وتعالت الأصوات من كل الاتجاهات لإنقاذ اليمن وإزاحة أنصار الله، رغم أن تلك الدعوات قد انطلقت منذ 4 سنوات إلا أنها لم تحقق تحركا فعليا ومؤثرا .. فهل ينجح ترامب إشعال الملف اليمني قبل رحيله؟
يقول الخبير العسكري والاستراتيجي العميد عزيز راشد، إن "التحالف الذي يشن العدوان على اليمن منذ 6 سنوات يترصد لكسر صمود اليمنيين، والتهويل من المجاعة القريبة، وهم من يصنعون تلك الأزمات بإغلاق المنافذ والممرات والمطارات، هذا علاوة على التهديدات الأمريكية المباشرة كما حدث من وزير الخارجية الأمريكي في بداية الحرب، عندما هدد وفد صنعاء أثناء مفاوضات الكويت بأنه سوف ينقل البنك المركزي إلى عدن إن لم يتم الرضوخ لمطالبهم".
أين أموال الإغاثة؟
وأضاف لـ"سبوتنيك"، "من البداية كانت هناك تهديدات وتحذيرات لنا، لكن مع إخفاقهم في كل ما سبق يسعون الآن لوضع الشعب اليمني في قائمة الإرهاب ليتم منع كل شىء عنه بحجة الإرهاب، حتى منظمات الإغاثة التي تدعي أنها تساعد الشعب اليمني فقد رصدنا 6 مليار دولار تم الحصول عليها باسم مساعدات للشعب خلال فترة الحرب لم يحصل منها اليمن إلا على مليار واحد فقط، وذهب الباقي إلى الفريق الأممي ومعاونيه".
وأشار راشد إلى أن "منظمات الإغاثة والفريق الأمم يأخذ أموال باسم الشعب اليمني ولا تذهب إلى المستفيدين وإنما للميزانية التشغيلية الأممية، وقد طلبنا أن تسلم تلك المعونات بشكل مباشر إلى المستفيدين دون تدخل من أي من الأطراف سواء أنصار الله أو الحكومة اليمنية، لكنهم رفضوا هذا العرض، لذلك هم يستحوذون على أموال الدول باسم اليمن".
قائمة الإرهاب
وتابع، "علاوة على ذلك فإن المطالبة بإدراج أنصار الله على قائمة الإرهاب هو نوع من الانهزام نتيجة عجزهم عن كسر إراد الجيش واللجان الشعبية واليمنيين، لذلك يستخدمون تلك الأدوات السياسية وأدوات الإرغام برعاية أمريكية والتي من أدواتها الحصار العسكري والاقتصادي ومساعدة الخصوم مثل القاعدة والتنظيمات الأخرى، نحن لا نريد شىء من المتحدة سوى ترك البنك المركزي كما كان ورفع الحصار".
وأوضح الخبير الاستراتيجي إلى أن اللوبي الإسرائيلي يتحكم في الإدارات الأمريكية المتتالية ويسخرها لمصالحه، لذا فإن إدارة ترامب تريد أن تتجمل أمام إسرائيل بالتلويح بإدراج أنصار الله على قوائم المنظمات الإرهابية قبل أن يرحل عن البيت الأبيض ويسلم الأمر للرئيس الجديد بايدن، وهذا الأمر سوف يؤثر على الدبلوماسية الخارجية لواشنطن.
المستفيدين من الأزمة
من جانبه قال الدكتور عبد الستار الشميري رئيس مركز جهود للدراسات باليمن، إن "ما يتعلق بالحديث المتكرر بوجود مجاعة في اليمن، لا أعتقد أن هناك ربط حقيقي فيما يتعلق بتحرك الجمهوريين وترامب بإدراج جماعة "أنصار الله" على قائمة المنظمات الإرهابية، وهذا يرجع إلى أن موضوع المجاعة في اليمن هو واقع بالفعل وتم حله منذ فترة، لكن هناك حالات مجاعة فعلية في المناطق النائية سواء كانت سوء تغذية في تهامة أو في غيرها من المناطق الريفية والجبلية البعيدة في تخوم شمال الشمال، ولا اتحدث عنها عن حالات ماتت نتيجة سوء التغذية ولكنني أتحدث عن أسر بكاملها ماتت بسبب تلك المجاعة".
وأضاف لـ"سبوتنيك"، "عندما تعلن الأمم المتحدة عن المجاعة في اليمن فهى أيضا مستفيدة من الأزمة الانسانية والمجاعة في اليمن لأن هناك حالة من التربح للمنظمات في هذا المجال، حيث أن ما يوزع للمستحقين من حقيقة ما وصل لتلك المنظمات لا يتجاوز 40 في المئة، والـ 60 في المئة الباقية تدرج ضمن مصاريف تلك المؤسسات، علاوة على ذلك فإن 20- 30 في المئة من نسبة الشعب تضيع ضمن عمليات فساد مختلفة، منها عمليات التوزيع بطريقة عشوائية، وأصبحت عمليات الجانب الإنساني في اليمن مناخ خصب يساعد تلك المنظمات على الاستثمار وإعلان المجاعة في اليمن بصورة متكررة، لأن المستفيد الحقيقي من تلك المعونات، ليس الفقراء والمحتاجين الحقيقيين ولكنها المنظمات والعاملين بها".
2000 منظمة
وأشار الشميري إلى أنه "يقدر عدد المنظمات المحلية والأجنبية التي تعمل في مجال الإغاثة باليمن حاليا بما يقارب 2000 منظمة يعمل بها ما بين 100-50 ألف موظف يستفيدون بطرق شرعية وغير شرعية، وتلك مهزلة أخرى من مهازل الحرب في اليمن والأمم المتحدة".
وحول علاقة المجاعة بإدراج أنصار الله على القوائم الأمريكية للإرهاب قبل رحيل ترامب، استبعد رئيس مركز جهود للدراسات هذا الأمر قائلا، "هذا الأمر يخضع لمقايضات مع إيران واعتبار هذا الأمر ورقة يمكن أن تستفيد منها واشنطن للضغط على طهران في أي ملف آخر، هذا الأمر لم يختمر، ونسمع من 4 سنوات أن أنصار الله سوف تدرج على قوائم الإرهاب وهو ما لم يحدث".
تحذير من التصنيف
وقال الكاتب الأمريكي ميشيل هورتون في موقع "Responsible Statecraft" إن "نيّة الإدارة الأمريكية النظر مجددا بتصنيف حركة "أنصار الله" في اليمن "منظمة إرهابية"، سيمنع منظمات الإغاثة من العمل في المناطق التي تسيطر عليها الحركة في اليمن"، "الحوثيين (أنصار الله) يسيطرون على أغلب المناطق جنوب شرق البلاد حيث الغالبية السكانية"، وتصنيفها كمنظمة إرهابية سوف يقويهم ويثبت صواب خطابهم".
وحذر أيضا من أن التصنيف الإرهابي بحق "أنصار الله" قد يؤدي إلى انهيار المفاوضات غير الرسمية بين الحركة والسعودية وما يسمى "حكومة عبد ربه منصور هادي"، مشيرا إلى أن حزب الله في لبنان تمكن من تطوير قدراته رغم قيام واشنطن بتصنيفه بالمنظمة الإرهابية عام 1997، كما قام بتعميق علاقاته مع إيران بعد ذلك".
وتقود السعودية، منذ مارس/ آذار 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، سيطرت عليها الجماعة أواخر 2014.
وبالمقابل تنفذ جماعة "أنصار الله" هجمات بطائرات بدون طيار، وصواريخ باليستية، وقوارب مفخخة؛ تستهدف قوات سعودية ويمنية داخل اليمن، وداخل أراضي المملكة.
وقد اجتمعت أطراف النزاع في اليمن في ديسمبر/كانون الأول 2018، لأول مرة منذ عدة سنوات، على طاولة المفاوضات، التي نظمت تحت رعاية الأمم المتحدة في ستوكهولم. وتمكنوا من التوصل إلى عدد من الاتفاقيات المهمة، لا سيما بشأن تبادل الأسرى، ووقف إطلاق النار في مدينة الحديدة الاستراتيجية ووضعها تحت سيطرة الأمم المتحدة.