مرة أخرى عاود البيت الأبيض الحديث عن المعتقل في ظل تقديرات بأن إدارة الرئيس جو بايدن لن تستطيع إغلاق المعتقل إلا عبر صفقات مع بعض الدول لإرسال المعتقلين إليها.
والبيت الأبيض أكد أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يتجه لإغلاق سجن غوانتانامو.
ونقلت "رويترز" عن المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، تأكيدها أمس الجمعة أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يستهدف إغلاق سجن غوانتانامو مع انتهاء رئاسته قائلة:
"من المؤكد أن ذلك هو الهدف، ونحن ننوي تحقيقه".
وبحسب "رويترز"، بدأت الإدارة مراجعة رسمية حول مستقبل السجن بهدف إغلاق المعتقل المثير للجدل.
بعض الأسباب التي قد تحول دون إغلاق المعتقل هو ما يحدث داخله من مخالفات وعمليات انتزاع الاعترافات بطرق وحشية، لا يخضع فيها المعتقل لحقه في العرض على القضاء أو وجود دفاع عنه.
وبحسب الخبراء، فإن إدارة بايدن تريد أن تؤكد على مسالة حقوق الإنسان التي تتحدث عنها وتطالب الدول بها، في حين أن المعتقل ترتكب به كافة المخالفات، إلا أنه خارج الأراضي الأمريكية ولا ينطبق عليه القانون الأمريكي.
الرئيس الأمريكي باراك أوباما تعهد خلال حملته الانتخابية بإغلاق المعتقل، لكنه فشل في إغلاقه خلال عام من توليه الرئاسة أوائل عام 2009.
وفي 22 يناير/ كانون الثاني 2009 وقع الرئيس أوباما أمرا تنفيذيا بإغلاق المعتقل سيء السمعة.
ونص القرار على منع استخدام ووقف الأساليب القاسية، التي تنتهك حقوق الإنسان في التحقيق مع المشتبه بتورطهم في أعمال إرهابية ويطلب من المحققين "الالتزام باتفاقيات جنيف".
وفي ديسمبر/كانون الأول 2014، عاد الرئيس الأمريكي مرة أخرى، وقال إنه سيفعل "كل ما في وسعه" لإغلاق معتقل غوانتانامو في كوبا، ورغم تكرار تعهده بالأمر أكثر من مرة، إلا أنه فشل في تنفيذ القرار.
عهد ترامب
وفي مارس/آذار هاجم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرار الرئيس السابق باراك أوباما، بإغلاق سجن غوانتانامو العسكري شمال جزيرة كوبا، وذلك بالرغم من أوباما لم يتمكن من تنفيذ القرار.
وقال "ترامب" في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، عبر حسابه الرسمي: "122 ممن أطلق أوباما سراحهم عادوا إلى ساحات القتال".
هل يستطيع بايدن إغلاق المعتقل؟
وفي تعليقه على هذه المسألة، قال الدكتور ماك شرقاوي، المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية في نيويورك، إن جو بايدن يسير على نهج الرئيس أوباما في حقبته الأولى عندما وعد بإغلاق المعتقل.
وأضاف في حديث لـ"سبوتنيك"، أن الرئيس الأمريكي أوباما صُدم بصعوبة تنفيذ القرار.
وتواجد المعتقل في جزيرة مؤجرة من كوبا طرح صعوبات أمام إغلاقه تتمثل في أن الإدارة الأمريكية قد لا تجد البديل الذي تضع فيه العناصر الإرهابية المعتقلة، بحسب شرقاوي.
وأشار إلى أن هناك نقطة ثانية تتمثل في وجود المعتقل خارج الأراضي الأمريكية، حيث لا يخضع المتهم للقوانين الأمريكية التي تتطلب عرضه على القضاء بالشكل الطبيعي والدفاع عنه أمام القضاء من خلال محاميه، إلا أن كل هذه الحقوق لا تتوفر في المعتقل.
وتابع بقوله:" لا يمكن نسيان أن الإدارات السابقة تعاقدت مع بعض الدول في المنطقة لتقوم بالسجن وانتزاع الاعترافات، وأن الرئيس أوباما عندما بدأ التحقيق في عملية نزع الاعترافات من خلال عمليات الشعور بالإغراق، أفرج في النهاية عن جميع الضباط المتهمين في نزع الاعترافات بذه الآلية".
أسباب تحول دون الإغلاق؟
ورأى أن إدارة بايدن لن تستطيع تنفيذ وعدها بإغلاقه، إلا إذا اتفقت مع بعض الدول الأخرى حتى ترسل إليها المعتقلين.
وأشار إلى أن الحديث عن إغلاق المعتقل يحمل دلالة رمزية، خاصة أن الإدارة الأمريكية تسوق لنفسها على أنها راعية لحقوق الإنسان في العالم.
على الجانب الآخر، قال الخبير العسكري المغربي محمد أكضيض، إن: الرئيس جو بايدن والتزاماته السياسية على مدى حياته وطموحاته تتجه إلى إغلاق غوانتانامو الذي يتنافى مع وضعية حقوق الانسان.
وأضاف في حديث لـ"سبوتنيك"، أن المعتقلين دون محاكمات داخل السجن وكل ما يحدث داخله يتعلق بصورة الإنسان، وهو الدافع الأول لغلقه.
ويرى الخبير المغربي أن إدارة بايدن ستعمل قبل إغلاق المعتقل، على خلق المناخ المناسب في علاقات الولايات المتحدة مع الدول المنحدرة منها جنسيات المعتقلين، من أجل تسليمهم إلى دول الأصل التي تتوفر على ترسانة قانونية بإعادة محاكتهم بقانون الإرهاب.
وفيما يتعلق بمتابعة المعتقلين بعد قضاء فترة السجن وتتبع سلوكهم، يشير أكضيض إلى أن التجربة المغربية أثبتت نجاحا في ذات الإطار، حيث أن البعض من رواد الفكر السلفي الذين مروا بالسجن يساهمون في الحياة العامة بشكل إيجابي في الوقت الراهن بعد أن مروا بعمليات المراجعة.
وبحسب الخبير فإن السلطة في دول الأصل هي التي ستتصرف بالوكالة عن الولايات المتحدة مع المعتقلين بتسلمهم ومحاكتهم.
الإشكالية الأخرى التي يراها الخبير تتمثل في الحكم على المعتقلين بالسجن النافذ في دول الأصل، وذلك بعد فترة اعتقال طويلة في المعتقل، الأمر الذي يحتاج إلى مراجعة، بحسب الخبير.
وافتتح الرئيس السابق جورج بوش السجن في القاعدة العسكرية الأمريكية في كوبا لاستيعاب الأجانب المشتبه بضلوعهم في الإرهاب، إلا أن المعتقل يلاحقه الكثير من الإدانات، في ظل عمليات غير آدمية وتعذيب تحدث بداخله.