ما مدى جاهزية البنوك للعمل مجددا مع الخارج وما العقبات التي قد تواجهها؟
قال الخبير الاقتصادي السوداني الدكتور محمد الناير: "هناك العديد من الإجراءات الداخلية في البنوك كان يفترض القيام بها في المرحلة الماضية، لكن للأسف لم تكتمل ولم تتم بصورة أساسية وهي عملية إعادة هيكلة المصارف السودانية ورفع رؤوس أموالها بنسبة كبيرة".
إجراءات ضرورية
وأضاف في تصريح لوكالة "سبوتنيك"، أن "البنوك السودانية رؤوس أموالها ضعيفة، فهناك بعض البنوك حتى الآن لا يتجاوز رأس مالها المدفوع 250 أو 300 مليون جنيه سوداني أي ما يعادل مليون دولار تقريبا، فلا يعقل أن يكون هناك بنك يريد التعامل مع المجتمع الدولي برأسمال مليون دولار، بالتالي كنا نأمل أن يتم رفع رؤوس أموال البنوك بمعدلات عالية ومناسبة وأي بنك يفشل في رفع رأس ماله إلى المستوى المطلوب يتم دمجه مع بنك آخر حتى تكون هناك كيانات مصرفية قوية".
وأكد الخبير الاقتصادي، أنه "لم يتم ترتيب الأمر بصورة جيدة باعتبار أن هناك إعفاءات تمت لأكثر من 10 أفراد من مديري البنوك وتم حل مجالس إدارة تلك البنوك، وهذا الأمر كان قبل 6 أشهر، وحتى الآن لم يتم تعيين مدراء للبنوك ومدراء عموم، رغم أن تلك البنوك تمثل 30 في المئة من حجم المصارف السودانية والبالغة 37 مصرف، وهذا الإجراء أدى إلى خلل كبير جدا في آداء المصارف وكنا نأمل أن يتم تهيئة المصارف وإعادة هيكلتها بما يتناسب والمرحلة القادمة".
قائمة الإرهاب
وأوضح الخبير الاقتصادي إلى أن "عودة الحياة إلى طبيعتها في البنوك السودانية يعتمد أولا على إنهاء الإجراءات الأمريكية المتعلقة برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والمقرر في 11 ديسمبر/كانون الأول القادم، حيث أن الإجراءات الأمريكية تستغرق بعض الوقت، ونأمل ألا يحدث تغير في مفهوم الإدارة الأمريكية بعد انتخاب جو بايدن، ونستبشر خيرا بأن عهد بايدن سيكون أفضل بكثير جدا من عهد ترامب والذي لم يكن يدير الأمور بطريقة رشيدة وأفتعل الكثير من الحروب الاقتصادية مع الصين وغيرها".
مؤشرات اقتصادية
ولفت الناير إلى أنه "قد يحدث تحسن في الاقتصاد السوداني عندما يتم تأييد قرار الرفع من قائمة الإرهاب، ووقتها سوف تستطيع المصارف السودانية استقبال التحويلات من الخارج مع سهولة انسياب حصيلة الصادرات السودانية وأيضا عمليات تحويل الأموال من أجل الاستيراد من الخارج أو للدارسين بالجامعات الغربية والأمريكية من الطلاب السودانيين، وأيضا سيكون الأمر ميسرا لمن يريدون العلاج بالخارج".
النتائج المتوقعة
من جانبه قال المحلل السياسي السوداني ربيع عبد العاطي: "في اعتقادي أن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب هي فرقعات إعلامية، فقد رفعت عنا بعض العقوبات في عام 2017 قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية السابقة، لكن لم تكن لها أي تأثير على أي من القطاعات، وكانت التبريرات بأننا مازلنا في قائمة الدول الراعية للإرهاب".
وأوضح المحلل السياسي أن "عدم وجود السودان في تلك القائمة لا يعني بأي حال من الأحوال أن السماء ستمطر ذهبا ورغد العيش سيأتي تباعا".
وتابع: "لو كان الأمر كذلك لأمطرت السماء ذهبا وفضة على العراق وإريتريا وتشاد ومصر والدول العربية، فحتى الدول العربية والتي لها علاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية وليست في أي من القوائم الأمريكية السوداء أو البيضاء، تعاني من الضعف والاختلال في موازين مدفوعاتها نتيجة الأزمات الاقتصادية، رغم أن تلك الدول تنتج الملايين من براميل النفط وكان بإمكانها أن تحول الشرق الأوسط إلى جنان".
وأشار عبد العاطي إلى أن "الشعب السوداني كله سوف يرى النتائج بعد هذا القرار، وأتوقع ألا تكون هناك نتائج إيجابية لتلك الخطوة على السودان، فلو كان الأمر بيد تلك القوائم لكان الجنوب الذي انفصل عن السودان منذ عقد يعيش رفاهية الآن، فليس مسجلا بقوائم الإرهاب وليس عليه عقوبات وهو منتج للنفط، هناك نوع من الأمنيات بأن هناك تأثير إيجابي لرفع اسم السودان من القائمة، وللأسف هو سراب وليس حقيقة".
بدأت البنوك السودانية خطوات لإعادة تأسيس علاقات مع البنوك الأجنبية، بينما تستعد الولايات المتحدة لرفع السودان من قائمتها للدول الراعية للإرهاب.
ويقول مصرفيون ومحللون إن العملية ستكون بطيئة على الأرجح.
والبنوك ممنوعة من علاقات المراسلة التي تشتمل على الدولارات الأمريكية وتجد صعوبة في التعامل بعملات رئيسية أخرى منذ حوالي عشرين عاما، وهو ما يضطرها إلى الاعتماد بشكل أساسي على الدرهم الإماراتي للمعاملات.
ويعتمد المستوردون على سماسرة بتكاليف مرتفعة، في دبي بشكل رئيسي، للحصول على العملات الأجنبية، وهو ما يعني تكلفة إضافية على المستهلكين المحليين ويساعد في تفاقم التضخم الذي يبلغ حاليا 220 بالمئة.
وفي 27 أكتوبر، قال الرشيد عبد الرحمن مدير عام بنك "البركة" السوداني إن البنك أتم أول تحويل نقدي مقوم بالدولار في سنوات للسودان، إذ جلب دولارات مصدرها نيويورك عبر شقيقه بنك البركة مصر الذي مقره القاهرة.
وأضاف الرشيد عبد الرحمن علي أن التحويل، وهو لشركة تجارية سودانية، كان الأول في حوالي 20 عاما.
وفي 20 أكتوبر، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراره رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بينما يسعى لدفع البلاد للموافقة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وأرسل في وقت لاحق القرار إلى الكونغرس الذي أمامه 45 يوما للموافقة عليه أو رفضه.