يرى مراقبون أن الانتقالي حقق مكاسب سياسية من وراء تلك المفاوضات وفرض نفسه كقوة مسلحة جديدة في الجنوب، وتعليق المشاركة في اتفاق الرياض قد يكون للأسباب، التي ذكرها في بيانه أو بدافع من الراعي الرسمي للاتفاق بغرض إتاحة الفرصة لحوار يمني شامل يكون أحد أطرافه الحوثيين، لأن تشكيل حكومة الآن قد يكون غير منطقي في ظل المساعي الدولية والإقليمية لوقف الحرب، وإن لم ينجح هذا المسار يعود بعدها الانتقالي لاتفاق الرياض.
الورقة الرابحة
"إن كل الاحتمالات في الجنوب جائزة ومحتملة الآن، فقد استطاع المجلس الانتقالي أن يفرض نفسه كقوة مسلحة جنوبية بالرغم من إخفاقاته وتهميشه للكثير من المكونات المؤسسة للحراك القادر".
وأضاف لـ"سبوتنيك"، أن "الانتقالي له وسائله السياسية والتي استعملها في التفاوض، وكلنا يعلم أن الحرب الإعلامية والسياسية سلاح ذو حدين وتكتيك ناجح، وقد ينجح الانتقالي من خلال ورقته التي رمى بها والتي تمثلت في تجميد مشاركته في اتفاق الرياض، وعلى المستوى الشخصي، أعتقد أن ورقته ستكون رابحة لو تبث عليها واستخدمها باحترافية".
الصدام مستبعد
من جانبه قال القيادي في الحراك الجنوبي عبد العزيز قاسم المآني، "بطبيعة الحال قرار التعليق ليس كالانسحاب النهائي، فالتعليق قابل للتراجع وهو محدد ومعلل الأسباب، ومنها تسليم الرواتب وتدهور الخدمات وتسهيل سيطرة داعش والقاعدة على محافظة البيضاء وأبين، حسب ما أورده بيان المجلس الانتقالي".
وأضاف القيادي بالحراك لـ"سبوتنيك"، "لكن التراجع ممكنا خاصة إذا ما ضغط الراعي الرسمي للاتفاق وهو المملكة العربية السعودية، ويبدو أن هناك مستجدات جديدة طرأت على المشهد يكون معها تنفيذ اتفاق الرياض غير ذي جدوى، طالما هناك حوار شامل مع الحوثيين وتشكيل حكومة وطنية لكافة القوى".
الحوار الشامل
وتابع قاسم، "إذا كانت الأمور تتجه إلى وقف الحرب وإجراء حوار شامل بين كل الأطراف يصبح تشكيل الحكومة وفقا لاتفاق الرياض غير منطقيا، وهذا احتمال يقف وراء التعليق ربما بإيعاز من السعودية، وإذا لم تصل مع الحوثين لتسوية خاصة بعد زيارة الرئيس اليمني لأمريكا".
وأشار القيادي بالحراك إلى أن المجلس الانتقالي رأى أنه لم ينفذ أي شىء من بنود الاتفاق منذ التوقيع عليه نهاية العام الماضي باستثناء تعيين محافظ ومدير أمن لعدن، لم يباشروا عملهم حتى اللحظة، هذا الموقف الذي جعل الانتقالي يقرر التعليق، ولأنه يشعر أن المسار السياسي الذي اتخذه مع التحالف والشرعية لم ينتج شيء على صعيد الواقع، سوى تفاقم الأوضاع.
وأوضح القيادي بالحراك أن الصدام العسكري بين الجنوبيين غير وارد إلا في حالة إصرار المجلس الانتقالي على مساره المنفرد، في تلك الحالة سيكون هناك ردة فعل شعبية تجاهه وتجاه الشرعية والتحالف أيضا.
هذا وأعلن المجلس الانتقالي الجنوبي، يوم الثلاثاء، تعليق مشاركته في مشاورات تنفيذ اتفاق الرياض الموقع مع الحكومة اليمنية في 5 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، متهما الجيش اليمني بالتصعيد في محافظة أبين جنوبي اليمن.
وأرجع بيان المجلس سبب تعليق مشاركته، إلى "استمرار وتزايد وتيرة عمليات التصعيد العسكري من القوات المحسوبة على الحكومة اليمنية في محافظة أبين، وعدم التزامها بوقف إطلاق النار المتفق عليه".
كما اتهم القوات الحكومية بـ "استمرار عمليات التحشيد العسكري باتجاه الجنوب بمشاركة كبيرة لعناصر من تنظيمي (القاعدة) و(داعش) في إطار القوات المحسوبة على الحكومة اليمنية في أبين".
وذكر أن من بين أسباب تعليق المشاركة "انهيار الخدمات العامة في محافظات الجنوب، وعدم إيجاد أية معالجات حقيقية تلامس احتياجات المواطن"، و"استمرار انهيار العملة، وعدم توفير سيولة نقدية في محافظات الجنوب، وتضخم أسعار السلع والخدمات، وما ترتب على ذلك من انعكاسات مأساوية على كاهل المواطن".