القاهرة - سبوتنيك. وقال حاجم في تصريحات حصرية لـ"سبوتنيك" إنه "في ظروف بالغة الصعوبة يواجهها العالم اليوم، حيث التحديات المتمثلة بجائحة كورونا، التي تجتاح العالم، والتي بات تأثيرها واضحا على جميع الأصعدة، وإزاء التشظي الواضح والمتزايد في العلاقات الدولية، وما يترتب على ذلك من نتائج خطيرة على الأمن والسلام الدوليين تبرز روسيا ممثلة برئيسها فلاديمير بوتين لترسل رسائل بالغة الأهمية إلى العالم متضمنة ليس فقط تحليلا صائبا وواقعيا لما يجري من أحداث وتطورات على المستوى الدولي".
"خارطة طريق واضحة"
وأضاف حاجم: "بل يمكننا القول بأن ما طرحه الرئيس بوتين في مقاله المنشور بمجلة "ناشيونال إنتريست" الأمريكية الخميس الماضي تحت عنوان (ما هي رؤيتنا لمضمون القمة القادمة؟)، يعتبر خارطة طريق واضحة المعالم للخروج من حالات الاستعصاء وإيحاد الحلول المناسبة لمختلف القضايا التي تواجه المجتمع الدولي، الذي لا نبالغ إذا قلنا بانه يشهد تراجعا كبيرا في العلاقات يذكرنا بمرحلة الحرب الباردة، التي تبدو ملامح تكرارها واضحة للعيان، من خلال محاولات حثيثة لخلق أجواء لسباق تسلح جديد وافتعال أزمات وبؤر توتر جديدة، بدل أحماد الموجود منها حاليا، والبحث عن حلول لمختلف النزاعات الدولية والإقليمية".
وأشار حاجم إلى أنه "تركيز الرئيس بوتين على أن بإمكان (قمة روسيا والصين وفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا أن تلعب دورا مهما في إيجاد حلولا مشتركة للتحديات والتهديدات الحديثة…) جاء في الوقت المناسب، مذكرا في ذات الوقت القوى الفاعلة على المستوى الدولي بمسؤولياتها إزاء الالتزام (بروح التحالف والأفكار والقيم الإنسانية) التي حارب من اجلها الآباء والأجداد".
وتابع حاجم: "ليس بعيدا عن هذا الإطار تأكيد الرئيس بوتين على إمكانية قمة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن على أيجاد حلول للتحديات الحديثة، وفي المقدمة منها الإثار الاقتصادية الناتجة عن فيروس كورونا وتأكيده على أن ذلك سيكون على طاولة البحث في الاجتماع القادم لقادة القوى النووية الخمس - ألأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، وتشديده على أن البلدان تتخذ (تدابير غير مسبوقة لحماية صحة وحياة الناس ودعم المواطنين الذين وجدوا أنفسهم في أوضاع معيشية صعبة)".
إلغاء حق "الفيتو"
وأكد حاجم أنه من المسائل البارزة في مقال الرئيس بوتين هي "رفضه تحويل الاقتصاد إلى وسيلة للضغط والمواجهة ودعوته إلى العمل المشترك سواء في مواجهة وباء العصر (كورونا) أو فيما يخص تعزيز الأمن العالمي والإقليمي والحد من الأسلحة الإستراتيجية، فضلا عن مكافحة الإرهاب والتطرف، تلك المهمات التي تتطلب عملا مشتركا لجميع اللاعبين الدوليين، وهذا ما شدد عليه الرئيس بوتين، مضيفا "لا أعتقد أن هنالك ضرورة للتذكير بأهمية هذه القضايا بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط التي تنتشر فيها بؤر التطرف والإرهاب، والتي تعاني شعوبها من الآثار الكارثية لذلك".
واعتبر حاجم أن من القضايا اللافتة التي تضمنها مقال بوتين هي:
"معارضته الشديدة لدعوات إلغاء حق الفيتو، وتجريد الدول دائمة العضوية في مجلس ألامن الدولي من امتيازاتها، واعتباره تلك الدعوات غير مسؤولة "، موضحا "ولا بدّ هنا من التذكير بالدور الكبير الذي لعبه الاتحاد السوفيتي سابقا، وروسيا حاليا في مجلس الأمن الدولي لنصرة الشعوب، وخصوصا في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وكذلك شعوب الشرق الأوسط، إذ كان لاستخدام حق الفيتو دورا مهما في الدفاع عن حقوق دول تلك القارات وحماية سيادتها واستقلالها".
وقال حاجم إن "عبارة الرئيس بوتين (وفي حال حدث ذلك، ستتحول الأمم المتحدة إلى عصبة الأمم - وهي اللقاءات للأحاديث الفارغة) جاءت تجسيدا واضحا لأهمية الآليات القانونية المعتمدة في الأمم المتحدة، والتي هي نتاج جهد جماعي مجرب وفاعل".
المسائل اللافتة في المقال
واعتبر حاجم أن من المسائل اللافتة في مقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "تأكيده على ضرورة المرونة واتباع سياسة المساومات، تلك السياسة التي وضعت الأساس لمنظمة الأمم المتحدة والتي حالت دون حدوث حرب أخرى. بالإضافة إلى دعوته لدراسة تاريخ الحرب واستخلاص العبر الضرورية منه. ناهيك عن دعوته إلى العودة إلى أرشيف الحرب العالمية الثانية والفترة التي سبقت الحرب، حيث لا وجود لأي دليل على أن من بدأ الحرب هو الاتحاد السوفيتي"، وأضاف حاجم في السياق ذاته "كما دعا بوتين إلى الالتزام بما توصلت إليه البشرية من آليات وسبل حوار. محذرا في ذات الوقت بأن روسيا لن تتراجع عن مصالحها".
وأكد حاجم على أن "خلاصة القول فإن مقال الرئيس فلاديمير بوتين إضافة إلى كونه يضع النقاط على الحروف فيما يخص القضايا الدولية الملحة، فأنه يرسم خارطة طريق جديدة وواضحة لبناء عالم جديد يتعايش فيه الجميع بأمن وسلام".
ونشر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مقالا يوم الخميس الماضي بمجلة "إنترناشيونال إنتريست" الأمريكية تحت عنوان (ما هي رؤيتنا لمضمون القمة القادمة)، تناول فيها المهام الملقاة على القمة المقبلة للدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، حيث حذر بوتين في المقال من استخدام الاقتصاد كأداة للضغط والمواجهة وداعيا القمة لتطوير المبادئ الجماعية لحل المشكلات الدولية.
