ولد خاشقجي في المدينة المنورة في 13 أكتوبر/ تشرين الأول عام 1958، لعائلة سعودية مرموقة من أصول تركية، حيث جد،ه محمد خاشقجي، طبيبا شخصيا للملك الراحل عبد العزيز آل سعود، مؤسس المملكة. وتجمعه علاقة قرابة بتاجر الأسلحة الراحل عدنان خاشقجي، بحسب تقرير لوكالة "فرانس برس".
تخرج خاشقجي في جامعة ولاية إنديانا الأمريكية عام 1982، وعمل في صحف يومية بينها "سعودي غازيت" و"الشرق الأوسط". أُرسل لتغطية النزاع في أفغانستان، وأظهر تعاطفا مع قضية "المجاهدين" في الحرب ضد الاتحاد السوفياتي، والتي موّلها السعوديون ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه".
أجرى خلال هذه الفترة مقابلة مع أسامة بن لادن في أفغانستان وفي السودان، ثم ابتعد عنه في التسعينيات بسبب دعوة الأخير له للمشاركة في أعمال عنف في الغرب. اعتبرته السلطات السعودية تقدميا أكثر من اللزوم، فاضطر إلى مغادرة منصبه كرئيس تحرير في صحيفة "الوطن" اليومية عام 2003.
لكنه بعد ذلك، تولى مناصب استشارية في الرياض وواشنطن، بينها لصالح الأمير تركي الفيصل الذي أدار الاستخبارات السعودية لأكثر من 20 عاما. وعندما عُيّن الأمير تركي الفيصل سفيرا في واشنطن في 2005، رافقه خاشقجي إلى الولايات المتحدة.
في العام 2007، عاد خاشقجي إلى صحيفة "الوطن" وأمضى فيها 3 سنوات قبل أن يضطر مجددا للمغادرة، حيث اعتبرت السلطات أن أسلوبه التحريري "يتجاوز الحدود" المرسومة للنقاش في المجتمع السعودي.
وتقرب خاشقجي من الملياردير الأمير الوليد بن طلال، وأطلقا معا في المنامة عام 2015 قناة "العرب" الإخبارية التي توقفت عن العمل بعد 24 ساعة فقط إثر بثها مقابلة مع شخصية معارضة.
ترك خاشقجي السعودية في سبتمبر/ أيلول عام 2017 بعد أشهر من تولي الأمير محمد بن سلمان منصب ولي العهد. وأوقفته جريدة "الحياة" اليومية المملوكة للأمير خالد بن سلطان آل سعود، عن الكتابة فيها، بعدما دافع عن "جماعة الإخوان المسلمين".
وانتقل خاشقجي للعيش في منفى اختياري في الولايات المتحدة بعدما اختلف مع الأمير محمد بن سلمان. وبدأ يتحدث عن حقبة سعودية جديدة من "الخوف والترهيب والاعتقالات والتشهير العلني" في مقال نُشر في "واشنطن بوست" في عام 2017.
كما كتب في صحيفة "غارديان" البريطانية قبل ذلك: "يستحق ولي العهد الثناء على برنامجه الإصلاحي في الداخل. لكن في الوقت ذاته، لم يسمح بأي نقاش في السعودية حول طبيعة التغييرات التي يجريها".
وتابع: "يبدو أنه ينقل البلاد من التطرف الديني التاريخي، إلى تطرفه القائل (عليكم أن تقبلوا بإصلاحاتي)".
واصل خاشقجي التعبير عن معارضته لمقاطعة قطر من السعودية وحلفائها، وانتقد الحرب في اليمن. وفي أثناء ذلك قام بالزيارة المشؤومة للقنصلية في اسطنبول بهدف الحصول على الأوراق اللازمة لإتمام زواجه من خطيبته التركية - آنذاك - خديجة جنكيز.
قتل خاشقجي في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018 خلال زيارته للقنصلية. وقال المسؤولون الأتراك إنه قُتل على أيدي مجموعة سعودية مكونة من 15 رجلا قاموا بخنقه وتقطيع جسده إلى أشلاء لم يُعثر عليها بعد.
في النهاية، أقرت السلطات السعودية بقتل خاشقجي في القنصلية على أيدي سعوديين، مشددة على أن ذلك حصل من دون علم القيادة العليا.
وفي سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، أصدرت محكمة في الرياض أحكاما نهائية في قضية خاشقجي، قضت بسجن 8 مدانين لفترات تراوحت بين 20 و7 سنوات، في تراجع عن أحكام سابقة قضت بإعدام 5 منهم. أعلن أبناء خاشقجي "العفو" عن قتلة والدهم في مايو/ أيار عام 2020.
وأعلنت الاستخبارات الوطنية الأمريكية في تقرير، نشر أمس الجمعة، أن مكتب مدير المخابرات الوطنية يرجح أن يكون ولي عهد السعودية، الأمير محمد بن سلمان، وافق شخصيا على اغتيال الصحفي جمال خاشقجي عام 2018.
وجاء في التقرير: "وفقا لتقديراتنا، وافق ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على عملية في اسطنبول بتركيا لاعتقال أو قتل الصحفي جمال خاشقجي". وأشار التقرير إلى أن ولي العهد السعودي اعتبر خاشقجي تهديدا للمملكة ووافق على إجراءات من شأنها إسكاته.
وردت السعودية على التقرير الأمريكي، بالقول إنها ترفضه "رفضا قاطعا"، وقالت الخارجية السعودية: "نرفض رفضا قاطعا ما ورد في تقرير الكونغرس بشأن مقتل المواطن جمال خاشقجي".
واعتبرت أن التقرير "تضمن استنتاجات غير صحيحة عن قيادة المملكة ولا يمكن قبولها"، مؤكدة استنكار السعودية لجريمة مقتل جمال خاشقجي.