هذه الآثار قد تكون مادية واقتصادية على الأندية، لكنها ستكون لها أبعاد بدنية وفنية على اللاعبين والفرق، خصوصا وأن معظم اللاعبين محرومون من التدريبات حاليا، لعجزهم عن الوصول إلى مراكز التدريب، وعدم تمكن جميع اللاعبين من القيام بالتمارين في المنزل.
الأثر على اللاعبين
تعتبر فترة التوقف الطويلة سلبية على اللاعبين، خصوصا مع عدم القيام بالتمارين المعتادة، والمخاوف من زيادة الوزن والكسل الذي قد يصيب العضلات، وحول ذلك يتحدث لوكالة "سبوتنيك" كابتن منتخب سوريا السابق والمدرب زياد شعبو، ويقول: "من المؤكد أن التوقف الطويل يؤثر بشكل كبير على اللاعبين بدنيا وفنيا، كون اللاعب لا يتحرك خلال هذه الفترة أبدا، ففي الحالة العادية يكون اللاعب قيد التحضير والتهيئة للمنافسات خلال فترات التوقف".
ويتابع: "أما خلال الفترة الحالية فمعظم اللاعبون جالسون في بيوتهم من دون أي ممارسة للرياضة، وهذا يؤثر سلبا على اللاعب، عدا حالة الملل التي تصيب اللاعبين، حيث لا زال من غير المعروف متى ستعود المنافسات والدوريات والتمارين".
وبدوره يقول الباحث الأكاديمي المختص في كرة القدم غيفار الخطيب في لقاء مع وكالة "سبوتنيك": "لدى مدرب كرة القدم برنامج إعداد عام، وبعد ذلك لديه برنامج إعداد خاص ومن ثم برنامج إعداد للمنافسات ومن ثم هناك مرحلة إنتقالية، لكن ما حصل حاليا أن هذا البرنامج توقف، والذي يهدف في النهاية إلى تنمية القدرات الفيزيولوجية القلبي التنفسي للاعب بحيث تعطي أفضل أداء ممكن".
ويتابع: "الآن في منتصف الموسم حدثت فترة توقف طويلة تشابه فترة ما بعد المنافسات، حيث يكون هناك عطلة لمدة شهر قبل الدخول في الإعداد العام للموسم، وهذا الشهر أصبح في منتصف الموسم، وهذا ما يخلق تحديا كبير جدا على اللاعبين".
ويضيف الخطيب: "فهم غير قادرين على التمرن بشكل طبيعي، وفي نفس الوقت سيعودون للعب مباريات وبطولات برتم عال ومتطلبات عالية، لذلك لا يمكن إلا أن يحدث تراجع بمستوى اللاعب حاليا".
كم يحتاج اللاعب للتحضير قبل العودة؟
يرى المدرب السوري زياد شعبو أن اللاعب يحتاج إلى فترة تحضيرة قبل العودة مرة أخرى إلى لعب المباريات الرسمية لا تقل عن شهر على الأقل، ويوضح وجهة نظره بقوله: "في حال تم الإعلان عن استئناف المنافسات فلا بد أن تكون الفترة التحضيرية شهرا، وهي كافية لكي يستعيد اللاعب لياقته البدنية، وهذه الفترة جيدة وتسمح بأن يتم تحضير اللاعب بشكل جيد".
ويتابع الشعبو حديثه: "يتم تقسيم هذا الشهر إلى أربعة أسابيع، أولها تمارين خفيفة وهنا لن أدخل في موضوع الهوائي واللاهوائي وهذه الأمور، ثم نرفع التمارين بشكل متدرج حتى نصل إلى آخر أسبوع حيث يمكن خوض مباراة أو اثنتين في الأسبوع، وعندها يمكن الدخول إلى المنافسات حيث ستكون جاهزا بنسبة 80% نوعا ما".
أما الباحث غيفار الخطيب فيقول أن هناك أمرا مهما غير توقيت عودة المنافسات، ويتحدث: "هناك أمر مهم في حالة عودة المنافسات وعدم التحضير جيدا، حيث سيكون هناك مشكلة التعرض للإصابة، حيث أن العضلات غير مستعدة للتأدية بالشكل المطلوب، فيضغط اللاعب على عضلاته ما يؤدي إلى الإصابة، كما قد يؤدي التعب الكبير والمجهود المتواصل إلى حمل زائد على العضلات، حيث سيكون مجبرا على أداء مباراتين خلال الأسبوع، وهذا أيضا يؤدي إلى إصابات أيضا".
ويضيف: "كذلك سيكون رتم اللاعب منخفض جدا، وسيكون متعبا قبل الوصول إلى الدقيقة 70 أو 80 من عمر المباراة، لأن الجسم كأنه أنهى الموسم وهو عائد إلى موسم تحضير عام ومن ثم خاص بعد استراحة طويلة، لكن الآن ستكون العودة فورا إلى مستوى عالي جدا تتطلبه المباريات".
ويواصل: "لذلك لن يكون اللاعب قادرا على الاستمرار لفترة طويلة، وستكون المباريات بطيئة كما في بداية الدوري بشكل عام، حيث تكون المباريات مملة إلى حد ما".
انخفاض في المستوى
من المعلوم أن مستوى البطولات يبلغ القمة بعد النصف الثاني من أي منافسة، حيث يستطيع اللاعب الدخول في جو المنافسات، وعما إذا كانت فترة التوقف الحالية ستؤثر في مستوى المباريات بشكل عام في البطولات العالمية، يقول الكابتن زياد شعبو: "هناك فرق بين أن تكون في منافسة دوري وتلعب مباراة أو اثنتين كل أسبوع وفي إنجلترا أحيانا يلعبون 3 مباريات أسبوعيا، وأن تتوقف لأكثر من شهر كما يجري حاليا في مختلف الدوريات".
ويتابع: "نلاحظ في مختلف المنافسات أن بداية البطولة تكون عادية، وليست بالقوة المرتفعة، ولكن مع تقدم المباريات حتى نصل إلى منتصف الدوري أو نهايته، يصبح اللاعب في قمة عطائه فنيا وبدنيا، لذلك من المؤكد أن أداء اللاعبين مهاريا وبدنيا سينخفض مع هذا التوقف".
وبدوره يلاحظ الشيء نفسه الأكاديمي المختص في كرة القدم غيفار الخطيب، ويشرح: "إيقاف اللاعب عن التمرين يعني إنهاء الموسم له، لكن لا يجب أن يكون هناك إيقاف للحمل التدريبي على اللاعب أصلا، أما من الناحية الفنية وما يسمى بالحساسية على الكرة واللمسة الكروية، والتبادل والتفاهم بين المجموعة، فهذا الأمر يعود سريعا".
ويضيف: "خاصة فيما يتعلق باللاعبين ذوي المستوى العالي، حيث أنهم يستطيعون فهم تعليمات المدرب، ويعرفون كيف يلعب زملاؤهم في الفريق، ولا يوجد مشكلة فيها، بل يبقى الأهم العامل البدني للفريق، وحتى لو بدأنا الآن فلا بد أن اللاعبين يحتاجون إلى فترة شهر حتى يستعيد اللاعبون من 70-80% من قدرة اللاعبين".
الحل المتوقع
ويرى كل من الخبيران طريقة مختلفة لحل هذه المعضلة، فيقول المدرب زياد شعبو: "من المؤكد أن لدى الفيفا الخبرات ويعرفون ما يجري حاليا مع الأندية واللاعبين، والبطولات المحلية على مستوى العالم، لذلك لا أتوقع أن يكون هناك استعجال وحرق مراحل بحيث يتم الاستفادة ماديا وإنهاء الدوريات ويتم ضغط المراحل".
ويواصل حديثه: "لذلك من الممكن أن يتم إزاحة الدوري في الموسم القادم قليلا، ويكملوا هذا الدوري بطريقة مناسبة ولبقة، وألا تكون بطريقة عشوائية فقط لإكمال الدوري، وأتوقع أن الفيفا قادرة على أن تخرج من هذا الموقف بشكل سليم وصحي ومناسب من دون عجلة أو تسرع".
أما غيفار الخطيب فيعتقد أن الحل يأتي مع مواصلة التدريبات وفق البرنامج المقرر، ويوضح: "الحل أن يكون هناك محاكاة وهو أمر معقد، حيث يكون من ضمن البرنامج المخطط أن يركض اللاعب خلال هذه الفترة مسافة معينة وبشدة معينة وإعطاء راحة معينة، والمهمة هنا تقع على عاتق المدرب بأن يجعل اللاعب يقوم بهذا الشيء من ضمن الخطة التدريبية في المنزل".
ويواصل: "هذا الشيء يمكن أن يكون من خلال التدريب أونلاين، حيث يفتح المدرب قناة موحدة للاعبين ويمرن اللاعبين بنفس الشدة التدريبية، أو يتم إرسال البرنامج التدريبي للاعبين وكل لاعب يلتزم بذلك لوحده، وهذا الشيء يحدث في الأندية المتطورة".
ويضيف الخطيب: "هذه الأندية تسير وفق البرنامج المخطط لها كما لو أن هناك مباريات، حيث يعطى اللاعبون شدة تمرين عالية جدا يوم الأحد حيث كانت تجري المباريات، ويوم الإثنين يكون راحة، والثلاثاء تمرين متوسط، والأربعاء تمرين فوق المتوسط، كأنهم في جو المنافسة".
ويختم بقوله: "أما في المستويات المحلية أي العربية وما يشبهها لا يوجد هذا الشيء، حيث لا يوجد برنامج سنوي ثابت، فيذهب اللاعب إلى منزله، وهذا يؤدي إلى خسارة ما تمرنه في الوقت السابق، وحاليا المستوى البدني والفني يهبط لهؤلاء اللاعبين، وتراجع في مرونة العضلة ولزوجة المفاصل وقدرة التحمل للاعب، بالإضافة إلى اكتساب وزن زائد في حالة عدم الانتباه إلى النظام الغذائي للاعب".