يرى مراقبون أن الآلية السعودية والتي تم الإعلان عن قبولها من جميع الأطراف، كل طرف يعتقد أنه حصل على المكاسب التي يطمح لها، فالانتقالي حقق الاعتراف بشرعيته ومناصفة الحكومة رغم تخليه عن الإدارة الذاتية للجنوب والتي يبدو أنها كانت مناورة سياسية، في الوقت ذاته ترى الشرعية أنها حققت مكاسب بالعودة إلى عدن وتخلي الانتقالي عن إدارته، لكن ورغم كل ما ذكر إلا أن الفيصل سيكون على أرض الواقع وهو ما ينتظر على الأرض.
الرابح والخاسر
قال الدكتور ثابت حسين الخبير الاستراتيجي اليمني، إن السعودية نجحت بالتعاون مع الإمارات إلى حد كبير في التوصل إلى اتفاق أو ما يشبه الآلية التنفيذية لاتفاق الرياض الذي ظل معلقا منذ إعلانه في 5 نوفمبر 2019.
وأضاف الخبير الاستراتيجي لـ"سبوتنيك" :"بموجب هذا الإعلان يعتبر الانتقالي هو الكاسب الأكبر، فقد فرض وجوده على سلطة الرئيس هادي وأصبح وجوده ونشاطه شرعيين وصاحب التأثير الأكبر والأقوى على القرارات المتعلقة بالجنوب".
وتابع حسين، كما أن سلطة الشرعية تعتقد هي الأخرى أن مجرد تخلي الانتقالي عن إعلانه بشأن الإدارة الذاتية للجنوب هو مكسب يحفظ لها ماء الوجه لحق التواجد ومشاركة الانتقالي في إدارة شؤون المناطق المحررة بـ"الجنوب".
وأوضح الخبير الاستراتيجي، هذا انطباعي الأولي، لكن القراءة النهائية ستكون بانتظار اختيار بقية محافظي محافظات الجنوب ومدراء أمنها والتشكيل الحكومي، وما سيترتب عليه من تغيير شامل من الأعلى للأسفل لتحقيق قاعدة المناصفة بين الجنوب والشمال.
جهد سعودي
من جانبه قال المحلل السياسي اليمني، جمال باراس إن :"المملكة العربية السعودية بذلت مجهودا كبيرا منذ أن ظهرت الاشكالية بين جناحي الحكومة، حتى توقيع اتفاقية الرياض، لكن لم يتم تفعيلها بشكل جيد كما كان متوقعا، بسبب عدم وجود ضمانات كافية لالتزام الطرفين، لكن الآن الرياض وضعت آلية لتنفيذ اتفاق الرياض على أن يتم تعيين محافظ لمحافظة عدن ومدير أمن من قبل رئيس الجمهورية، بالإضافة لتكليف معين عبد الملك بتشكيل حكومة جديدة خلال ثلاثين يوم، لكن تبقى أزمة الضمانات الغير كافية حاضرة بقوة".
وأضاف المحلل السياسي لراديو"سبوتنيك" :"الآلية التي تم الاتفاق عليها هذه المرة بها الكثير من المرونة تم ملاحظتها في بوادر تشكيل الحكومة الجديدة، وقد تم اختيار محافظ عدن الجديد من داخل المجلس الانتقالي لكنه ليس من أبناء عدن، بينما مدير أمن عدن يبدو من اختيار هادي، وهذه بداية حقيقية لتحقيق المناصفة بين الطرفين".
التوجهات داخل الانتقالي
وقال عبد العزيز قاسم القيادي بالحراك الجنوبي، إن هناك صراع أجندات داخل المجلس الانتقالي يثير الكثير من التساؤلات والمخاوف، حيث أن تلك الأجندات مختلفة الاتجاهات بطبيعة القوى المنضوية في إطار المجلس الانتقالي والتي لا تزال تابعة للنظام السابق ممثلة بأحمد بن بريك، وتيارات مختلفة كالتيار السلفي وكذلك تيار حزب الإصلاح بنسب متفاوتة في مناطق ومحافظات مختلفة.
وأشار قاسم إلى أن قرار الإدارة الذاتية كان عبارة عن صناعة أزمة جديدة للتحالف والشرعية، مما جعل التحالف يتريث في الضغط على الشرعية للقبول بدخول الاتفاق حيز التنفيذ فما كان من الانتقالي إلا أن أصدر قرار المهلة للبنك المركزي بصرف الرواتب للجيش والأمن الأمر الذي لم يحقق للانتقالي مكسب سياسي في صياغة اتفاق مع البنك قبل تسليم الأموال المطبوعة بدون غطاء التي كانت بحوزة الانتقالي.
ولفت قاسم إلى أن الانتقالي بات يتصدر مشهده تيار المؤتمر الشعبي العام التابع لنظام صالح، ولديه اعتراضات لم تبرز للعلن لكنها موجودة ويمكن ملاحظتها من لجوء الانتقالي للشارع دونما حاجة لذلك، إلا لإثبات وجوده بعد أن عجز عن إثبات قراراته على الواقع كالخدمات مثلا.
متحدث الانتقالي
أكد المتحدث الرسمي للمجلس الانتقالي الجنوبي المهندس نزار هيثم، دعم المجلس لجهود تحالف دعم الشرعية في تنفيذ اتفاق الرياض، معلنا تخليه عن إعلان الإدارة الذاتية، دعما لجهود التحالف في تطبيق اتفاق الرياض.
وقال المتحدث الرسمي للمجلس الانتقالي في بيانه الذي تلقت "سبوتنيك" نسخه منه اليوم الأربعاء "في إطار الجهود التي تبذلها قيادة التحالف لتنفيذ اتفاق الرياض، والوصول إلى حلول من شأنها معالجة الأوضاع السياسية والعسكرية والإنسانية والتنموية، واستجابةً لتدخل قيادة المملكة العربية السعودية وقيادة دولة الإمارات العربية المتحدة، وحرصا من المجلس الانتقالي الجنوبي على إنجاح جهود قيادتي البلدين الشقيقين لتنفيذ اتفاق الرياض، وتحقيق الأمن والاستقرار، وتوحيد الجهود المشتركة لمواجهة ميليشيات الحوثي والجماعات الإرهابية، وكذلك تنمية محافظات الجنوب، وكوننا قد حققنا الأهداف التي قام إعلان الإدارة الذاتية عليها لتنفيذ اتفاق الرياض بتشكيل حكومة جديدة مناصفة بين الشمال والجنوب خلال ثلاثين يوما، وتعيين محافظ ومدير أمن للعاصمة عدن، ونقل القوات العسكرية إلى الجبهات القتالية لتحل محلها قوات الأمن، يعلن المجلس الانتقالي التخلي عن إعلان الإدارة الذاتية، حتى يتاح للتحالف العربي تطبيق اتفاق الرياض".
وأعلنت وكالة الأنباء السعودية نقلا عن مصدر مسؤول قوله إن المملكة قدمت، للحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي آلية تسريع تنفيذ اتفاق الرياض.
إلى ذلك، صرح مصدر مسؤول بأنه انطلاقا من حرص حكومة المملكة العربية السعودية على تنفيذ اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي الذي تم توقيعه في الخامس من شهر نوفمبر /تشرين الثاني من عام 2019، واستكمالا لجهود المملكة في تحقيق الأمن والاستقرار وتنفيذ اتفاق الرياض، فقد قدمت المملكة للطرفين آلية لتسريع العمل بالاتفاق عبر نقاط تنفيذية تتضمن، استمرار وقف إطلاق النار والتصعيد بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي والذي بدأ سريانه منذ 22 / 6 / 2020 م.
وأضافت وكالة الأنباء السعودية: "وإعلان المجلس الانتقالي الجنوبي التخلي عن الإدارة الذاتية وتطبيق اتفاق الرياض وتعيين محافظ ومدير أمن محافظة عدن، وتكليف رئيس الوزراء اليمني ليتولى تشكيل حكومة كفاءات سياسية خلال 30 يوما، وخروج القوات العسكرية من عدن إلى خارج المحافظة وفصل قوات الطرفين في "أبين" وإعادتها إلى مواقعها السابقة، وإصدار قرار تشكيل أعضاء الحكومة مناصفة بين الشمال والجنوب بمن فيهم الوزراء المرشحون من المجلس الانتقالي الجنوبي، فور إتمام ذلك، وأن يباشروا مهام عملهم في "عدن" والاستمرار في استكمال تنفيذ اتفاق الرياض في كافة نقاطه ومساراته".
وأضاف المصدر: "جرى العمل على جمع طرفي الاتفاق في الرياض، وبمشاركة فاعلة من الأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة وقد استجاب الطرفين وأبديا موافقتهما على هذه الآلية وتوافقا على بدء العمل بها، لتجاوز العقبات القائمة وتسريع تنفيذ اتفاق الرياض، وتغليب مصالح الشعب اليمني وتهيئة الأجواء لممارسة الحكومة لجميع أعمالها من عدن وانطلاق عجلة التنمية في المناطق المحررة، والدفع بمسارات إنهاء الأزمة اليمنية وعلى رأسها مسار السلام الذي ترعاه الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن".
وقال المصدر إن المملكة تثمن التجاوب المثمر من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ووفدي الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي أدى إلى التوصل إلى هذه النتائج الإيجابية، وتؤكد في ذات الوقت على أهمية الالتزام بما تم التوصل إليه.
وأكد المصدر المسؤول استمرار دعم التحالف الذي تقوده المملكة للحكومة الشرعية اليمنية واستمرار جهود الأمم المتحدة الرامية للتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية وفق المرجعيات الثلاث وبما يتوافق عليه أبناء الشعب اليمني.