يرى مراقبون أن بقاء قوات حلف الناتو لسنوات يأتي ضمن تفاهمات واتفاقات عراقية مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول التحالف تحت مظلة الأمم المتحدة لمحاربة "داعش"، ولذا فإن تلك القوات جاءت بطلب من الحكومة للمساعدة ولا ينطبق عليها قوات احتلال كما يقول بعضهم، والعراق يحتاجها في مهام التدريب والتطوير للجيش والقوات الأمنية لمواجهة التحديات التي يعيشها.
وضع القوات الأجنبية
قال الخبير العسكري والاستراتيجي العراقي اللواء ماجد القيسي، إن قرار البرلمان العراقي فيما يتعلق بإخراج القوات الأجنبية من البلاد كان واضحا، رغم أن به إشكالية قانونية، حيث أن القرارات ومشاريع القوانين تأتي دائما من الحكومة إلى البرلمان ويتم التصويت عليها، لكن قرار إخراج القوات الذي أصدره البرلمان كان بضغوط من كتل سياسية بعد عملية المطار.
وأضاف في اتصال هاتفي مع "سبوتنيك"، اعتقد أن قرار البرلمان المتعلق بالقوات الأجنبية غير ملزم للحكومة، فلا يمكن أن تطبقه الحكومة وفق مسارات إصدار القوانين، لأن حضور القوات الأجنبية إلى العراق عام 2014 كان بناء على اتفاق بين الحكومة العراقية والحكومة الأمريكية ودول التحالف والناتو تحت مظلة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وفق اتفاقية الإطار الاستراتيجي الذي ينص على أنه في حال تعرض العراق إلى تهديد، فيمكن للحكومة العراقية أن تطلب المساعدة من أمريكا.
الناتو والتحالف الدولي
وتابع، وبما أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت ضمن تحالف دولي في العراق يقاتل ضد تنظيم داعش بعدما احتل أجزاء من سوريا والعراق، وعلينا أن نفرق بين التحالف الدولي في العراق لمحاربة داعش وبين حلف الناتو، فهناك دول في العراق ليست ضمن التحالف ولكنها ضمن الناتو، والذي حضر لتقديم الاستشارة والتدريب للجيش والقوات الأمنية من أجل رفع كفائتها وجاهزيتها، لأن التحالف الدولي جزء كبير منه ضمن حلف الناتو.
وأشار القيسي إلى أن قوات الناتو قد قامت بتدريب أكثر من 200 ألف عنصر من القوات العراقية طوال الست سنوات الماضية، وترى بغداد أنها لا تزال بحاجة إلى خدمات الناتو وخصوصا في مجال التدريب والاستشارة، وإعلان قائد قوات الناتو عن البقاء في العراق لمدة خمس سنوات قادمة ، تعني الاستمرار في تقديم التدريب والاستشارات، لأن الجانب العسكري متغير ويحتاج دائما إلى التدريب المتواصل.
وأوضح الخبير العسكري أن قوات التحالف الموجودة بالعراق ليست قوات احتلال وتختلف عن القوات التي كانت متواجدة قبل العام 2011 والتي كانت بالفعل قوات احتلال، أما القوات الحالية فقد جاءت برغبة الحكومة العراقية.
ضعف الإرادة
من جانبه قال أمين عام الحزب الطليعي الناصري والدبلوماسي العراقي السابق الدكتور عبد الستار الجميلي، العراق في وضع ضعيف الإرادة بسبب التمزق الوطني والمجتمعي الذي فرضه الاحتلال الأمريكي والتدخل والتموضع الإيراني والتركي وما تمخض عن ذلك من محاصصة طائفية وعرقية واستبداد وفساد ممثلي هذه المحاصصة.
وأضاف في اتصال مع "سبوتنيك"، إن قرار البرلمان العراقي المتعلق بإخراج القوات الأجنبية من البلاد ما هو إلا انعكاس لهذا الوضع السياسي وليس لها من ترجمة على الأرض سوى الشعارات والادعاءات الفارغة من أي مفاعيل ومضامين عملية.
المشروع الوطني
وأشار الجميلي في ظل وضع العراق الراهن هو لا يملك أن يقرر بقاء قوات التحالف من عدمه، والقرار بالنتيجة بيد أمريكا وتحالفها في ضوء مصالحها ورؤاها.
وأكمل أمين الحزب الناصري، أعتقد أن الإحتلال وبقاء قواته المتحالفة مفتوح لأكثر من خمس سنوات إذا بقي الوضع العراقي على ما هو عليه من تمزق وتشتت وغياب المشروع الوطني البناء الجامع، في ظل كتل الاستبداد والفساد في بغداد وأربيل.
خمس سنوات
أعلنت قائدة قوات حلف الناتو في العراق، جيني كارينيان، أن القوات قد تبقى لخمس سنوات أخرى في العراق.
وقالت كارينيان في ندوة عبر الفيديو إن "التحالف الدولي ضد داعش، في مرحلة الانتقال وسيتم تقليل عدد قواته في العراق خلال الأشهر القادمة وسنكون عونا لهم عن قرب، وهدف الناتو هو القيام بواجبها في العراق، حتى دون وجود قوات التحالف الدولي، نحن نريد أن نبقى، هدفنا انجاح الإصلاح، وبعدها ولأمدٍ طويل سنقوم بمواصلة تحالفنا مع العراق، كما هو الحال الآن مع الأردن والتي تستعين بين حينٍ وآخر بخبرة الناتو في تدريب قواتها”.
وأكدت كارينيان، أنه "بناء على طلب الحكومة، أبدى وزراء الدفاع في حلف الناتو قبل أيام، موافقتهم على توسيع عمل الناتو في العراق من خلال زيادة عدد مستشاريها لتشمل وزارة الداخلية أيضًا، لذا ستكون أمامنا مهمات أكثر في الأشهر والسنوات المقبلة".
وحول عمل ومهمة الناتو في العراق، قالت كارينيان إن "مهمة الناتو في العراق استشارية وليست قتالية، تقدم الاستشارة لوزارة الدفاع حتى إصلاحها”، مشيرةً إلى أن “العمل مع الدفاع العراقية يتضمن مكافحة الفساد، تحسين إدارة القدرات البشرية وتدريبها، السياسة والاستراتيجية، قانون الاشتباك المسلح، القيادة، المرأة، السلام والأمن، والعمل بحرفية في التهيئة العسكرية”.
وأوضحت كارينيان، أنه “في الـ20 سنة الماضية، شاركت وزارة الدفاع، في عدة حروب، وهذا ما جعل من غير السهل إجراء التجديد والإصلاح فيها، لكن حان الوقت الآن لتجديدها والعمل على إصلاحٍ طويل الأجل فيها".
وأضافت أن لدى قوات الناتو 11 موقعا للتدريب في مجالات التكنيك اللوجستي، وتفكيك الألغام، والهندسة والطب، ضمن الوزارة والتربية العسكرية في الكلية العسكرية العراقية، نظرا لأن الكليات العراقية كانت بحاجة للتجديد وتغيير برنامجها".
وعدت قائدة قوات الناتو في العراق، الإصلاح في مجال الأمن موضوعا هاما، وقالت: "من الضروري جدا لحكومة الكاظمي، أن تشجع على إجراء الإصلاح في مجالات الأمن، وقد لمسنا اهتماما خاصا من الكاظمي بالبعض منها، مثل مكافحة الفساد داخل وزارة الدفاع التي يقوم الكاظمي بإجرائها حاليا.
ولفتت إلى أن "الإصلاح في مجال الأمن والدفاع، يتطلب برنامجًا طويل الأمد وعليه سيبقى الناتو لسنوات أخرى هنا حتى إنجاح ذلك الإصلاح، لافتة إلى أن الناتو يقوم بتفعيل هذا البرنامج في 19 دولة، مؤكدة نجاح البرنامج".
ومضت قائدة قوات الناتو في الحديث، بالقول إنهم "يولون الاهتمام الأكبر لدعم قوات الأمن العراقية التابعة للحكومة العراقية بشكل رسمي، والحشد الشعبي ضمن تلك القوات، لكن رغم ذلك ليس للناتو أي برنامج عمل مع الحشد الشعبي، ومسألة تأسيس وتمكين قوات الحشد الشعبي تتم بطلب من الحكومة العراقية، وقد تصبح جزءا من مهمة الناتو في المستقبل".