وأوضح، سيف البدر، أن القطاع الصحي في العراق لم يواجه حتى الآن مشكلة في مكافحة الجائحة، محذرا من أنه إذا ازدادت الحالات وصار تفشي وبائي لن يستطيع النظام الصحي في العراق التعامل مع الأمر.
وإليكم نص الحوار:
كيف ترى معدلات الإصابة والوفيات بفيروس كورونا في العراق أو المنحني الوبائي؟
إن الوضع الوبائي في العراق إذا تم مقارنته بعدد من دول العالم والمنطقة، يعتبر جيدا وتحت السيطرة، وبالرغم من ذلك فإننا نأسف لكل حالة إصابة ووفاة .
إذا ما نظرنا لتصنيف هذه الإصابات بين المحافظات... هل ترى أن المحافظات التي يوجد بها مزارات دينية متضررة أكثر بالفيروس؟
صحيح، وهذا تفسير منطقي علمي مبدئي ونحن نحتاج إلي دراسات أكاديمية مستفيضة مستقبلا لكل الإصابات وتوزيعها للخروج باستنتاجات علمية رصينة، وحاليا الإصابات تتركز في المحافظات التي يوجد بها حركة سياحة وتحديدا السياحة الدينية، حيث تحتوي هذه المحافظات علي مدن ومزارات مقدسة.
كما لاحظنا زيادة في الإصابات أيضا في محافظة السليمانية المجاورة جغرافيا لإيران والبصرة أيضا، وبشكل عام تتركز الإصابات في المحافظات التي فيها مطارات وحركة سياحة وتنقل من وإلي المحافظة وبالذات النجف وكربلاء والسليمانية والبصرة.
في المحافظات المتضررة أكثر من غيرها مثل السليمانية والنجف وبغداد، ماذا عن الإجراءات الاحترازية المتخذة فيها؟
يوجد في محافظة الأنبار إصابة واحدة، وفي صلاح الدين إصابات معدودة، أما بغداد فتركزت فيها أغلب الاصابات باعتبارها العاصمة وهناك أيضا البصرة والسليمانية والنجف.
ورغم أن هناك انخفاضا نسبيا في الاصابات خلال الأيام القليلة الماضية فمن المبكر جدا أن نستنتج أننا تخطينا مرحلة الخطر، حيث نحتاج لوقت أكثر لدراسة منحني الإصابات ولذلك لا يجب التخفيف من التشدد في تطبيق قرارات وزارة الصحة وخلية الأزمة.
ما تقوله يتماشى مع ما تحدثت به منظمة الصحة العالمية من أن العراق لم يغادر ذروة الاصابات بعد، لماذا قامت المنظمة بهذا النفي هل كان هناك تراخي في الاجراءات؟
بعض وسائل الإعلام وبعض الشخصيات العامة والمعروفة، بعد تسجيل حالات إصابة أقل من حالات الشفاء خلال الأيام الماضية وانخفاض معدلات الوفيات، استنتجوا أن العراق اتجه نحو انحسار وباء كورونا، وهذا الأمر غير صحيح وغير دقيق علميا.
نحن لا نريد أن نكون متشائمين وفي نفس الوقت لا نريد إعطاء أملا زائفا غير مبني علي حقائق علمية مستندة علي رأي الخبراء والاستشاريين في علم الوبائيات والأمراض الانتقالية وعلم الفيروسات.
هناك لجنة استشارية مستقلة من خبراء عراقيين داخل وزارة الصحة فضلا عن دور منظمة الصحة العالمية والجهات المعنية العلمية الأخرى، صحيح أن الوضع حتي الآن تحت السيطرة لكننا لم نتجاوز مرحلة الخطر ونراقب عن كثب كل الإصابات في مناطق العراق كافة.
تحدثت عن أكثر من جهة يقع علي عاتقها مكافحة الوباء، منها لجنة استشارية مستقلة من خبراء عراقيين وكذلك منظمة الصحة العالمية، فما مدي التعاون مع المؤسسات الدولية لمواجهة كورونا المستجد؟
إن منظمة الصحة العالمية شريك أساسي في كل الإجراءات الصحية في العراق قبل أزمة كورونا، لكن في هذه الأزمة بالذات منذ اليوم الأول كان مدير مكتب المنظمة بالعراق حاضرا في الاجتماعات وحتي الآن.
وحاليا فإن مدير مكتب المنظمة كان في وزارة الصحة انتهي من اجتماع روتيني له مع وزير الصحة لدراسة آخر مستجدات فيروس كورونا في العراق والإقليم والعالم.
هذا عن المنظمات الدولية، ماذا عن الدول هل تلقيتم مساعدات من دول معينة؟
هناك تواصل مع جميع دول العالم لأن هذه جائحة عالمية وليست قاصرة علي بلد واحد أو إقليم واحد، وقد وصل للعراق وجبتين من المساعدات من الصين، الوجبة الأولي كان فيها خبراء وأجهزة ومستلزمات تشخيصية.
هذه سلالة جديدة وهي السابعة من عائلة فيروسات كورونا، وكان هناك مشكلة في توفير معدات التشخيص، وبفضل منظمة الصحة العالمية والمساعدات التي قدمت من الصين لم يعد لدينا نقص في الوقت الحالي رغم أننا نعمل علي زيادة أعداد المختبرات.
هناك المختبر (الصيني) الجديد في مدينة الطب، وأيضا مختبر في أربيل والنجف وفي الكرخ والبصرة، فالغاية أن يكون في كل محافظة علي الأقل مختبر واحد لتسريع وتسهيل إجراءات الفحص وجمع المعلومات، وهناك بالفعل ثلاثة مختبرات في العاصمة بغداد.
ومتي تتوقعون أن يتم تغطية المحافظات كافة بهذه المختبرات من أجل تسهيل عملية الفحص؟
هناك ست أو سبع محافظات استحدثنا فيها مختبرات ولا زالت في طور التشغيل التجريبي، حيث يحتاج بعض الوقت لضبط المعيارية للفحوص المختبرية وفي الوقت الحالي لا توجد مشكلة من ناحية الزخم، فالمحافظات الأساسية تتوافر فيها المختبرات مثل البصرة والنجف وبغداد وفي كردستان يوجد مختبر مرجعي.
هناك حديث عن علاجات مثل عقار الهيدروكسي كلوركين وبلازما المتعافين... بالنسبة للعراق أي من البروتوكولات العلاجية تتبعون خاصة وأن معدلات الشفاء جيدة؟
بالنسبة للهيدروكسي كلوركين هو علاج للملاريا ومعروف منذ عقود ومستخدم في جميع أنحاء العالم، والعراق من أولى الدول التي اعتمدت بروتوكولا علاجيا وكان الكلوركين من ضمن هذا البروتوكول، وهذا بعد استشارة المختصين داخل وزارة الصحة والاستفادة من تجارب العالم في استخدام العقار.
وهذا البروتوكول التجريبي أو المبدئي أثبت نجاحا في بعض الحالات، إلا أنه حتي الآن لا يوجد علاج أو لقاح مباشر وفعال لفيروس كورونا السلالة السابعة والأبحاث متواصلة علي قدم وساق في هذا الصدد.
هل يتعاون الباحثون العراقيون والأطباء في مسألة تطوير لقاح مع مؤسسات دولية؟
أكيد، هناك دراسة لجميع الحالات التي شفيت وتم أخذ عينات من هذه الحالات ومن الممكن أن يكون هناك علاج أو لقاح رائد بالتنسيق مع الجهات المختصة، كما أن مسألة العلاج بالبلازما أحد الاقتراحات التي جربت فعلا في محافظة البصرة وأظهرت نتائج جيدة مبدئيا إلا أنه حتي الآن لم يعتمد كعلاج أساسي لجميع الحالات وهناك تواصل مع جميع دول العالم لمتابعة هذا الأمر.
ما مدي استجابة المواطنين للإجراءات الوقائية المتخذة من جانب الحكومة؟
إن استجابة المواطنين للإجراءات الوقائية كانت متفاوتة ومتصاعدة، ففي البداية لم يكن هناك استجابة بالمستوي المطلوب إلا أنه بعد ازدياد الحالات وظهور وزير الصحة في أكثر من لقاء إعلامي ومؤتمر صحفي محذرا من خطورة الوباء، لاحظنا ارتفاعا تدريجيا في مستوي الاستجابة، لكن الآن ظهرت دعوات جديدة لكسر حظر التجوال علي اعتبار الانخفاض في معدل الاصابات.
هناك تقارير أجنبية تحدثت عن إخفاء أو ما شابه لعدد الإصابات بكورونا في العراق... كيف تعاملتم مع هذه التقارير وكيف توثقون أرقام أو أعداد المصابين؟
هذا التقرير غير مستند إلي أي حقيقة علمية وهو مبني علي شهادات لأشخاص غير معروفين يدعون أنهم اطباء، وقد نفت منظمة الصحة العالمية هذا التقرير قبل وزارة الصحة، وأكدت المنظمة أنها حاضرة وتدقق جميع الفحوصات بشكل مستقل.
ترسل المنظمة خبراء من خارج العراق لتقييم عمل إدارة ومختبر الصحة العامة وكان هناك بعض الملاحظات التي تم علاجها وتصدر بشكل يومي احصاءات عن المنظمة والتي تأتي متطابقة لما تصدره وزارة الصحة العراقية.
البعض أيضا تحدث عن أن البنية التحتية في العراق الخاصة بالقطاع الطبي ليست في أفضل أحوالها أو غير قادرة للتعامل مع الأزمة... كيف ترى هذا الأمر؟
فعلا، هناك أسباب موضوعية نتيجة لعقود من الحصار والحروب والمشاكل التي مرت علي العراق. نعم يوجد ضعف في البني التحتية كإعداد مؤسسات أو تجهيزات أو الموارد البشرية من أطباء وممرضين فهناك نقص واضح وهذا ما أكده وزير الصحة في اكثر من مناسبة.
أما الملاكات التخصصية فالنقص أوضح أكبر وهذا غير متعلق بتقصير وزارة الصحة، ومع ذلك حتي الآن وفي هذه الظروف لم نواجه مشكلة في مواجهة الجائحة لكن إذا ازدادت الحالات وصار تفشي وبائي لن يستطيع النظام الصحي في العراق التعامل مع التفشي الكبير.
وهذا ما حدث مع دول متقدمة مثل إيطاليا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، حيث اضطرب نظامها الصحي في التعامل مع آلاف الحالات من الإصابات والوفيات رغم أنها دول مستقرة وغنية ونظامها الصحي قوي.
هناك تقارير تحدثت عن قيام جماعات مسلحة بطرد الأطقم الطبية خلال عمليات دفن ضحايا كورونا، ووصل الأمر لرفض دخول الجثامين إلى بعض المناطق في شمال بغداد... كيف تتعامل وزارة الصحة مع هذا الأمر وهل يوجد تنسيق مع القوات الأمنية بهذا الخصوص؟
الأمر لم يصل لهذا الحد ولكن كان هناك رفض من بعض الجهات المجتمعية، فالناس البسطاء تصوروا أن جثة المتوفي بكورونا هي معدية وهذا غير صحيح وكان هناك مؤتمر صحفي لوزير الصحة بهذا الصدد ودعوة للمرجعيات الدينية للتدخل وكذلك تدخلت جهات إعلامية وقانونية وتم توضيح الأمر، والآن أصبح هناك تعاون وتفهم للوضع من ناحية دفن المتوفين بفيروس كورونا.
حوار: دعاء ثابت