد ما "تنبّأ" به نائب وزير الأمن الداخلي آنذاك، دانيال غيرستين، مخاطباً المؤتمر الدولي المذكور، 2012، بأن بلاده "تتوقع تفشي وباء مع نهاية عام 2013". وشاطره "التشخيص" الطبيب جوزيف كيم في شركة اينوفيو للأدوية المنتجة للقاحات.
كما قالت إن "التنبؤ الأمريكي الرسمي بوباء قبل وقوعه أثار جملة أسئلة وتكهنات حول المدى الخطر الذي بلغه برنامج الأسلحة البيولوجية وتهديده لحياة أعداد كبيرة من البشر ورفاهيتهم".
كما أشارت إلى أن هذا واكبه أيضا إنتاج فيلم هوليودي باسم "كونتاجن" (المُعدي) عام 2011 يدور حول انتشار وباء مصدره الخفافيش، وفق السيناريو المُعدّ، وهو ما يجري حالياً مع وباء كورونا في الصين، الذي يُرجّح أن الخفافيش هي مصدر الفيروس في مقاطعة ووهان.
كما أن انتشار الفيروس تزامن مع وصول وفد عسكري أمريكي كبير، قوامه 300 فردا، يصل مدينة ووهان في مقاطعة هوبي الصينية يوم 19 من أكتوبر/ تشرين الأول 2019، للمشاركة في مهرجان ألعاب عسكرية تستضيفها الصين وتُقام هناك.
في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 2019، تم تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا في تلك المقاطعة، وانتشرت لاحقاً بسرعة في شهر ديسمبر/كانون الأول.
علمياً، فترة حضانة عدوى الكورونا هي 14 يوماً.
ولكن الأستاذ في علوم البيولوجيا الكيميائية بجامعة رتغرز، ريتشارد إيبرات، أعرب عن شكوكه في تلك التقارير نظراً لأن "جينوم الفيروس وخصائصه لا تشير إلى أنه من النوع المنتج مخبرياً".
سلاح مزيف
ولكن مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية نشرت بدورها تقريرا مطولا، دحضت فيه كل تلك نظريات المؤامرة، وقالت فيه إن فيروس "كورونا" ليس "مخلقا" في مختبر، وليس "سلاحا بيولوجيا.
ونقلت "فورين بوليسي عن ديفيد فيسمان، أستاذ علم الأوبئة في كلية "دالا لانا" للصحة العامة في جامعة تورنتو: "فيروس كورونا الجديد، بالتأكيد هو غامض ويتحرك بسرعة ويمكن أن يسبب الذعر، لذلك تلجأ الناس إلى نظريات المؤامرة، خاصة وأنه يتحور بسرعة في البشر، لكنهم لا يدركون أننا نعيش حاليا عصر جديد مما يمكن أن يطلق عليه عصر الأمراض المعدية الناشئة".
وتابع فيسمان قائلا "هناك محاولة لتهويل الأرقام الخاصة بالضحايا، لتعزيز نظريات المؤامرة، لكن حقيقة هؤلاء يدفنون أدمغتهم في الرمال، نحن أمام كارثة من نوع جديد وليست سلاح بيولوجي نحن أمام تحول كبير في النشاط الفيروسي على كوكب الأرض وليس بفعل البشر، ولكن بفعل الطبيعة نفسها".
كما قالت ميا ماجومدر ، من برنامج المعلوماتية الصحية في مستشفى بوسطن للأطفال:
"الأمر لا علاقة له بسلاح بيولوجي، ويجب أن يتم التعامل معه على أنه أمر من ثوابت الطبيعة، كما أن انتشاره يختلف بصورة كبيرة من مكان لآخر، على حسب الممارسات الاجتماعية والاختلافات البيئية، وما إلى ذلك من أمور".
ونقلت المجلة كذلك عن مركز السيطرة على الأمراض الأمريكي، إنه بعد دراسة كل الحالات الواردة ونوع الفيروس، لا يوجد أي دليل يدعم تلك الفكرة التي تتحدث عن أنه فيروس "مخلق" في المختبرات أو سلاح بيولوي، بل هو مجرد "فيروس" معدي ينتقل إلى البشر ويتحور بسرعة كبيرة.
استغلال سياسي
ولكن من جانبها، لفتت المجلة الأمريكية إلى أنه برؤية أخرى، سينظر إلى أن مثلا صحيفة "واشنطن تايمز" التي بدأت تلك الضجة وعدد من المواقع الأمريكية، معظمها من المؤيدين لترامب، والمساندين له في صراعه السياسي الأخير ضد الصين، أي أن الأمر كله ليس إلا حرب سياسية.
كما تحدث مستشار الأمن القومي، روبرت أوبراين، في مقابلة مع برنامج "واجهة الأمة" عبر قناة "سي بي إس" الأمريكية عن أن الصين لم تقبل العروض الأمريكية للمساعدة، وهو ما وصفته تقارير إخبارية بمحاولة استغلال سياسي للكارثة.
لكن أوبراين، قال: "لم تقبل الصين حتى الآن، عرضا أمريكيا، بالمساعدة في احتواء المرض".
واستمر قائلا "لم يأتنا رد من الصينيين إلى الآن حول هذه العروض، لكننا مستعدون للتعاون معهم".
واستطرد قائلا "نمتلك خبرة هائلة فيما يتعلق بتلك الأمراض، نعلم أن انتشاره مصدر قلق عالمي، لذلك نريد أن نساعد زملاءنا في الصين، ولازلنا نقدم العرض ونأمل أن يقبلوه".
كما قال وزير التجارة الأمريكي إن تفشي الفيروس من شأنه تعجيل عودة الوظائف إلى الولايات المتحدة.
وفي المقابل، ردت الخارجية الصينية على تصريحات المسؤول الأمريكية بقولها: "بعض الدول وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية، تتعامل مع فيروس كورونا بطريقة عجيبة جدا".
وتابعت قائلة في مؤتمر صحفي نقلته وكالة "فرانس برس": "لم تتلق الصين أي مساعدة جوهرية من الولايات المتحدة، وكل ما تلقته بكين هو نشر الذعر فقط".
واستمرت المتحدثة باسم الخارجية الصينية، هوا تشون ينغ قائلة "رد فعل الولايات المتحدة محاولة منها لخلق حالة من الخوف ونشر الذعر في كل العالم".
وقالت هوا تشون ينغ: "الولايات المتحدة، كانت أول دولة تقترح انسحابا جزئيا لموظفي سفارتها، وأول دولة تفرض حظرا على سفر الأشخاص من الصين".
وأردفت قائلة
"كل ما فعلته لا يمكن أن يوصف إلا أنه لخلق ونشر الخوف وهو مثال سيء، ثم يتحدثون عن تقديمهم للمساعدة".
عثرات الدولة العظيمة
كما نشرت وكالة الأنباء الصينية "شينخوا" تعليقا، حول ما وصفته بـ" استغلال الولايات المتحدة عثرات الآخرين"، مشيرة إلى أنه هذا لن يجعلها أبداً من دولة عظيمة.
وقالت الوكالة الصينية: " أطلقت الولايات المتحدة حديثاً تصريحات واتخذت إجراءات غير ودية تجاه الصين، وهي تصريحات وإجراءات غير قائمة على حقائق وغير مفيدة في هذا الوقت بالتحديد، الذي تبذل فيه الصين قصارى جهدها لمكافحة تفشي فيروس كورونا الجديد".
وتابعت
"استغلال الصعوبات التي يواجهها الآخرون هي آخر شيء نحتاجه في العلاقات بين دولتين. ولهذا، لا تعتبر الخطوات الأمريكية الأخيرة دلالة على حسن النية، بكل تأكيد".
واستمرت بقولها "رغم أن الجانب الأمريكي يسعى إلى إشاعة الهلع، فإن شعوب العالم تستطيع التفرقة بين الصواب والخطأ،وهناك اعتراف واسع النطاق بأن العالم يكون على ما يُرام، فقط حينما تكون الصين على ما يُرام".
يذكر أنه أعلنت لجنة الصحة الوطنية في الصين، اليوم الاثنين، إن إجمالي عدد الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا في الصين ارتفع إلى 361 اعتبارا من يوم الأحد بزيادة 57 عن اليوم السابق.
وأضافت أن، 56 من حالات الوفاة الجديدة في مقاطعة هوبي وواحدة في بلدية تشونغتشينغ.
وكانت السلطات الصينية قد أبلغت، في 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي، منظمة الصحة العالمية عن تفشي الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس (كورونا الجديد) في مدينة ووهان، الواقعة في الجزء الأوسط من البلاد.