الهدمي قال في حوار مع "سبوتنيك"، إن "إسرائيل تعمدت التنكيل به، ومارست الاعتقال ضده بصورة همجية لردعه عن خدمة المقدسيين في ظل سياسة الإهمال المتعمد التي تمارسها تل أبيب ضد مواطني القدس العرب في ظل انتشار وباء كورونا".
وأكد الوزير الفلسطيني أن "إسرائيل عملت على تسييس الوباء، واستغلت انشغال العالم في محاربته لتصعيد حدة عمليات التهويد لمدينة القدس"، مؤكدا أن "هناك ما يزيد عن 17 ألف وحدة استيطانية تم تدشينها من قبل إسرائيل بالمدينة في الشهرين الماضيين".
تعرضت منذ أيام للاعتقال من قبل إسرائيل... صف لنا ما حدث؟
نتيجة ما تسمى بصفقة القرن، وكل السياسات الأمريكية التي تمثلت في نقل السفارة والاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل نتج على الأرض سياسة إسرائيلية تجاه كل وجود فلسطيني، وأنا كوزير لشؤون القدس جزء من هذا الوجود، وجزء من التناغم بين الإطار الرسمي والشعبي في القدس، والذي لا يريدون له العمل بفاعلية في خدمة المقدسيين، وهو الشغل الشاغل للوزارة.
اعتقلت 4 مرات في خلال عام واحد، وهذا لم يحدث في السابق، ومنذ أن وقعت اتفاقية أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم يتم اعتقال وزير في الحكومة الفلسطينية بهذه الطريقة، وهذه الممارسات التي شاهدتها في الاعتقال الأخير، حيث كان هناك انتهاك لكل ما هو متعارف عليه في التعامل مع مواطن مقدسي بالدرجة الأولى، وأيضا مسؤول في الحكومة الفلسطينية، حيث تعرضت لسياسة مبيتة وممنهجة من التنكيل والتعامل بصورة همجية.
كيف تقيم الوضع في مدينة القدس في ظل انتشار وباء كورونا؟
عندما أتحدث عن أزمة وباء كورونا، لابد من ذكر الإهمال الجلي والواضح من قبل الإسرائيليين للمناطق العربية في القدس المحتلة، والقدس الشرقية، إذ وجدنًا إهمالًا واضحًا سواء كان فيما يتعلق بإجراءات التوعية والتعقيم، وصولًا إلى إجراءات الوقاية والفحص والعلاج للمقدسيين.
ونحن كمسؤوليين فلسطينيين تحملنا مسؤولياتنا على أكمل وجه لخدمة المقدسيين، في ظل التقاعس والإهمال الإسرائيلي المتعمد، وكثيرا ما أدعى الاحتلال أن القدس موحدة لكن على الأرض الوضع ليس كذلك، ويتعامل بمكيالين فيما يخص القدس الغربية والشرقية.
نحن أمام وباء عالمي، لا يعرف الحدود وهذا ما قلته للمحققين في إسرائيل خلال التحقيق، عندما نحمي شعبنا في القدس ونعمل على توعيتهم نكون بذلك قد قدمنا خدمة وحماية لهم، لأن الفيروس لا يعرف أي حدود أو مناطق جغرافية، لكن إسرائيل تعمدت – وما زالت – تسييس فيروس كورونا في القدس، حيث تعاملت بطريقة غير إنسانية ولا أخلاقية، فلا هناك لأي توعية أو وقاية أو حتى علاج، في القدس إسرائيل تتضرب عرض الحائط بكل المبادئ العالمية التي دعت لها منظمة الصحة العالمية فيما يخص الوقاية والحماية من جائحة كورونا.
هناك اتهامات لإسرائيل باستغلال الانشغال العالمي بوباء كورونا نحو مزيد من التهويد لمدينة القدس... كيف ترى الأمر؟
الإسرائيليون لا يدخرون أي جهد لاستكمال عمليات التهويد، ففي ظل انشغال العالم بالحرب ومكافحة الوباء نرى أن وتيرة الاستيطان في القدس زادت وتيرتها، حيث تم رصد أكثر من 17.700 وحدة استيطانية في القدس بآخر شهرين فقط، وهذا يدل على أن الاحتلال لا يهتم بالوباء، ولا يكترث بحرب البشرية ضد كورونا، ومستمر في عملية الاستيطان وقضم الأرض.
وكذلك يستمر في حملات الاعتقال سواء للمتطوعين أو لأي فاعليات مقدسية، وعمليات التنكيل بالبلدات المقدسة عن طريق استخدام القنابل المسيلة للدموع في مدن العيسوية وسلوان وقلنديا، فنحن أمام هجمة مفتوحة ومستمرة لا ترى من الفيروس رادعًا للتوقف عن ممارستها، من أجل إعطاء فرصة للمقدسيين لمحاربة الوباء وحماية أنفسهم.
على أساس ضم الأراضي الفلسطينية نجح نتنياهو وغانتس في تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة... كيف ترى خطورتها على فلسطين والقدس؟
تقصد بهذه المؤامرات خطة صفقة القرن؟
نعم، هناك أيضا اختزال كبير وتناقص واضح بحقوق الشعب الفلسطيني في القدس، وهي حقوق مكفولة وفقًا للشرائع الدولية وقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي، فهذه الخطة قامت بنسف كل ما هو قانوني ومكفول للشعب الفلسطيني وللمقدسيين.
وتنطبق أيضا على كل التهديدات الإسرائيلية بضم مناطق في الضفة الغربية والأغوار وكل هذه السياسات مرفوضة في بعدها الرسمي والشعبي، لما لها من خطورة على السلم الأهلي والقومي، فنحن أمام حالة من قضم الأراضي الفلسطينية في الضفة، ومحاولة للانقلاب على كافة المفاوضات التي تمت مع إسرائيل، وكافة الضمانات الأوروبية والدولية التي ضمنتها هذه الدول لحقول المقدسيين وللمؤسسات الفلسطينية في القدس تقوم إسرائيل بانتهاكها.
هل يمكن القول إن إسرائيل بدأت فعليًا في تنفيذ صفقة القرن في فلسطين عامة والقدس بشكل خاص؟
صفقة القرن بدأ تنفيذها قبل إعلانها الرسمي، وذلك عن طريق تجفيف موارد وكالة غوث وتشغيل اللاجئيين (الأونروا) وحصر أعمالها وخدماتها، وهم يعتبرون أنفسهم وبشكل أحادي أنهم مستمرون في تطبيقها، لكن الرهان دائمًا يكون على الموقف الفلسطيني، والذي يمتاز بالوعي الكامل والانسجام الدائم والموحد في كافة القضايا والثوابت الوطنية، وكذلك في ظل الرفض الدولي والعربي والإسلامي، نحن نعلم أن هناك قرارات عربية وإسلامية رافضة تم التعبير عنها عبر القمم، وكذلك موقف دول الاتحاد الأوروبي غير المؤيد للخطة.
روسيا تلعب دورًا محوريًا كبيرًا، وهي جزء أصيل من الرباعية الدولية وشريكة أساسية في عملية رعاية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهي تقوم بذلك الدور منذ انطلاق عملية السلام في مدريد وإلى يومنا هذا، فهي تلعب دورًا رئيسيًا مع الدول العربية والمجتمع الدولي في هذا الصدد.
كيف تقيم قرار الجنائية الدولية بالتحقيق مع إسرائيل في جرائم ضد الإنسانية بفلسطين؟
ما يجرى في القدس خاصة، وكل أرجاء الدولة الفلسطينية تمثل انتهاكات واضحة وصارخة لكل المقاييس الدولية، وترتقي لأن تكون جرائم حرب بكل أبعادها، فالكل شاهد عمليات التطهير، وحرق الشهيد أبو خضير، والأمثلة كثيرة والشهادات موجودة، ومن العيب أننا في عام 2020 وما زالنا نرى ممارسات دولة موجودة في الأمم المتحدة، ولها تمثيل في العالم ترتكب كل هذه الانتهاكات الصارخة للقوانين الدولية والأممية تجاه الفلسطينيين دون رادع.
باعتبارك رجل اقتصاد... كيف تقيم الوضع الاقتصادي بفلسطين في ظل أزمة كورونا وبعد الضغوط الأمريكية لوقف كافة أشكال المساعدة؟
الوضع الاقتصادي العالمي سيتأثر بما يجرى من انتشار وباء كورونا، وسنرى في الأيام القادمة تبعات اقتصادية سلبية على مستوى دول العالم، أما فيما يخص فلسطين فالاقتصاد هنا يعمل تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي، وتتحكم إسرائيل في مواردنا وأرضنا وحدودنا، لا يوجد لدينا طبع أموال، ولا أي مظاهر اقتصادية متاحة كما في البلدان الأخرى.
لكن التجربة الفلسطينية غنية بالصمود، وتخطي الصعاب والعقبات سواء كانت اقتصادية أو سياسية، الفلسطيني يخرج من الشدائد أقوى، وهذا ثابت على طول تاريخنا النضالي، نعم سوف تمر علينا أيام عصيبة، لكن نستطيع بحكمة القيادة الفلسطينية وصمود الشعب تخطيها.
أجرى الحوار: وائل مجدي