أعلنت رئاسة الجمهورية اللبنانية أن رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، خلال زيارته للبنان، الاثنين الماضي، أبدى استعداد بلاده لمساعدة بيروت اقتصاديا، فيما جدّد الدعوة الإيرانية للرئيس عون لزيارة طهران.
وفي ظل الأزمة الاقتصادية يتطلع اللبنانيون إلى أية مساعدات دولية، بيد أن الرفض المتكرر للمساعدات الإيرانية يأتي بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران، فهل يقبل لبنان المساعدات هذه المرة؟.
عرض إيراني جديد
وأضاف: "نحن لا نخفي دعمنا للمقاومة، وقد بحثنا اليوم كل مجالات الدعم للبنان، خلال لقاء المسؤولين، الصناعية والاقتصادية والزراعية".
ورفض لاريجاني وصف حزب الله بـ"الإرهابي"، قائلا: "لن نسمح لأي دولة بتصنيفه على قائمة الإرهاب، فالحزب هو رأس مال كبير للبنان الشقيق".
جرأة مطلوبة
محمد غروي، المحلل السياسي الإيراني قال "سبق وأن طرحت إيران مساعدتها على لبنان، سواء في الموضوع الاقتصادي أو العسكري، أو المدني، كما طرحت طهران المساعدة في أزمة الكهرباء".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "لبنان رفض تلك المساهمات، واليوم عادت طهران لطرح مبادراتها مرة أخرى لإنقاذ الوضع اللبناني الاقتصادي والإنساني".
وعن إمكانية قبول تلك المساعدات، قال: "الأزمة أن أطرافا لبنانية كثيرة تريد وتقبل بهذه المساعدات، لكن هناك أطراف أخرى تعمل وفق أجندة أمريكية وعربية لا يمكنها قبولها، ورغم ذلك لا يستطيعون أن يأتوا ببديل".
وأشار إلى أن "ما عرضته إيران خير للبنان سواء قبلها أو لم يقبلها، ففي حال تمت الموافقة عليها ستصل إلى الشعب اللبناني، وفي حال لم يتم قبولها ممكن أن يتم استغلالها كآداة ضغط على أمريكا والدول العربية لإرسال مساعدات بديلة".
وأنهى حديثه قائلًا: "أتصور إن كانت الحكومة اللبنانية الجديدة جادة في محاولات إنقاذ الوضع الراهن، فعليها القبول بالمبادرة الإيرانية، ولكن يجب أن تتحلى بقدر كبير من الجرأة والشجاعة المطلوبة في هذه المرحلة الحساسة".
ذرائع واهية
من جانبه قال فيصل عبد الستار، الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، إن "هذه ليست المرة الأولى التي تعرض فيها إيران المساعدات على لبنان، فلطالما عرضت ذلك في جميع المجالات كتسليح الجيش والمساهمة في حل دائم لمشكلة الكهرباء وغيرها".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، "هذه العروض كانت دائماً تقابل بالرفض من قبل المسؤولين اللبنانيين، بذرائع متعددة منها أن لبنان لا يستطيع التعامل مع طهران وقبول هذه المساعدات بسبب الحظر الأمريكي المفروض عليهم، والذي قد يؤثر سلبًا على بيروت".
وتابع: "حالة الوهم هذه مصطنعة وليست صحيحة على الإطلاق، إيران تتعامل مع الكثير من دول العالم، ولا أحد يطرح مثل هذه المعادلات إلا أن البعض في لبنان ينطلق من خلفيات سياسية".
ومضى قائلًا: "بعض اللبنانيين ضد مصالحهم ومصالح الشارع، ولا أفهم إلى الآن السبب في ذلك، والآن تعاود إيران طرح مساعدتها للبنان، الذي يعاني من حاجة ماسة على كل المستويات".
وأشار إلى أن "إيران عرضت المساهمة في الكثير من القضايا وإيجاد حلول للكثير من المشكلات، مثل أزمة الزراعة والكهرباء وغيرها، وهذه المساعدات يمكنها أن تخفف الأزمة في لبنان".
وأكد أن "الحكومة الآن أمام امتحان حقيقي، عليها أن تخرج من كل الدوائر التي كانت تتحكم في القرار السياسي، والابتعاد عن شعارات ليس لها أي مضمون حقيقي".
خطوات غير مدروسة
بدوره قال رياض عيسى، الناشط المدني والسياسي اللبناني، إن "الحديث عن قبول لبنان للمساعدات التي عرضتها إيران تتوقف على نوع هذه المساعدات، هل هي مساعدات إنسانية واجتماعية وهي لا تدخل ضمن العقوبات الأمريكية، أم مساعدات عسكرية ومسلحة للجيش وهذا غير مسموح دوليًا".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، "طرح إيران لمساعدات للبنان دائمًا ما يتبعه ضغوط عربية وخليجية وأمريكية على لبنان لرفض استلام أي مساعدات وذلك في إطار الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة".
وتابع: "على المستوى الداخلي ليس هناك أي إجماع من اللبنانيين حيال التعامل مع إيران، فمحور حزب الله يؤيدون تلك الخطوة، وعلى الأقل نصف الشعب الآخر يرفض فكرة قبول مساعدات إيران، أو أي تدخل منها في الشؤون الداخلية للبلاد".
وعن الموقف المتوقع من الحكومة اللبنانية من تلك المساعدات، قال: "الحكومة تدور في الفلك الإيراني لكن لا يمكنها الإقدام على خطوة كهذه نتيجة العقوبات المفروضة، وذلك رغم حاجة لبنان الماسة للمساعدة الاجتماعية والاقتصادية لانتشاله من الوضع الصعب الذي يعيش فيه".
وأنهى حديثه قائلًا: "لا يمكن للبنان واللبنانيين الإقدام على خطوات غير مدروسة قد تربحهم بعض المساعدات الآنية وتخسرهم أصدقاء وحلفاء تاريخيين أو قد تعزلهم عن العالم".
زيارة إيرانية
وكان رئيس وزراء لبنان، حسان دياب، قد اجتمع مع رئيس البرلمان الإيراني، الذي يعد أول مسؤول أجنبي كبير يزور بيروت منذ تولي حكومة دياب السلطة، في الوقت نفسه لم تبد أي دولة خليجية أي اهتمام بحكومة رئيس الوزراء الجديد.
وكان رئيس البرلمان الإيراني قد ذكر، لدى وصوله إلى لبنان، أن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية تريد لبنان حرا ومستقلا في ظل الوحدة الوطنية"، مشيرا إلى أن لبنان بلد مؤثر في منطقة الشرق الأوسط".
وقال لاريجاني، في تصريح أدلى به للصحفيين، مساء الأحد الفائت، إن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية كان لها على الدوام علاقات ودية وممتازة مع لبنان"، حسب وكالة "مهر" الإيرانية.
وأعرب رئيس مجلس الشورى الإيراني عن سعادته لزيارة بيروت، مهنئًا الشعب اللبناني بتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة حسان دياب.