قال أياد العناز المحلل السياسي العراقي، إن المواقف المتوالية للأحزاب السياسية العراقية أكدت أنه لا إمكانية لهذه الأحزاب للتحكم بالقرار السياسي، لأنها لا تمتلك القدرة على معالجة الأزمات التي تمر بها البلاد، ومنها الأزمة السياسية التي تعيشها منذ سبعة أشهر، لأنها تفتقد إلى رؤية واقعية ومرتكزات دقيقة تعالج بها الأوضاع القائمة، وبسبب التبعيات السياسية الإقليمية والدولية وانعدام القرار الوطني السياسي المستقل.
وتابع العناز، "ستظل العملية السياسية في العراقية رهن مبدأين راسخين وأساسيين لدى الكتل والأحزاب السياسية وهما؛ المحاصصة الطائفية والتوافقات السياسية، التي كانت أبرز الملامح الرئيسية للعملية السياسية التي أتى بها المحتل الأمريكي وساندها ورعاها التمدد والنفوذ الإيراني، وهي بذلك تبقى أسيرة المصالح العليا والأهداف الإستراتيجية لكل من واشنطن وطهران، وبهذا يتكرر المشهد السياسي في كل تكليف جديد أو تغيير وزاري أو تشكيل حكومي، وفيه نرى عدم وضوح في الرؤى الميدانية وانعدام الاتفاق السياسي بين أحزاب السلطة، وتبعثر المواقف وتشتت الأراء حتى في اللحظات الأخيرة".
وأوضح المحلل السياسي:
كلما استطاع المكلف أن يبتعد كثيرا عن أهداف ومطامع أحزاب السلطة وطموحاتها النفعية ومواقفها الفئوية، وذهب حيث الصوت العراقي الحقيقي في ساحات الانتفاضة الشعبية الجماهيرية وتمسك بالثوابت الأساسية التي تخرج البلاد من أزمتها، كلما تمكن من إحكام إرادته المستقلة في التشكيل الوزاري المكلف به ولكنه وبطبيعة الأوضاع السائدة والتأثيرات الميدانية الواسعة والمصالح الدولية والإقليمية سيصطدم بالعديد من هذه المعوقات ولا يتمكن من مواجهتها دائما.
من جانبه قال اللواء أحمد الشريفي الخبير العسكري والاستراتيجي العراقي، إنه "لا شك أن استبدال الزرفي بالكاظمي لتشكيل الحكومة كانت له أبعاد حاضرة في ذهنية النظام السياسي، حيث يصنف الزرفي بأنه الأكثر جرأة في مواجهة الكيانات السياسية والأحزاب، وبالتحديد أجنحتها العسكرية، وهو أقرب بشكل أو بآخر إلى الولايات المتحدة الأمريكية من إيران، في حين الكاظمي يمتاز بأسلوب مرن ويجامل الكيانات السياسية فضلا عن أنه كان نتاجا للتوافق الأمريكي الإيراني لفترة ما، وهو من عينه المالكي رئيسا لجهاز المخابرات، والجميع يعلم أن المالكي هو نتاج للتوافق الأمريكي الإيراني".
وأضاف الخبير الاستراتيجي لـ"سبوتنيك"، واليوم تبدلت الأوضاع وأصبح هناك تقاطع بين واشنطن وطهران على مستوى دعم النموذج السياسي، بل العملية السياسية برمتها، لذلك جاؤوا بمصطفى الكاظمي مؤخرا كخيار من المحتمل أن يتمكنوا من تمريره، لكن الضغوط وتقاطع المصالح تشي أن الكاظمي لن يمرر هو وحكومته.
وأشار الشريفي إلى أن الحكومة الحالية لن تستمر برئاسة عادل عبد المهدي بوصفه "مستقيلا"، ولن يتمكن التنظيم السياسي من إيجاد بديل للكاظمي لاستنفاذهم كل الخيارات، وإمكانية إيجاد البديل ستكون ضربا من الخيال، وربما يكون الخيار الوحيد المتبقي حاليا أما الساسة في العراق هو اللجوء إلى حكومة طوارئ لدى النظام السياسي والولايات المتحدة، هناك مارثون سياسي بين التنظيمات والأحزاب السياسية مدعومة من إيران وبين الولايات المتحدة وحلفائها لمن سيتمكن من تشكيل حكومة الطوارئ.
وأكد الشريفي أنه "لا حل في العراق سوى بتشكيل حكومة طوارئ أو حكومة إنقاذ، لكن السؤال المهم، من سيشكل تلك الحكومة، وهى الحقيقة التي ننتظرها في الأيام القادمة، فهل ستشكلها واشنطن وحلفائها أم إيران وحلفائها؟".
وأعلنت حكومة عادل عبد المهدي في العراق استقالتها، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، على خلفية الاحتجاجات العنيفة التي بدأت في أوائل أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والتي تطالب بإقالة الحكومة وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، بعد تردي الأوضاع الاقتصادية وسوء مستوى الخدمات الأساسية.