شارك ممثلو الجاليات العربية (سوريا، اليمن، لبنان، والمركز الثقافي الروسي العربي في سانت بطرسبورغ) بالذكرى السنوية لبدء حصار مدينة لينينغراد من خلال
فعالية وضع حجر الأساس للنصب التذكاري للفرقة العسكرية 136المدافعة في شيغلوفا منطقة فسلوجسكي مقاطعة لينينغراد. وجه المشاركون تحية للشعوب السوفياتية والشعب الروسي على هذا الأنتصار، ودعوا الشعوب العربية للاقتداء بهذه الثقافة وهذه التقاليد وتعليمها لأولادنا برفض الاستسلام، وذلك نقلا عن المركز الثقافي الروسي العربي في سانت بطرسبورغ.
تحدث المؤرخون كثيرا عن خطط هجوم القوات الألمانية والفنلندية، وإمكانيات الدفاع عن المدينة.
سكان لينينغراد قاتلوا من أجل الحياة، ففي الثامن من سبتمبر عام 1941، هاجمت قوات أدولف هتلر الاتحاد السوفييتي خلال الحرب العالمية الثانية، وفرض الجيش الألماني حصارا على مدينة لينينغراد الروسية (سانت بطرسبورغ الحديثة) سمي باسم حصار لينينغراد، وافترض النازيون أن مدينة لينينغراد ستستمر أسابيع فقط تحت الحصار، إلا أن مواطنيها قضوا ما يقرب من 900 يوم، وواجهوا جوعا جماعيا، وتم تحرير مدينة لينينغراد أخيرا من قبل الجيش الأحمر السوفييتي في يناير 1944 .
بدأ حصار لينينغراد الأكثر شهرة في الحرب العالمية الثانية بعد شهرين من إطلاق "عملية بارباروسا"، وهذا الغزو كان مفاجأة هتلر للاتحاد السوفييتي، وفي 22 يونيو/حزيران عام 1941، وفي تحد لاتفاقية عدم الاعتداء التى تم توقيعها قبل عامين، تدفق نحو 3 ملايين جندي ألماني عبر الحدود السوفييتية وشرعوا في الهجوم، حيث أن الجيش الألماني ضرب كلا من موسكو وأوكرانيا وانتقل إلى لينينغراد، ومدينة لينينغراد هي مدينة يبلغ سكانها أكثر من 3 ملايين نسمة، وتقع على نهر نيفا بالقرب من بحر البلطيق.
وفى يوم 31 أغسطس/آب، استولى الألمان على مدينة ماجا، ما أدى إلى حلقة وصل لمدينة لينينغراد بالسكك الحديدية، وبعد أسبوع، استولى الجيش الألماني على بلدة شليسلبورغ وقطعوا الطريق المفتوح الأخير، وبحلول 8 سبتمبر، استولوا أيضا على الطريق المائي عبر بحيرة لادوغا والتي تعتبر بمثابة اتصال لينينغراد الوحيد بالعالم الخارجي.
استمر التقدم الالماني حتى أواخر سبتمبر، وذلك عندما أوقفت القوات السوفيتية أخيرا مجموعة الجيش الشمالية في ضواحي لينينغراد، وهنا لجأ هتلر إلى تغيير استراتيجيته وأمر جيشه بالاستقرار والبدء في حصار لينينغراد، وكان هدفه هو محو هذه المدينة من على وجه الأرض، حتى أنه كتب مذكرة يقول فيها إنه يريد تطويق المدينة وتطهيرها عن طريق القصف المدفعي.
كما إن هتلر رفض اطعام سكان مدينة لينينغراد، وكان يقول ببساطة إنه سينتظر حتى يموتوا جوعا، وقام الألمان بتجهيز المدفعية وأطلقوا حملة لقصف مدينة لينينغراد، كما قامت القوات الجوية الألمانية بعمليات قصف منتظمة على المدينة، وأدى هجوم حارق في 8 سبتمبر إلى نشوب حرائق أدت إلى تدمير إمدادات حيوية من النفط والغذاء الذاهب الى هناك، ويقال إن ما يقدر بنحو 75 ألف قنبلة تم إسقاطها على المدينة خلال الحصار.
وخلال فصل الشتاء البارد، أصيبت لينينغراد بوباء المجاعة الذي أودى بحياة 100000 شخص، كما انتشرت السرقة والقتل لكي يجدوا مصدر طعام لهم، واعتقلت السلطات في نهاية المطاف أكثر من 2000 شخص من أجل أكل لحوم البشر، ومع تكثيف المجاعة، لعبت الآلاف من المآسي في لينينغراد دورها خلال ما أصبح يعرف باسم “الشتاء الجائع”، ومع كل ذلك لا تزال المدينة تواجه الحصار النازي.
وفي أوائل عام 1942، قام السوفييت بإجلاء نحو 500،000 مدني عبر “طريق الحياة” من بحيرة لادوغا، مما خفض عدد السكان الذين أصيبوا بالمجاعة إلى 1،000،000 مما جعل الأمر أكثر سهولة، وبعد ذوبان الربيع، بدأت تنجو لينينغراد في ما يسمي بحملة تنظيف شامل لازالة الأنقاض ودفن الموتى كما إنهم قاموا بزرع الحدائق في جميع أنحاء المدينة في الفناء والحدائق، وبالرغم من كل هذه المحاولات إلا أن ظل الغذاء ناقصا، ولكن على الأقل استطاعت المدينة أن تسحب نفسها من حافة الانهيار .
وفي مطلع العام التالي، قام السوفييت بالفعل بعدة محاولات فاشلة لاختراق الحصار، وحققوا تقدم ضئيل واصابات جسيمة، وفي يناير 1943، نجح الجيش الأحمر في تجسير جسر أرضي صغير من النازيين، وقام المهندسون ببناء وصلة سكك حديدية خاصة على الممر، وبحلول نهاية العام، تم نقل ما يقرب من 5 ملايين طن من المواد الغذائية والامدادات الى لينينغراد.
وعلى الرغم من زيادة القصف بالقنابل من الألمان، إلا أن المدينة التي كانت تعاني من الجوع بدأت تعود الى الحياة من جديد، وسرعان ما أنتج العاملون في المصنع كميات هائلة من الآلات والذخائر ، وجاءت الانطلاقة التي طال انتظارها في اوائل عام 1944 عندما حشد الجيش الأحمر نحو 1.25 مليون رجل و1600 دبابة في هجوم تجاوز الخطوط الالمانية، وتراجعت بقية قوات هتلر .
وفي 27 يناير 1944، وبعد نحو 900 يوم تحت الحصار، تم تحرير لينينغراد، نعم تم تحريرها، وأقاموا المدنيون احتفالات عفوية فى الشوارع، وبكوا وضحكوا وغنوا كثيرا ولكن كان في قلوبهم حزنا عميقا بسبب الخسائر التي حدثت خلال هذا الحصار كانت كبيرة جدا، وفي المجمل، ادى حصار لينينغراد الى مقتل ما يقدر ب 800،000 مدني اي ما يقرب من عدد وفيات الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية والمملكة المتحدة، حيث كانت الحرب العالمية الثانية لا تزال جارية، وكانت المدينة رمزا للعزيمة والتضحية الروسية فهي بالفعل مدينة أنقذتها إرادتها، وسوف يقف موقفها هذا ضمن الأساطير البطولية للأبد. ليس هناك رأي واحد لدى المؤرخين حول كمية خسائر السكان المدنيين في لينينغراد، وأعلنت محاكمات نورنبيرغ في عام 1945 أن 649 ألف شخص وقعوا ضحايا الحصار، لكن المؤرخين الحديثين يعتقدون أن الرقم لا يقل عن 900 ألف شخص.