وكان الغرياني آخر من تقلد منصب أمين عام لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي (حزب ابن علي) حتى حله بعد ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، وتم إيقافه بعد ذلك بتهمة الاختلاس والابتزاز والسرقة وإساءة استخدام السلطة في إدارة التجمع، إلى أن أطلق سراحه في 10 يوليو/ تموز 2013 مع منعه من السفر ومن الظهور في الأماكن العامة.
مزاحمة دعوة رئيس الجمهورية
واعتبر الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي، في تصريح لـ "سبوتنيك" أن هذا التعيين يتجاوز صلاحيات الغنوشي، باعتبار أن مسألة تحقيق المصالحة هي شأن حزبي لا علاقة له بمهام رئيس البرلمان، مضيفا أن "الغنوشي يتعامل مع البرلمان على أنه مزرعته أو جمهوريته الخاصة".
وأشار إلى أن رئيس البرلمان يرغب من خلال تكليف الغرياني بملف المصالحة الشاملة في "الترويج لصورة الزعيم القادر على التوليف، في حين أنه عجز حتى عن إحلال الاستقرار وتحقيق المصالحة بين قيادات حزبه الذي شقته الانقسامات".
وقال المغزاوي إن اختيار الأمين العام للتجمع المنحل هو دليل على زيف الخطاب الثوري الذي اعتمدته حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي، وأن الحديث عن الأزلام وعن الثورة المضادة هو محض زيف.
ولفت إلى أن دعوة الغنوشي إلى تحقيق المصالحة الوطنية من خلال وجوه التجمع المنحل تأتي في إطار مزاحمة مبادرة رئيس الجمهورية قيس سعيد المتعلقة بالمصالحة الجزائية مع رجال الأعمال، مضيفا أن الغنوشي "يريد أن يحتكر ملف المصالحة وأن دعوته تندرج في إطار الدعاية السياسية".
تطبيع مع المنظومة القديمة
وأضاف أن "الغنوشي اختار الانحياز لهذا الصراع على حساب دفع الضريبة من جيوب الشعب، حتى أصبح التعيين محل تندر لدى التونسيين الذين اعتبروا اختيار الغرياني يندرج ضمن تفعيل القانون 138 القاضي بانتداب من فاقت بطالتهم العشر سنوات".
واعتبر العجبوني أن "اختيار الغرياني لم يكن مفاجأة بالنظر إلى عدة أسباب، أولها العلاقة الوثيقة التي تربطه برئيس حركة النهضة منذ خروجه من السجن، وحديث الكواليس عن تكفل الغنوشي شخصيا بعائلة الغرياني أثناء سجنه، ناهيك عن تعيينه سفيرا في لندرا مكان إقامة الغنوشي رغم عدم إتقانه للغة الانجليزية والدور الذي لعبه في تقريب وجهات النظر بين النظام السابق وأجهزة نظام بن علي".
وأشار العجبوني إلى أن تعيين الغرياني "يندرج ضمن مسار التطبيع مع المنظومة القديمة الذي سبق وأن تبنته حركة النهضة من خلال إسقاطها لقانون تحصين الثورة، الذي كان هدفه ابعاد التجمعيين عن السلطة لمدة معينة".
وقال العجبوني إن "المسار الصحيح للمصالحة يكون على قاعدة الاعتذار والمحاسبة المكشوفة وتفكيك منظومة الفساد وحفظ الذاكرة الوطنية، وليس المصالحة التي يقودها الغنوشي من خلال ابتزاز المتورطين من النظام السابق خدمة لمصالحه الضيقة، وفقا لتعبيره".
مصالحة مغشوشة
واعتبر النائب عن الكتلة الوطنية منجي الرحوي في حديثه لـ "سبوتنيك" أن "اختيار الغنوشي لـ "أحد عرابي بن علي" هو محاولة جديدة لوضع أسس منظومة التوافق بين الإخوان المسلمين والتجمعيين التي سعت إليها حركة النهضة منذ الثورة".
وأضاف أن "حديث الغنوشي عن المصالحة الشاملة بجزأيها السياسي والاقتصادي هو مجرد غش سياسي وضحك على ذقون التونسيين، معتبرا أن المصالحة التي يتبناها الغنوشي هي مصالحة مغشوشة على اعتبار أنها تقوم على تبييض وجوه الفساد وعلى إعادة رسكلة الوجوه القديمة في دور استبدادي جديد محوره حركة النهضة التي سعت دائما إلى استبدال حلفائها خدمة لهذه الغاية".
ويرى الرحوي أن "الغاية من دعوة الغنوشي إلى المصالحة في هذا الوقت بالذات هي قطع الطريق أمام المبادرة التي طرحها رئيس الجمهورية قيس سعيد وإيجاد مبادرة أخرى لمنافستها".
يذكر أن الرئيس التونسي قيس سعيد طرح مبادرة جديدة تتعلق بتحقيق "المصالحة الجزائية" مع رجال الأعمال الفاسدين بهدف دعم التنمية وتحقيق الانتعاش الاقتصادي في ظل ما تعانيه البلاد من صعوبات مالية أدت جائحة كورونا إلى تفاقمها.