ويحظى هذا المحصول باهتمام كبير وارتبطت به مناسبات اجتماعية، مثل الزواج وإعداد الولائم، في مثل ها التوقيت يبدأ موسم الحصاد وتبدأ معه الطقوس السنوية.
ورغم انتشار وباء كورونا المستجد الذي غير حياة العالم، إلا أن الفلاح المصري واصل مسيرته الممتدة منذ آلاف السنين وخرج للحصاد مع بعض الإجراءات الاحترازية، ووصل الليل بالنهار لجمع المحصول بالطرق اليدوية في أغلب الأحوال، وانتشرت أغاني عمال الحصاد في كل الحقول.
ما إن ينتهي الحصاد اليدوي حتي يتم جمع المحصول في أكوام كبرى تسمى "الجرن"، ويظل هذا الجرن بضعة أيام حتى يجف، وبعدها تبدأ مرحلة فصل القمح عن القش"الدراس"، والتي يشارك فيها الكبار والأطفال بفرحة عارمة استبشارا بالخير الجديد.
يقول ناصر محمد، أحد عمال جمع محصول القمح بالطرق اليدوية لـ"سبوتنيك"، بداية من شهر أبريل/نيسان وحتى نهاية مايو/أيار، تكون معظم عمالة جمع القمح مرتبطه بالعمل، بل نستطيع القول الجميع يكون محجوز للعمل طوال تلك الفترة، وهي تمثل فترة رواج بالنسبة للعمالة الموسمية.
ويحكي عم حسين محمد "صاحب حقل للقمح" لـ"سبوتنيك"، عن طرق جمع القمح في الماضي والوسائل التقليدية التي كانت تستخدم في الجمع والنقل وحتى مرحلة "الدراس" فيقول "كانت مرحلة الجمع يدوية عن طريق العمالة وهى باقية حتى الآن في الكثير من المناطق رغم الوسائل الحديثة، لأن المساحات المنزرعة تكون موزعة على الفلاحين "ليست كبيرة" ويتم ريها بطرق الغمر التقليدية ما يجعلها غير صالحة لاستخدام آلات الحصاد، لذا فالحصاد اليدوي هو الغالب فيما عدا المساحات الكبيرة والتي تروى بالطرق الحديثة".
وتابع عم حسين، "إنه بعد الحصاد يترك المحصول في الأرض يوم أو يومين حتى يجف وتجمع عيدان القمح في حزم صغيرة، نقوم بنقلها إلى مكان مخصص يسمى "الجرن" عن طريق استخدام الجمال أو الجرارات الزراعية بحسب مكان الحقل، في الماضي كان هناك فارق زمني كبير بين الحصاد وعملية "الدراس" والتي كانت تتم عن طريق آلة يدوية يرجع أنها متوارثة من العصور الفرعونية وبها عجلات حديدية وتجرها الدواب تسمى"النورج"، حيث تقوم بالمرور فوق المحصول ويتم تقليبه لعدة أيام، وربما أسابيع إلى أن يصبح ناعما وتفصل الحبوب عن القش، وهذا غير موجود الآن حيث تستخدم آلات "الدراس" الحديثة التي تفصل الحبوب عن القش في مرحلة واحدة".
وقال طلعت لـ"سبوتنيك"، وهو الذي كان يعمل في المراحل الأخيرة لمحصول القمح وهى مرحلة الفصل اليدوي للحبوب عن القش ويسمى "المقرقر"، بعد انتهاء عملية الدراس، كنا ننتظر الرياح لكي نقوم بفصل الحبوب عن القش"التبن"، نستخدم في ذلك أدوات قديمة مثل" المدراية والغربال"، وقد تستمر تلك العملية أيام إن لم تكن هناك رياح تساعدنا في عملية الفصل.
وتابع طلعت، إنه "بعد الانتهاء من تلك العملية يتم إحضار الأجولة وتبدأ عملية الكيل ونقل المحصول إلى الصوامع الطينية للحفاظ عليه من السوس حتى تتم عملية البيع أو للتخزين طوال العام حتى يأتي المحصول الجديد، بالقطع هذا لم يعد موجودا الآن".
الحكايات كثيرة حول القمح وأهميته بالنسبة للمصريين بشكل خاص وارتباطه أيضا بمياه النيل والأمطار، حيث صور الفراعنة على جدران المعابد الكثير من طرق زراعة الحبوب والأدوات المستخدمة، ما يعني أن القمح يرمز للحياة، وهذا ما نجده الآن من أن مصر هي أكبر مستورد ومستهلك للأقماح.