تغنى الشاعر السوداني الراحل محجوب شريف بتلك الكلمات وهو يحلم بوطن ملىء بالأمل والحرية والعدالة الإجتماعية "حنبنيهو البنحلم بيهو يومياتي.. وطن شامخ وطن عاتي"، والتي أصبحت تردد وتعاد ويسمع صداها في كل ولايات السودان، وتم اختصارها في كلمة واحدة في ساحة الثورة السودانية بين الشباب "حنبنيهو" لتكون عنوان حملة للعطاء ومشوار للبناء من جديد.
تبنى تجمع المهنيين السودانيين تلك الحملة ووجدت تجاوبا كبيرا بين فئة الشباب كمبادرات داخل الأحياء بنظافة الشوارع وإعادة طلاء الطرق الرئيسية العامة، ثم انتقلت إلى إعادة تأهيل المدارس والمستشفيات واستعادت دورها في رعاية المرأة المهمشة.
الكنداكات
قالت أمل الصادق كبر أمينة المرأة في مبادرة "حنبنيهو" لـ"سبوتنيك":"قبل الثورة كانت هناك عملية قمع للمرأة وحريتها، ولم يكن بمقدورها ممارسة البرامج الثقافية والتوعوية والإرشادية، لم يكن بمقدورها فعل ذلك بعيدا عن الكيانات والأحزاب السياسية، حيث كان المحسوبين على التنظيمات السياسية هم من يقومون بهذا العمل دون غيرهم من المؤتمر الوطني أو الحركات الإسلامية، كل ما يخص المرأة لم يكن يخرج عن حزب المؤتمر الوطني".
وأضافت الصادق:"بعد الثورة تغير حال المرأة بشكل كبير جدا بعد الدور الكبير والمعاناة التي تحملتها المرأة السودانية وما تعرضت له من انتهاكات وقمع، بل كانت "الكنداكات" حاضرات في قيادة الثورة أكثر من العنصر الرجالي، ورغم قمعها وسجنها قبل وأثناء الثورة واعتقالها وتعذيبها، لكنها لم تتراجع ومضت إلى الأمام حتى تحققت أهداف الانتفاضة بسقوط البشير والوصول إلى الحكومة المدنية".
الحقوق المفقودة
وتابعت أمينة المرأة :"وضعنا في المبادرة خطة متكاملة لتعريف المرأة بحقوقها في اختيار الزوج وتربية النشء في البيت والمدرسة والمجتمع بشكل عام، اليوم أصبح للمرأة صوت تشارك به في كل الأنشطة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية".
وأوضحت أمينة المرأة في مبادرة "حنبنيهو" أنهم يقومون بعمليات تثقيف وتعليم للمرشدات في المدن، ثم يقومون بعد ذلك بإرسال قوافل إلى المرأة المهمشة جدا في الريف والتي لم يكن يتعدى دورها العمل المنزلي، لم يكن لها أي دور آخر، اليوم نحاول تعليم المرأة حرف وأعمال يدوية وصناعات بسيطة لكي تكون عضوا منتجا، والكثير من المشاريع الصغيرة تجد من خلالها أن هناك الكثير من السيدات والفتيات لديهن مهارات وخبرات في الخياطة العادية وعمل المشغولات اليدوية بعيدا عن الماكينات التي تحتاج للكهربا الغير متوفرة في تلك المناطق.
نموذجا للعطاء
وذكرت الصادق :"إننا نحاول في تلك المبادرة أن نجعل من المرأة الفقيرة المهمشة نموذجا للعطاء والإنتاج وتساهم في زيادة الدخل القومي للمجتمع ولأسرتها، وضمن المشروعات الصغيرة التي تقوم بها المرأة الآن، كل مجموعة من الفتيات يقمن بالاتفاق على فكرة مشروع بعينه ويحصلون على التمويل من الجهات المعنية لإنشاء مشروعات صغيرة مثل الدواجن وورش الخياطة، وفي السابق لم تكن المرأة الغير عاملة بالسياسة أو المقربة من حزب البشير الحصول عليه".
نشأة المبادرة
قال وليد زايد، الأمين العام لمجموعة حنبنيهو لـ"سبوتنيك"، إن مجموعة "حنبنيهو" بدأت مبادرة في العام 2013 مع انتفاضة سبتمبر/أيلول المعروفة، وكان هدفها تشجيع ثقافة العمل الجماعي لتجاوز المشاكل الموجودة في المجتمع والمتمثلة في الظلم الواقع على الشعب من النظام السابق.
قمع حكومي
وتابع زايد:"تم قمع المبادرة بوحشية من جانب البشير وحكومته، ثم بدأت المبادرة تعمل كمجموعة سرية في هذا التوقيت إلى أن أعلنت عن نفسها العام 2018 تحت أسم "مجموعة حنبنيهو" وحاولت تسجيل نفسها بصورة رسمية، لكن حكومة البشير ولما وصفت بالمخاوف الأمنية منعت تسجيل المجموعة كمجموعة ثقافية منظمة".
الثورة السودانية
وأضاف الأمين العام أن المبادرة شاركت في الثورة السودانية بفعالية كبير من لحظاتها الأولى، وساهمت بإيجابية كبيرة في تنظيم العمل الثوري والمواكب ومتابعة قضايا الاعتصام في الخرطوم وفي كل مدن السودان، حيث أن المفهوم الأساسي للمبادرة هو ثقافة العمل الجماعي، وأن يساعد الناس بعضهم في حل مشاكلهم وقضاياهم سواء السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية، والعنصر الأهم الذي تركز عليه المجموعة هو القضايا البيئية.
قوة مدنية
وأشار زايد إلى أن المجموعة تعمل كقوة مدنية، وأي قوة مدنية لابد أن تتعاطى مع الوضع السياسي، لأن الشأن السياسي هو الذي يفتح المجال للقوى المدنية لكي تواصل عملها، كما يمكن للشأن السياسي أيضا أن يعطل عمل القوى المدنية، نحن غير سياسيين ولكننا ندعم الإطروحات السياسية التي تخدم الشعب السوداني، حيث دعمنا إعلان قوى الحرية والتغيير كقوة سياسية رغم أننا غير موقعين على إعلانهم، وسنظل داعمين لهم طالما التزموا بالمبادىء المعلنة من البداية، وإذا حادت عن الإعلان بكل تأكيد ستتخلى عنهم المجموعة.
تمكين المرأة
وأكد أمين عام المجموعة أن وضع المرأة بعد الثورة بدأ في التعافي وأهم علامات هذا التعافي أنها كانت اللاعب الأساس في قيام ثورة ديسمبر/كانون ثان، وكان أهم شعارات الثورة هو "الكنداكات" اعتزازا بتاريخ أسلافنا الضارب في القدم والذي يقارب عمره ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد، اليوم كل المجتمع السوداني يتجه نحو دعم قضايا المرأة من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية التي تتناسب مع أعراف وتقاليد المجتمع السوداني، وتعد قضايا المرأة من أهم القضايا التي تتعامل معها مجموعة "حنبنيهو"، وأغلب الناشطين لدينا في المجموعة سيدات ويعملوا على تمكن المرأة من العمل من أجل الكسب وزيادة الدخل.
ومنذ 21 أغسطس/ آب الماضي، يشهد السودان، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم السلطة خلالها كل من المجلس العسكري، وقوى "إعلان الحرية والتغيير"، قائدة الحراك الشعبي.