وشهدت الليرة السورية الشهر الحالي تدهورا غير مسبوق في قيمتها، لامس معه سعر الصرف عتبة الثلاثة آلاف مقابل الدولار في السوق الموازية، قبل أن يتحسن قليلا.
وطرح البعض تساؤلات بشأن أهمية الخطوة السورية الجديدة، ومدى إمكانية أن تصب في صالح الدولة في مواجهة قانون قيصر الأمريكي.
إجراء سوري
وحدد المصرف، في بيان نشره على صفحته في فيسبوك، "سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي بغرض تمويل المستوردات بـ1265 ليرة سورية، وسعر شراء الحوالات الواردة من الخارج بـ1250 ليرة".
وكان السعر الرسمي المعتمد منذ مارس/آذار مثبتا على 700 ليرة، ويسعى التعديل، وفق البيان، "للوصول إلى سعر توازني" بهدف "ردم الفجوة بين سعر السوق وسعر الحوالات... وسط الظروف المرحلية التي يمر بها الاقتصاد السوري نتيجة تشديد الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب على الشعب السوري عبر ما يدعى بـ "قانون قيصر"، إضافة إلى استمرار الأزمة الاقتصادية في لبنان المجاور".
تحركات مهمة
الدكتور أسامة دنورة، المحلل السياسي والاستراتيجي العضو السابق في الوفد الحكومي السوري المفاوض في جنيف، قال إن "مواجهة قانون قيصر تستوجب من الدولة السورية اتخاذ مجموعة واسعة النطاق من الإجراءات على المستويات كافة، لاسيما على المستوى المالي والاقتصادي".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة السورية نتيجة طبيعية لمعادلة العرض والطلب ما بين الليرة السورية والدولار، وهذه المعادلة تتعلق بالدرجة الأولى بالميزان التجاري الذي شهد اختلالاً قوياً باتجاه غلبة حجم الواردات على الصادرات".
وتابع: "غياب الإنتاج النفطي نتيجة سرقة الولايات المتحدة لحقول النفط التي تقع تحت احتلالها في المنطقة الشرقية، وبالنتيجة اضطرار سوريا إلى استيراد النفط، وتراجع الإنتاج بمختلف أشكاله نتيجة التدمير الذي لحق بالبنية التحتية، كلها أسباب أدت إلى اختلال الميزان التجاري في غير مصلحة الاقتصاد السوري".
ولكن في المقابل – والكلام مازال على لسان دنورة - "تشكل الحوالات القادمة من الخارج والمرسلة من قبل المغتربين موردا لا يستهان به من مصادر القطع، وبصورة عامة فإن التباين الكبير ما بين سعر الصرف الرسمي لدى البنك المركزي السوري والسعر الرائج أو سعر السوق السوداء يجعل هذه الأخيرة تستقطب كل ما يدخل إلى السوق السورية، ويحرم المصرف المركزي من مصدر مهم للقطع يفيد في تمويل عمليات الاستيراد والحفاظ على استقرار سعر الصرف".
وأكمل: "جاء هذا التعديل بعد دراسة المؤشرات الاقتصادية والمعطيات السائدة بغرض الوصول إلى سعر توازني يهدف إلى ردم الفجوة بين سعر السوق وسعر الحوالات، وجذب هذه الأخيرة عبر الطرق الرسمية الآمنة والمشروعة".
واستطرد أسامة دنورة: "بصورة أكثر اتساعًا تتطلب مواجهة مفاعيل العقوبات الأمريكية تصحيح الخلل في الميزان التجاري، وهذا يقوم على ضبط فاتورة الاستيراد لجعلها في الحدود الدنيا الضرورية التي تقلص بقدر الإمكان من الواردات الكمالية وتلك التي يمكن استبدالها ببدائل وطنية، وباليد الأخرى تعزيز الإنتاج المحلي لايجاد البدائل عن الاستيراد والسعي لزيادة التصدير".
صمود سوري
من جانبه قال المحلل السياسي السوري، غسان يوسف، إن "سوريا بإمكانها التغلب على قانون قيصر الأمريكي بالاعتماد على الأصدقاء، خاصة روسيا والصين وإيران، وخصوصا بعد أن أعلنت هذه الدول أنها لن تلتزم بالعقوبات المفروضة على دمشق، وستستمر في دعم سوريا".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك" أن " الليرة السورية شهدت في الأول من يونيو/حزيران الجاري ارتفاعًا وصل إلى 3500 مقابل الدولار الأمريكي، وفي منتصف الشهر وصل إلى 3000، والآن تراجع ليصل إلى 2700".
وتابع: "هذا يعني أن النشاطات الاقتصادية السورية لا يعنيها قانون قيصر، وأن القانون لن يؤثر بالشكل الكبير الذي كانت تعول عليه أمريكا في أن تنهار الليرة مقابل الدولار بشكل نهائي".
وأكد أن "العملة السورية المحلية حتى الآن متماسكة رغم الخسائر الكبيرة، الدولة استطاعت أن تؤمن القطاع الأجنبي خاصة باستيراد المواد الغذائية والأدوية".
وأشار إلى أن "سوريا الآن متماسكة أمام القانون، وبلد زراعي منتج رغم الحصار، لذلك نسير في سياسة الاعتماد على الذات التي فرضها الرئيس حافظ الأسد في عام 1986، حيث ننتج ما يزيد عن 80% من احتياجاتنا الغذائية".
ودخل "قانون قيصر" الأمريكي حيز التنفيذ الأربعاء الماضي، بإعلان واشنطن عقوبات على 39 شخصا وكيانا مرتبطين بالحكومة السورية، وقالت الخارجية الأمريكية إن الجهات المستهدفة تشمل الرئيس بشار الأسد وزوجته أسماء ووصفتهما بـ"مهندسي معاناة الشعب السوري".
