لقد تميّز السوق قديما بأصوات قرقعة النحاس الصادرة عن ورش العمل التي لا تهدأ لتأمين مستلزمات المنزل من طناجر وأكواب وملاعق وغيرها، إذ أنه قديما كانت تقتضي العادات والتقاليد أن يتم تجهيز المنزل ومستلزمات المطبخ وغيرها من الأدوات النحاسية، النحاس كان من المستلزمات اليومية قبل أن يحل مكانه الحديد والألمنيوم وغيره من المعادن.
ومع مرور الزمن انتقلت الصناعات النحاسية بفضل جودتها وجمالها من المطبخ إلى الصالونات الفاخرة، فأضحت المناقل والطناجر والتحف وغيرها، تضيف لمسة تراثية على تصميم الغرفة.
اليوم في زمن كورونا والأزمة الاقتصادية التي تعصف في البلاد، اختفى صوت قرقعة النحاس من السوق الذي يمتد على طوال 500 مترا، فالمتاجر والمعامل مغلقة بسبب الإغلاق العام الذي فرضه فيروس كورونا وبسبب الركود الاقتصادي الناتج عن ارتفاع سعر صرف الدولار بالإضافة إلى الراجع الكبير بأعداد السائحين الذي كانوا يحرصون دائما على زيارة السوق لاقتناء النحاسيات.
يقول عبد الكريم رفعت حسون، وهو مهني وصاحب متجر لبيع النحاس إن "مهنة صناعة النحاس هي مهنة يدوية جميلة جدا، وكان جميع الناس قديما يقتنون النحاس للطبخ والمطبخ من أسطال الحليب والملاعق والصحون، أما الآن فالأمور اختلفت فالجميع يشتري الستانليس والألمنيوم".
ويضيف: "قديما كان الميسور مادياً يشتري الأدوات المنزلية النحاسية كأحد تقاليد الزواج، أما من كانت حالته معتدلة فكان يشتري الألمنيوم، والنحاس حينذاك كان الأفضل كونه يستعمل لسنوات طوال، أما الآن فقد تحول إلى زينة تعبر عن تراث الأجداد".
ويقول عبد الكريم إن "عملية البيع والشراء ضعفت منذ 5 سنوات فقد توقف تصدير المنتجات إلى الخارج، بالإضافة إلى ارتفاع سعر صرف الدولار اليوم، الأمر الذي انعكس سلبا كون القطعة التي كانت تكلفتها 20 دولارا أي ما يعادل 30.000 ليرة لبنانية بقي سعرها كما هو بالدولار ولكن أصبح سعرها 200.000 ليرة لبنانية، فهل سيدفع المواطن 20% من راتبه لقاء القطعة النحاسية بالطبع لا".
ويضيف أنهم "بالرغم من المصاعب فهم يعتمدون على حركة السياح الذين يقصدون السوق لشراء التحف النحاسية التذكارية، ولكن تلك الحركة تلقت صفعة منذ أن بدأت التظاهرات في 17 تشرين 2019 وغزو جائحة كورونا العام الماضي".
ويعقب على الإغلاق العام بالقول "إن العمال في مصنعه ومتجره يبلغ عددهم 14 عاملا جميعهم متوقفين عن العمل بسبب الإغلاق العام، وجميعهم يجنون لقمة عيشهم بشكل يومي، وعلى الدولة أن تضع خطة تساعد فيها العمال على الصمود في منازلهم في ظل هذه الظروف الصعبة".