ما سر هذا الانسحاب وتأثيره على جولة التفاوض؟
يرى مراقبون أن الموقف السوداني أصبح غير واضح ويعطي معلومات غير حقيقية للعالم حول ما يجري، كما أنه يدعم الرواية الإثيوبية بأنها تريد التفاوض ولم تمتنع عن الجلوس على الطاولة، وهو أمر خطير قد يصل بالأزمة إلى وضع أشد تعقيدا إذا ما أقدمت أديس أبابا على الملء الثاني بشكل أحادي.
علامات استفهام
وأضاف لـ"سبوتنيك": "هذا الموقف السوداني غير واقعي، ففي السابق كان هناك دور لخبراء البنك الدولي بالتعاون مع الإدارة الأمريكية، بنسبة 10 في المئة، في مباحثات واشنطن، حيث رفضت إثيوبيا هذا الدور وانضم لها السودان ولم يوقع على الاتفاق، فليس من المعقول أن إثيوبيا رفضت وثيقة واشنطن والبنك الدولي واليوم تقبل بوثيقة وضعها خبراء أفارقة، لذا فإن السودان بهذا الانسحاب يصدر للعالم صورة مضللة، وتعطي إثيوبيا ذرائع بأنها ليست السبب في انسداد التفاوض والوصول للمرحلة الحالية".
وتابع رسلان: "إذا كان السودان حريص لهذه الدرجة بفكرة وجود دور للخبراء وانسحب مرتين من عملية التفاوض، فلماذا انسحب من المفاوضات التي كان يرعاها خبراء من البنك الدولي".
وأضاف رسلان:
لكن المعروف للجميع أن سبب تعثر التفاوض هو رفض إثيوبيا للاتفاق الملزم وإدخالها لبند تقاسم المياه والتي ليست في صلب التفاوض وغير مدرجة في الاتفاق الإطاري عام 2015، ولم يشر السودان عند الانسحاب إلى هذا الموضوع على الإطلاق.
دعم الموقف الإثيوبي
وأوضح مستشار مركز الأهرام، أن انسحاب السودان وتسبيب ذلك بالخبراء الأفارقة يخدم أديس أبابا ويعطيها فرصة لتنفيذ ما نوهت عنه من القيام بالملء الثاني لسد النهضة بشكل منفرد في يوليو/ تموز القادم، مشيرا إلى أننا أمام موقف سوداني غريب والوزير ياسر عباس، دائما، متناقض ويلقي بمعلومات مضللة حول حجم التوافق في المفاوضات والتي وصلت حسب تصريحاته إلى 95 في المئة، ثم يقول بعدها أن هناك قضايا بسيطة لم يتم حلها مثل الاتفاق الملزم وآلية التحكيم.
وتابع: "المعروف أن أي عملية تفاوضية تكون نتيجتها صفر إن لم تكن بها بنود الإلزام، لذا هو يحاول دائما تخفيف الضغط على إثيوبيا ويعطي معلومات مضللة، ويتحدث عن الفوائد الكبيرة للسد التي سيجنيها السودان، لدرجة أنه وصف الخبراء السودانيين المعارضين للسد بأنهم عملاء لقوى خارجية.
خطورة الملء الثاني
وأكد خبير الموارد المائية السوداني الدكتور إبراهيم الأمين، أن سبب الانسحاب السوداني الذي تم الإعلان عنه، يتعلق بأن العملية التفاوضية تسير بنفس الوتيرة السابقة التي لم تحقق أي نتائج تذكر، وأن المدة المتبقية حتى موعد سقوط الأمطار ليست طويلة.
وأضاف لـ"سبوتنيك"، من الواضح أن استمرار التفاوض بالشكل السابق سوف يصل بنا وبدون نتائج إلى أن تقوم إثيوبيا بعملية الملء الثاني وهو الأمر الذي سوف يعقد الأزمة بشكل كبير.
الانسحاب السوداني
وأعلن السودان، أمس الاثنين "تحفظه على المشاركة في مفاوضات سد النهضة، التي كان من المقرر استكمالها اليوم مع مصر وإثيوبيا، معللا ذلك بتجاهل طلبه بعقد اجتماع ثنائي مع خبراء الاتحاد الأفريقي.
وذكرت وزارة الري والموارد المائية السودانية، في بيان لها، أنه "استنادا على مخرجات الاجتماع الوزاري الثلاثي الذي عقد الأحد، تقدم السودان بطلب لعقد اجتماع ثنائي مع خبراء الاتحاد الأفريقي والمراقبين مساء اليوم نفسه، ولم يتلق السودان ردا على طلبه"، وذلك حسب وكالة الأنباء السودانية "سونا".
وأضاف البيان أنه "بدلا عن ذلك تسلم السودان دعوة لمواصلة التفاوض الثلاثي المباشر مما دفع السودان للتحفظ على المشاركة تأكيدا لموقفه الثابت بضرورة إعطاء دور لخبراء الاتحاد الأفريقي لتسهيل التفاوض وتقريب الشقة بين الأطراف الثلاثة".
واتفقت مصر والسودان وإثيوبيا، خلال اجتماع حول سد النهضة، الأحد، على عقد جولة جديدة من المفاوضات بحضور مراقبين وخبراء، وشددت القاهرة على ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم قبل استئناف الملء.
وانطلقت فعاليات اجتماع عبر تقنية الـ"فيديوكونفرانس"، يوم الأحد، بين وزراء الخارجية والري لكل من مصر وإثيوبيا والسودان، لاستئناف المفاوضات الخاصة بملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي.
وأكد الجانب المصري خلال الاجتماع على ضرورة التوصل في أقرب فرصة ممكنة على اتفاق حول سد النهضة، وقبل بداية المرحلة الثانية من ملء خزان السد، وبما يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث ويؤمن في الوقت ذاته حقوق مصر ومصالحها المائية.
فيما قالت إثيوبيا، إنها "لن تقبل باتفاق حول سد النهضة يحد من حقها في استخدام مياه النيل"، مشيرة إلى أن "مصر رفضت بشكل قاطع وثيقة الخبراء المعينين من قبل رئيسة الاتحاد الأفريقي (جنوب أفريقيا) والتي اعتبرتها إثيوبيا إيجابية ووافقت على استخدامها كوثيقة عمل منفردة للمفاوضات".
ومع ذلك، تم الاتفاق، على عقد جولة جديدة من المفاوضات بحضور مراقبين وخبراء، قبل أن يبدي السودان تحفظه على المشاركة في المفاوضات المقرر استمرارها لأسبوع.