وكان متوقعا أن تهدف غارات الطيران المعادي المرتقبة أولاً إلى تدمير الكرملين والمنشآت التابعة له التي تمثل أهم معالم موسكو. ولأن من المستحيل إجلاء هذه المعالم فإن الحكومة رأت أنه من الضروري اتخاذ إجراءات التمويه غير المسبوقة لإخفائها والتستر عليها.
ونظرا لاستحالة تغطية منشآت الكرملين بغطاء الإخفاء تقرر تغيير منظر الأراضي المحيطة بالكرملين.
وتم أولاً وضع ما يحاكي مباني المدينة حول حديقة ألكسندروف المتاخمة لقلعة الكرملين. ثانيا، تم وضع أجزاء من البنايات العادية على سور الكرملين بينما تم رسم نوافذ وأبواب بنايات المدينة عليه (سور الكرملين). وظهر قرب أحد أبراج سور الكرملين ما يشبه الجسر. ووُضعت النجوم التي تعتلي أبراج سور الكرملين داخل غلاف خشبي. وتمت تغطية ساحات الكرملين بقطع قماش تحمل صور شوارع المدينة.
تغليف لينين
وكان يجب إخفاء منشآت تاريخية هامة أخرى أيضا، وبالأخص ضريح قائد ثورة أكتوبر 1917، لينين. ومن أجل تمويه ضريح لينين تم تشييد مبنى ذي طابقين فوقه يشبه المستودع أو المخزن.
وتم تغيير منظر منشآت أخرى أيضا منها فندق "موسكو" ومسرح البولشوي.
وفاقت نتائج إجراءات التمويه كل التوقعات حتى أن رجال الأمن الذين نظروا إلى "موسكو الجديدة" من الطائرة على علو 100 متر في 29 يوليو/ تموز 1941 لم يستطيعوا أن يروا شيئا مألوفا بل رأوا طرقات وبنايات ليس لها وجود أصلا.
الغارات
حاول الطيران الألماني الإغارة على موسكو للمرة الأولى في ليل 22/21 يوليو 1941. وأحبطت وسائط الدفاع الجوي محاولة الإغارة تلك، فلم تصل إلى موسكو إلا بضع طائرات.
ثم أصبحت الغارات الجوية على موسكو منتظمة. وحاولت 8600 طائرة ألمانية قصف موسكو. ووصل إلى موسكو أقل من 3 في المائة من هذه الطائرات حسب مجلة "تاريخنا" .
وألقت الطائرات المهاجمة نحو 1600 قنبلة شديدة الانفجار و100000 قذيفة حارقة على موسكو في الفترة من يوليو 1941 حتى أبريل/ نيسان 1942. ولم يلحق القصف الجوي الألماني ضررا بالمنشآت الهامة. وتعرض الكرملين إلى محاولات القصف الجوي 8 مرات. ولم تسفر محاولات القصف عن أضرار تذكر.