وتصاعدت خلال الأشهر الماضية المؤشرات الدالة على أن القوى السياسية العراقية ذاهبة إلى حسم أهم الملفات الخلافية بين الحكومة الاتحادية المركزية ونظيرتها في إقليم كردستان العراق، عبر سعي البرلمان المركزي إلى إقرار قانون النفط والغاز المركزي، الذي كان مقررا في العام 2019، حيث تحدد من خلال القانون مختلف مستويات سلطة الطرفين على الثروة النفطية في مختلف مناطق البلاد، بما في ذلك إدارة الحقول وحقوق التعاقد مع الشركات الأجنبية والاستخراج والتصدير، التي تشكل واحدة من أشد الملفات الخلافية بين بغداد وأربيل.
لا مجال لمناقشته
وأضاف لـ"سبوتنيك": "هناك الكثير من القوانين المعطلة أمام البرلمان الذي لم يتبق من عمره سوى القليل، وهو ما يجعل الحديث عن إصدار القانون الجديد للنفط في تلك الفترة الزمنية القصيرة طموح غير واقعي، علاوة على ذلك فإن إصدار القوانين أو الموافقة عليها يخضع للمحاصصات بين الأحزاب السياسية التي تمسك بزمام الأمور منذ العام 2003 وحتى الآن".
صراع بغداد وأربيل
وتابع الكبيسي: "الصراع الآن يتمثل في أن الأشقاء في كردستان العراق يريدون السيطرة على آبار النفط الموجودة في شمال العراق ومنها نفط كركوك، وكما تعلم أن مشكلة كركوك لم تحل حتى الآن، ويتحدث البعض عن المادة 140 التي تختص بالملفات العالقة بين بغداد وأربيل، وكذلك المادة 142 الخاصة بتعديل الدستور".
وأوضح الخبير الاقتصادي: "على سبيل المثال نجد أن هناك محافظات بها كميات كبيرة من النفط مثل البصرة التي تنتج أكثر من 2.5 مليون برميل نفط وهناك أيضا نفط في الناصرية، ومع ذلك أكثر من 50% من سكانها تحت خط الفقر".
تنظيم الصلاحيات
وقال النائب في البرلمان العراقي أمين بكر: "رغم الحديث من جانب الكتل والأحزاب السياسية عن القانون الجديد للنفط والغاز، وأنه قد يكون الحل لكل المشاكل المتعلقة بموضوع إدارة النفط بين الإقليم والحكومة الاتحادية، أرى أن مثل هذا القانون سوف يكون محل خلاف كبير، لأنه في ظل هذا القانون يجب أن تنظم صلاحيات كل طرف في إدارة الملف النفطي".
وأضاف لـ"سبوتنيك": "هناك خلاف عميق بين بغداد وأربيل حول تصور كيفية إدارة ملف النفط والغاز، لذا فإن هذا القانون سيعقد المشاكل، وكان يفترض أن نصل من البداية إلى اتفاق حول تنظيم الصلاحيات، ثم على أساس هذا الاتفاق المبدئي يتم تشريع قانون إدارة النفط، وطالما هناك اختلافات في أصل الاتفاق، فلن نصل إلى قانون يمكن قبوله".
وكانت العلاقة بين الطرفين تسيرعلى وتيرة توافقية، إلى أن مالت القوى السياسية الكردية عام 2014 إلى تنفيذ قراءتها الخاصة لمواد الدستور العراقي المتعلقة بالشأن النفطي، واعتبرت أن الدستور يمنحها سلطة التعاقد مع الشركات العالمية واستخراج النفط من مناطقها وتصديره إلى الخارج.
دفعت تلك الإستراتيجية حكومة رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي إلى اتخاذ قرار محكم بالحجر على حصة إقليم كردستان العراق من الميزانية المركزية، والتي كانت تقدر بـ17 في المئة من مجموعها. وبقي ذلك الحجر مستمرا إلى أن أقرت الحكومة الحالية إفراجا نسبيا عن ميزانية الإقليم، متمثلا بدفع قرابة نصف رواتب موظفي إقليم كردستان، على أن تقوم هذه الأخيرة بتسليم كمية ربع مليون برميل نفط يوميا لشركة التصدير الحكومية العامة "سومو".