خلافات قديمة وسيناريوهات محتملة
قال عبد الرحمن إبراهيم عبدي، مدير مركز مقديشو للدراسات بالصومال، إن "الخلافات بين الرئيس الصومالي محمد فرماجو ورئيس الوزراء حسن خيري، ليست جديدة، حيث يختلف الإثنان منذ فترة حول الانتخابات وكانت سياساتهما متباينة بشأن العلاقة مع رؤساء الحكومات الإقليمية، لكن نجحا خلال السنوات الماضية في إدارة خلافاتهما ومنعها من الظهور إلى العلن".
وأضاف رئيس مركز مقديشو لـ"سبوتنيك": "في الفترة الأخيرة اتخذ رئيس الوزراء خيري مواقف مغايرة لمواقف الرئيس فرماجو من نموذج الانتخابات المقبلة، وصرح خيري في أكثر من مناسبة بأنه ضد التمديد والاقتراع الشعبي المباشر، وكانت رؤيته متطابقة مع رؤية زعماء الولايات بهذا الشأن في وقت كان الرئيس فرماجو مصرا على أن تكون الانتخابات شعبية ومباشرة ولتحقيق ذلك كان مطالبا بتمديد فترة ولايته".
وأضاف: "هناك سبب آخر أكثر أهمية هو أن رئيس الوزراء خيري يعتبر مرشح رئاسي محتمل ومنافس قوي يشكل تهديدا لطموحات الرئيس فرماجو في إعادة انتخابه، وبالتالي هذا الأمر لم يعجب الرئيس فرماجو".
وأشار رئيس مركز مقديشو إلى أن "الإقالة كانت مفاجئة وغير متوقع حدوثها بهذه السهولة وخلطت أوراق الجميع وأصبح الوضع الآن أكثر تعقيدا وتوترا من ذي قبل".
وتوقع عبدي، أن تشهد الصومال خلال الأيام المقبلة تطورات تصعيدية وخاصة من قبل رؤساء الحكومات الإقليمية ما قد يساهم في تأجيل الانتخابات، مضيفا: "هذا بلاشك سيكون لصالح الرئيس فرماجو".
وأشار رئيس مركز مقديشو إلى أن "السيناريوهات القادمة قد تكون، قيام الرئيس بفتح مفاوضات مع أحزاب المعارضة للاتفاق معها على تعيين شخصية معارضة لمنصب رئيس الوزراء، مقابل قبولها بتمديد فترة حكم الرئيس والبرلمان، مع العلم أن معظم نواب البرلمان لا يعارضون فكرة تمديد ولاية جميع المؤسسات المنتخبة التي تشمل الرئيس ومجلس الشيوخ ومجلس الشعب، مضيفا: "هذا الاحتمال هو الأكثر واقعية".
وتابع: "أما السيناريو الثاني، فهو حدوث اضطرابات سياسية عارمة تقودها الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وتستمر تلك الاضطرابات حتى انتهاء فترة ولاية الرئيس فرماجو في ٨ فبراير/ شباط المقبل، وبعدها يكون مجبرا على اتخاذ مواقف أكثر مرونة أو الاستقالة".
وأوضح عبدي أن "هناك سيناريو آخر للوضع الراهن يتمثل في عقد الجولة الثالثة من مؤتمر (طوسمريب)، حيث تتفق جميع الأطراف على حل المشكلة بالمفاوضات والطرق السلمية".
تحركات عسكرية ومخاوف من صدام محتمل
وحول الوضع الحال في الصومال قال عبدي إن شبكة الاتصالات في العاصمة مقديشو مقطوعة منذ الصباح، وهناك معلومات عن نشاط عسكري غير معتاد داخل المدينة، وتتزايد المخاوف من أن تتطور الأمور نحو مزيد من التصعيد والتوتر.
وقال علي شيخ آدم يوسف، المحلل السياسي الصومالي، إن "الصومال أمام مرحلة انتخابية، ويجب أن يكون العقل والمنطق هو الحاكم، والسعي إلى الوصول إلى الحل النهائي وإقناع الجميع باحترام الدستور هو الهدف وأرجو أن يأخذ الشعب دوره الريادي لرفض أي عرقلة للسلام والتنمية المنشودة لأنه الضحية الأكبر".
وتابع: "جاء اجتماع الولايات الفيدرالية الصومالية وسط ترقب شديد وتباين المواقف حول نموذج الانتخابات الفيدرالية المقبلة"، مضيفا: "اختلف مع مخرجات مؤتمر (كسمايو) لعام 2018، الذي آثار جدلا في الأوساط الاجتماعية، وخلق مرحلة من الصراع".
وتابع آدم يوسف: "أغلب السيناريوهات تؤكد قبول بعض التنازلات ومطالبة الولايات بوضع خطة جديدة للمرحلة القادمة تكون الولايات هى نواتها، ووضع برتوكولات بين الولايات والحكومة الفيدرالية للوصول إلى الحل النهائي".
سحب الثقة واتهامات بالتآمر
وصوت البرلمان الصومالي، أمس السبت، بأغلبية لصالح مشروع اقتراح سحب الثقة من رئيس الوزراء حسن علي خيري، وأعلن رئيس البرلمان محمد عبد الرحمن مرسل أن أغلبية أعضاء مجلس الشعب صوتوا لصالح مشروع اقتراح سحب الثقة من رئيس الوزراء.
وأعلن مكتب الرئيس الصومالي، في بيان صدر في وقت لاحق، تصعيد نائب رئيس الوزراء مهدي محمد جوليد للقيام بأعمال رئيس الحكومة مشيرا إلى ضرورة استمرار برامج الحكومة، بينما وجه حلفاء الرئيس اتهامات لخيري بالإخفاق في التعامل مع الملف الأمني في البلاد.
وكانت الانتخابات تجرى في الصومال خلال العقد الماضي من خلال مندوبين مثل الوجهاء وزعماء القبائل بسبب انعدام الأمن نتيجة تهديدات مسلحي حركة الشباب المتشددة في معظم المناطق.
وقال وزير الأمن الداخلي محمد أبو بكر إسلو: "إن رئيس مجلس الشعب والرئيس الصومالي متهمون بالتآمر لإزاحة رئيس الوزراء لتمديد فترات بقائهما في السلطة".
وانتقد إسلو، وهو من حلفاء رئيس الحكومة، التصويت على سحب الثقة، ووصف هذه الخطوة بأنها غير دستورية في ظل ضرورة إجراء الانتخابات كل أربع سنوات.