تكمن أهمية مؤتمر "دوسمريب" عاصمة ولاية غلمدغ في وسط الصومال، في أنه جاء بعد تجاهل جميع رؤساء الولايات الإقليمية لدعوة الرئيس الذي لم ينفذ مطالب الولايات المتعلقة بإيقاف مناقشة عدد من الاقتراحات ذات الصلة بالانتخابات والتي كانت مطروحة أمام مجلس الشعب وفقا لما تم الاتفاق عليه في لقاء عبر الانترنت بينه وقادة الولايات الإقليمية، حيث واصل المجلس مناقشة تلك الاقتراحات وصادق عليها متجاهلا الاتفاق.
يحضر المؤتمر جميع رؤساء الولايات حتى الذين كانوا موالين للحكومة الفيدرالية، كما حظيت الدعوة إلى المؤتمر بترحيب الأمم المتحدة والقوى السياسية المعارضة، وجاء المؤتمر متزامنا مع وقت ظهر فيه أن الانتخابات المرتقب عقدها في البلاد في نهاية العام الجاري، وبداية العام المقبل يتطلب اتفاقا سياسيا بين جميع الأطراف السياسية الصومالية، بعد أن ثبت أن البرلمان الفيدرالي غير قادر على إدارة المرحلة بسبب الخلافات بين غرفتيه.
أهمية كبرى
قال علي شيخ آدم يوسف المحلل السياسي الصومالي: إن "اجتماع رؤساء الولايات والتعاون فيما بينهم بحد ذاته شيء يجدر الثناء على الولايات، ولهم الحق في إبداء آرائهم، وهو ما تشير إليه المادة"52" من الدستور الفيدرالي والتي تعطى للولايات فرصة التشاور والتعاون في الأمور المشتركة، وتوقيع اتفاقيات تعاونية فيما بيهم، ويأتي هذا الاجتماع للولايات الفيدرالية الصومالية وسط ترقب شديد وتباين المواقف حول نموذج الانتخابات الفيدرالية المقبلة، وبرأيي سوف يختلف من حيث المخرجات عن مؤتمر كسمايو لعام 2018 م، الذي آثار جدلا في الأوساط الاجتماعية، وخلق مرحلة من الصراع".
نتائج وتوقعات
وأضاف المحلل السياسي لـ"سبوتنيك": "يرتكز المؤتمر حول الاانتخابات الفيدرالية، وتحديد الدوائر الانتخابية وحصة المرأة في البرلمان الفيدرالي، ولكنه يمكن أن يتطرق إلى مواضيع أخرى تتعلق بالمستجدات العالمية "كوفيد 19" والأمنية والاقتصادية في البلاد كتوزيع الثروات والمعونات الخارجية بشكل عادل، والسعي إلى المفاوضات حول الملفات المتنازعة عليها كعملية سير الدستور، والعلاقات بين الولايات ذاتها، وسبل تعزيز وتوطيد الشراكة الوطنية ومواءمة جهود المسؤولين لتجاوز التحديات الأمنية الراهنة ومطالبة الدولة الفيدرالية بتوضيخ خريطة الانتخابية 2021 ومشاركة الولايات والأحزاب السياسية والمعارضة وقد تشمل المخرجات إدانات للحكومة الاتحادية ونداءت وتوصيات تندرج كلها تحت سياسة مدروسة بحنكة".
وأشار المحلل السياسي إلى أن "الصومال أمام مرحلة انتخابية، ويجب أن يكون العقل والمنطق هو الحاكم، والسعي إلى الوصول إلى الحل النهائي وإقناع الجميع باحترام الدستور هو الهدف وأرجو أن يأخذ الشعب دوره الريادي لرفض أي عرقلة للسلام والتنمية المنشودة لأنه الضحية الأكبر".
نقطة تحول
من جانبه قال عبد الرحمن إبراهيم عبدي مدير مركز مقديشو للدراسات بالصومال: إن "اجتماع رؤساء الولايات الإقليمية المنعقد اليوم السبت في مدينة طوسمريب وسط البلاد يمثل نقطة تحول مهمة في العملية السياسية في الصومال ومن المتوقع أن يتوصل الرؤساء المشاركين في الاجتماع إلى رؤية سياسية مشتركة حول العلاقة بين الحكومة المركزية والولايات الإقليمية بعد سنوات من الفتور والتوت، وإعلان مبادرة شاملة لحل الخلافات بشأن الانتخابات المقرر إجراؤها في البلاد نهاية العام الحالي".
وأضاف رئيس مركز مقديشيو لـ"سبوتنيك"، "كما يتوقع أن يدعو رؤساء الولايات إلى اجتماع موسع تشارك فيه جميع الأطراف السياسية بما فيها الحكومة الاتحادية والأحزاب السياسية للاتفاق على النموذج الانتخابي والجهة المنظمة للانتخابات".
المحاصصة القبلية
وتابع عبدي "في رأيي أن رؤساء الولايات متفقون على ضرورة أن تتولى الحكومات الإقليمية تنظيم الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها شهر نوفمبر المقبل، على أن تكون وفق المحاصصة القبلية خلافا لرؤية الحكومة المركزية، نظرا للعقبات الفنية التي تحول دون إجراء انتخابات شعبية مباشرة وعلى نظام التسجيل البايومتري الذي ينص عليه قانون الانتخابات الجديد".
وتشكل قضية الانتخابات الفيدرالية المقبلة محور الأجندة المطروحة للنقاش في مؤتمر دوسمريب التشاوري وينتظر الصوماليون أن ينجح رؤساء الولايات المشاركون في الاجتماع في التوصل إلى اتفاق على نموذج انتخابي تسمح الظروف السياسية والأمنية في البلاد بتنفيذه، ويرجح كثيرون اتفاق رؤساء الولايات على العودة إلى الانتخابات غير المباشرة، إلا أن إجماعهم على أي نموذج انتخابي يعد أمرا ضروريا لأن أي خلاف بينهم سيجعل الأزمة السياسية في البلاد أكثر تعقيدا بينما إجماعهم سيعزز دورهم ويجبر قيادة الحكومة الفيدرالية على التنازل خاصة وأنها تتعرض لضغوط داخلية وخارجية لحملها على الجلوس على مائدة المفاوضات مع رؤساء الولايات الإقليمية وأصحاب المصلحة السياسية الآخرين للاتفاق في قضية الانتخابات لتفادي انزلاق البلاد إلى الأزمات السياسية والأمنية.