انعكست الأزمة المالية المتجهة للانهيار في العراق، على واقع المواطنين من ذوي الدخل المحدود والمتوسط إلى التجار وأصحاب المال، إثر الحظر، وتوقف الأعمال بسبب جائحة كورونا المستجد الذي جعل سعر النفط برخص التراب، مقابل ارتفاع حاد في العملة الصعبة والذهب وأسعار الغذاء، ومستلزمات الوقاية التي باتت سلعة تجارية تباع في الأسواق.
وتأخر صرف رواتب العديد من دوائر الدولة العراقية، لأكثر من 10 أيام، للشهر الثاني على التوالي، مع ترتب ديون كبيرة على المواطنين الذين اتجهوا لاقتراض مبالغ من أقارب، ومعارف، تسد رمق أيام الحظر الثقيلة، بالتزامن مع حلول شهر رمضان الذي يرتفع فيه الإقبال الشرائي.
وأرتفع سعر المعدن الأصفر "الذهب" إلى 295 ألف دينار عراقي للمثقال الواحد "يعادل 5 غرامات"، للمستورد من أوروبا لاسيما الإيطالي الذي يعتبر الأغلى بينها كونه مشكل يدويا "هاند ميد" بأشكال غريبة ساحرة لا يضاهي جمالها أحد، وأقل بخمسة آلاف، و10 آلاف للمصوغات ذات التصنيع التركي، والخليجي، والمحلي العراق.
شهدت أسواق الذهب، إقبالا شبه معدوم للنساء، بسبب الإرتفاع الذي يعتبر الأول من نوعه في تاريخ البلاد، عدا المتجهات لاستغلال الأزمة لبيع مصوغاتهن دون خسارة، لكن لا صائغ فتح محله لشراء المستعمل تجنبا لتكبده خسائر مالية أكثر تفاقم من أزمته.
ولأخذ الأزمة إلى الاستقرار في ظل انخفاض أسعار النفط الذي تعتمد عليه الموازنة العراقية، كشف عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، النائب عن كتلة الاتحاد الإسلامي الكردستاني، جمال كوجر، في تصريح خاص لمراسلة "سبوتنيك" العراق، اليوم الجمعة، 24 نيسان/أبريل، عن مقترحات طرحها بعض الخبراء الاقتصاديين من الحكومة، وخارجها لإنقاذ البلد من الأزمة الاقتصادية.
وأفاد كوجر بأن إحدى الخيارات التي طرحها بعض الاقتصاديين، هي طبع العملة، لكنها لم تحظ بالقبول من البنك المركزي، لأن ذلك سيؤدي إلى تمييع العملة، كل طبع يجب أن يكون في المقابل هناك أما ذهب، أو احتياطي بنكي.
وأضاف:" أن العراق لا يمتلك احتياطي بنكي كبير، أو ذهب، بالتالي أي طباعة ستؤثر على قيمة العملة، وعليه البنك لم يوافق على مقترح الخبراء الاقتصاديين عند مناقشة السيولة لتغطية رواتب الموظفين لشهر نيسان، وبعده، كون الخيارات محدودة بسبب الكساد العالمي، والحجر، والحظر الوقائي بسبب وباء كورونا".
حلول أخرى
ولفت كوجر إلى مقترحات أخرى قدمها الخبراء، لحل أزمة الرواتب، والانهيار الاقتصادي، وهي: إما الذهاب إلى الاحتياطي البنكي، أو بيع ممتلكات، وعقارات الدولة، أو اللجوء إلى محاسبة شديدة للمال السياسي وأخذه بالقوة وليس لدينا الحكومة القوية التي تفعل ذلك..حسب قوله.
وتابع: "ما تبقى من حلول أمام الحكومة العراقية، بالإضافة إلى الاحتياطي البنكي، وطباعة العملة، أو المال السياسي، ومحاسبة الفاسدين، الذهاب إلى الاقتراض الداخلي لأن الخارجي لا نعرف من هي الدول التي ستقرضنا في هذا الوضع من الأزمة المالية العالمية".
وأوضح عضو اللجنة المالية البرلمانية، النائب عن كتلة الاتحاد الإسلامي الكردستاني، الاقتراض الداخلي مثلا في الموازنة الاتحادية العامة لـ 2019 اقتراضنا من هيئة التقاعد العامة، هناك مؤسسات لديها أرصدة، وكذلك وبنوك، وشركات لديها مبالغ كبيرة تستطيع أن تعطي بعض المشاريع بأسعار مرتفعة لبعض المستثمرين وتأجيل سدادها لما بعد عامين أو ثلاثة أو خمسة.
وكان عضو اللجنة المالية، النائب جمال كوجر، كشف في حديث لمراسلتنا، منتصف آذار / مارس الماضي، أن انخفاض أسعار النفط، يؤثر سلبا على الموازنة الاتحادية العامة، بإضافة عجز لها بحوالي 50 %، لأن تقدير سعر البرميل المحدد كان 56 أو 55 دولارا، وكل دولار ينخفض من سعر النفط، تخسر الموازنة الاتحادية للعراق، حوالي مليار و315 مليون دولار، خلال سنة إذا بقي الحال على هذا الشكل.
ويواجه العراق في الظرف الراهن، أزمة اقتصادية، من انخفاض أسعار بيع النفط، وتدهور موازنته الاتحادية، مما قد يؤثر سلباً مستقبلا على جميع القطاعات، ومن جهة خطر كورونا الذي مازال يسجل إصابات بين العراقيين.