الدعم الذي أعلن عنه الاتحاد الأوروبي لطهران، جاء مشروطًا بضرورة ألا يتعارض مع العقوبات الأمريكية المفروضة، الأمر الذي أثار تساؤلات بشأن طبيعة الدعم، وكيف يمكن تقديمه في ظل الرفض الأمريكي المستمر.
وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس الاثنين، إنه "ينبغي للولايات المتحدة رفع العقوبات إذا كانت تريد مساعدة إيران في احتواء تفشي فيروس كورونا"، مضيفا أن بلاده ليس لديها نية لقبول عرض واشنطن تقديم مساعدة إنسانية.
مساعدات أوروبية
وقال جوزيف بوريل الممثل السامي لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، إن الوضع في إيران باعتبارها ثاني أكثر الدول تضررًا في العالم من وباء كورونا، أصبح دراماتيكيًا.
وأضاف بوريل في مؤتمر صحفي عقده بعد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، عبر تقنية الفيديو كونفرانس، قائلًا: نحن بحاجة إلى مواصلة تقديم المساعدة الإنسانية لإيران، مشيرًا إلى وجود 20 مليون يورو من المساعدات الإنسانية يتوقع تسليمها في الأسابيع المقبلة.
وقال بوريل، إنه تم الاتفاق على دعم طلب إيران وفنزويلا إلى صندوق النقد الدولى للحصول على دعم مالي، وقد طلبت 70 دولة الدعم المالي، من بينها إيران وفنزويلا، وسوف ندعم هذه الطلبات لأن هذه الدول في وضع صعب للغاية، ويرجع ذلك أساسًا إلى العقوبات الأمريكية التي تمنعها من الحصول على دخل عن طريق بيع نفطها.
وأكد البيان الصحفي ضرورة إيصال بعض البضائع الإنسانية التي لا تدخل تحت طائلة العقوبات الأمريكية مثل السلع والأغذية والأدوية والأشياء الطبية، والتي يمكن أن يتم تسليمها إلى هذه البلدان وهي ليست خاضعة للعقوبات الأمريكية.
وقال بوريل: أريد أيضًا أن أذكّر بأن إيران كانت تقول إنها مستعدة للعودة إلى الامتثال الكامل للاتفاق النووي إذا تم رفع العقوبات، والشيء الوحيد الذي يمكن أن يفعله الاتحاد الأوروبي هو الحفاظ على الاتفاق النووي على قيد الحياة، وتقديم المساعدة الإنسانية والتوضيح لأي مشغل يشارك في هذا العرض الإنساني للسلع والخدمات التي لا تخضع لها العقوبات الأمريكية.
موقف واضح
مصطفى الطوسة، المحلل السياسي المقيم في فرنسا، قال إن "الموقف الأوروبي الآن واضح، حيث يريد تلبية طلب إيران المالي من صندوق النقد الدولي، وذلك في إطار مجهوداها لمحاربة وباء كورونا المنتشر بقوة في طهران".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "دول الاتحاد الأوروبي ضرورة دعم الطلب وتفعيله، حيث أنه لا يتناقض مع العقوبات الأمريكية المفروضة، لأنه سيدعم الأدوية والمواد الغذائية، ويمكن وضعه في خانة المساعدات الإنسانية الدولية لبلد يعاني معاناة شديدة جراء الوباء".
وتابع: "هناك تناقض في الموقف الأمريكي، إدارة ترامب تعرض مساعدة إيران بشكل مباشر، لكنها تشترط تقديم طهران لتنازلات والدخول في مفاوضات مع أمريكا للخروج من أزمة الاتفاق النووي".
وأكد أن "ترامب يعارض موقف الاتحاد الأوروبي، ويعارض دعم صندوق النقد الدولي بحجة أنه يتناقض مع منطق العقوبات الاقتصادية المفروضة، وأنه سيسمح بمساعدة النظام الإيراني دون تقديم أي تنازلات".
توجه أمريكي
ومضى قائلًا: "سيكون هناك تناقض مباشر، واصطدام علني بين مواقف الاتحاد الأوروبي والإدارة الأمريكية، خاصة أن الدول الأوروبية من منطقها وعقيدتها مساعدة طهران، وذلك لانتشالها من أزمة كورونا، وكذلك بعث رسائل سياسية لطمأنة الرأي العام والقيادة الإيرانية وذلك لدفعها في المستقبل القريب لتفهم احتياجات ومطالب الاتحاد الأوروبي".
إلا أن – والكلام ما زال على لسان الطوسة- الإدارة الأمريكية لا تريد أن تترك هامشًا للمناورة لدول الاتحاد الأوروبي، وذلك لمنع إقامة أي جسر تواصلي وتفاوضي بين بروكسيل وإيران.
وأنهى حديثه قائلًا: "أمريكا تريد استعادة زمام المبادرة، وأن تفرض هي الوتيرة السياسية التفاوضية في الملف النووي، ولا تريد لأوروبا أن تفرض هي متطالبات وأجندة المفاوضات القادمة".
سياسة الغطرسة
من جانبه قال المحلل السياسي الإيراني، محمد غروي، إن "انتشار فيروس كورونا غير الكثير من المعادلات، سواء على مستوى العلاقات الدولية، أو سياسة القطب الواحد، أمريكا والاتحاد الأوروبي والعديد من الدول ستتغير بشكل كامل".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "إيران الآن احتوت أزمة كورونا بشكل كبير، ولم تعد بحاجة لأي مساعدات سواء من أمريكا أو الاتحاد الأوروبي، في ظل تزايد حالات التعافي".
وتابع: "إيرام أكدت أنها لا تحتاج إلى مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، أو أمريكا من أجل الحصول على ماسكات أو أدوات طبية، فطهران نجحت في تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه المستلزمات".
وأكد أن "إيران تريد فقط أن يكف الاتحاد الأوروبي وواشنطن عن سياسة الغطرسة والاستعلاء تجاه طهران، فهم مأزومون في نفس إطار الوباء، ويتلقون المساعدات من الصين وغيرها من البلدان".وقف إيراني
وقال روحاني، في خطاب تلفزيوني: "الزعماء الأمريكيون يكذبون... إذا كانوا يريدون مساعدة إيران، فما عليهم سوى رفع العقوبات... عندها سنتمكن من التعامل مع تفشي فيروس كورونا"، وذلك حسب وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية "إرنا".
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال إن الولايات المتحدة مستعدة لمساعدة إيران على مواجهة تفشي فيروس كورونا، مقترحا إرسال "خبراء صحة" أمريكيين إلى طهران.
وقال ترامب، في مؤتمر لاتحاد المحافظين الأمريكيين: "إذا استطعنا مساعدة الإيرانيين في هذه المشكلة، فسنقوم بذلك بالطبع"، مضيفا:"لكن كل ما عليهم فعله هو طلب ذلك".
وأعلنت وزارة الصحة الإيرانية، الأحد، ارتفاع حصيلة الوفيات بفيروس "كورونا" إلى 1685، والمصابين إلى 21638 شخصا.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة الإيرانية كيانوش جهانبور، في تصريحات للتلفزيون الرسمي، إن عدد الوفيات بسبب فيروس كورونا ارتفع إلى 1685 بعد وفاة 129 شخصا خلال الأربع والعشرين الساعة الماضية. وأضاف: "هناك 1028 حالة إصابة مؤكدة جديدة خلال الأربع والعشرين الساعة الماضية، ليبلغ إجمالي الإصابات 21638، فيما تعافى 7913 شخصا".
