جنحت سفينة الشحن "إيفر جيفن"، وهي ناقلة حاويات أطول من برج إيفل، في الجزء الجنوبي من القناة في مصر، تاركة عشرات السفن في طريق مسدود أثناء محاولتها العبور بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، بحسب تقرير لوكالة "بلومبيرغ".
بلغ طول السفينة الجانحة 400 متر، وعرضها 59 مترا، فيما تبلغ حمولتها الإجمالية 224 ألف طن، وقع الحادث صباح أمس الثلاثاء، ويعود بشكل أساسي إلى انعدام الرؤية الناتجة عن سوء الأحوال الجوية نظراً لمرور البلاد بعاصفة ترابية، بلغت معها سرعة الرياح 40 عقدة، مما أدى إلى فقدان القدرة على توجيه السفينة، بحسب موقع هيئة قناة السويس.
ما آخر التطورات؟
قالت شركة وكالة الخليج، التي تقدم خدمات من بينها عبور قناة السويس، إنه لم يتم إحراز أي تقدم حتى الآن في تعويم السفينة وتطهير القناة، وأظهرت صور نشرتها هيئة قناة السويس أن هيكل السفينة عالق بقوة، لكنها أظهرت أيضا قوارب السحب التي نشرت لعملية سحب السفينة.
قال شخصان مطلعان على الوضع لوكالة "بلومبرغ" إن وزن السفينة "إيفر جيفن" البالغ 224 ألف طن، وصغر حجم قوارب القطر في القناة أعاقا العمل حتى الآن. وقال أحد المصادر إن مالكي السفنية يجرون محادثات مع شركة "SMIT Salvage B.V" التي تمتلك قاطرات أكبر، للمساعدة، وهو ما قد يستغرق أياما لسحب السفينة.
من جانبه، قال أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، إن وحدات الإنقاذ وقاطرات الهيئة تواصل جهودها لإنقاذ وتعويم سفينة الحاويات البنمية العملاقة، القادمة من الصين والمتجهة إلى روتردام. أفادت وسائل إعلام بأن السفينة عومت جزئيا في وقت لاحق، وأن حركة الملاحة ستستأنف قريبا، دون أي تأكيد رسمي.
قالت شركة "Leth Agencies"، إحدى أكبر مزودي خدمات عبور قناة السويس، في إشعار للعملاء، إن الانسداد تسبب في أزمة كبيرة في المنطقة، حيث 42 سفينة متجهة شمالا تنتظر الآن إعادة تعويم "إيفر جيفن". وأضافت أنها سترسل كراكة للمساعدة في تحرير السفينة.
كما تضررت نحو 64 سفينة متجهة جنوبا، فيما قالت وكالة الخليج إن 15 سفينة متأثرة تنتظر عند المرسى. انعكس هذا التعطل على أسعار النفط أيضا بعد تقارير رجحت تأثر عملية نقل ملايين البراميل من الخام.
الممر الأهم
تعد قناة السويس التي يبلغ طولها 193 كيلومترا (120 ميلا) من بين أكثر الممرات المائية نشاطا في العالم، وتستخدمها ناقلات النفط التي تشحن الخام من الشرق الأوسط إلى أوروبا وأمريكا الشمالية، ويمر من خلالها 12% من التجارة العالمية و8% من الغاز الطبيعي المسال، وكذلك نحو مليون برميل من النفط كل يوم.
من جانبه قال ربيع في تصريحات لوسائل إعلام مصرية، إن القناة يمر بها سنويا أكثر من 18 ألف سفينة، وإنها معتادة على مثل هذه المواقف، وإذا تعرضت لهذا الموقف مرة أو اثنين في العام فلا توجد مشكلة كبيرة.
وأوضح أنه كان هناك ثماني قاطرات تعمل أمس لتعويم الحاملة، ثم رُفع العدد إلى تسع قاطرات لسرعة إنقاذ الحاملة، إضافة إلى الدفع بكراكتين.
لم ترد تقارير عن إصابات أو تلوث وفقا للشركة المشغلة للسفينة "برنارد شولت شيب مانجمنت"، كما أن طاقم السفينة في أمان. تنقل السفينة شحنة لشركة الخدمات اللوجستية "أورينت أوفرسيز كونتينر لاين".
شهدت القناة حوادث جنوح مماثلة أوقفت الشحن، لكنها على سبيل المثال، تمكنت من سحب السفينة "OOCL Japan" بعد بضع ساعات في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2017. وفي واحدة من أخطر حالات التأخير، أغلقت القناة 3 أيام في عام 2004 بعد جنوح ناقلة النفط "Tropic Brilliance".
لكن أي إغلاق طويل الأمد سيستدعي إعادة توجيه، وفي حال الابتعاد عن قناة السويس للسفر حول رأس الرجاء الصالح، سيكون هناك أسبوعان آخران للرحلات من آسيا إلى أوروبا، ما يؤدي إلى تكاليف إضافية كبيرة وتعطيل الجداول الزمنية.
تأثير التعطل
أعلنت شركة عالمية لتحليلات النفط، اليوم الأربعاء، أن 10 ناقلات نفط تحمل نحو 13 مليون برميل من الخام قد تتأثر بتعطل حركة المرور في قناة السويس، من جراء جنوح سفينة عملاقة في الممر المائي.
وذكرت شركة "Vortexa" أن المعدل التقريبي للتراكم يصل إلى 50 سفينة يوميا تقريبا، وأي تأخير يؤدي إلى إعادة التوجيه، سيضيف 15 يوما إلى الرحلة بين الشرق الأوسط وأوروبا.
قد تضطر شركات التكرير الأوروبية والأمريكية التي تعتمد على الممر المائي الحيوي لشحنات نفط الشرق الأوسط إلى البحث عن إمدادات بديلة في حالة استمرار الانسداد، مما قد يؤدي إلى زيادة التكاليف، وفي الوقت نفسه، ستتوقف تدفقات النفط الخام من حقول بحر الشمال المتجهة إلى آسيا.
تعد القناة طريقا مهما، وتستخدم بشكل أساسي لنقل النفط الخام من الشرق الأوسط إلى أوروبا والولايات المتحدة، فضلا عن شحن زيت الوقود من الغرب إلى الشرق، كما يمكن للممر المائي استيعاب سفن من نوع "Suezmax" والتي تستوعب مليون برميل، إلى جانب ناقلات خام كبيرة جدا، طالما أنها تنقل بعض البضائع خارج السفينة قبل العبور.
على أساس يومي، يتدفق نحو 600 ألف برميل من النفط الخام أو أقل من الشرق الأوسط إلى أوروبا والولايات المتحدة عبر القناة، في حين يبلغ إجمالي الكميات من حوض الأطلسي إلى آسيا حوالي 850 ألف برميل يوميا، بحسب وكالة "بلومبيرغ".
بالإضافة إلى ذلك، يذهب 400 ألف برميل من النفتا من الغرب إلى الشرق عبر الممر المائي كل يوم، فيما يتجه 300 ألف برميل من نواتج التقطير في الاتجاه الآخر. تستخدم النفتا المشتقة من الخام في صناعة البلاستيك ومزجها بالبنزين، بينما تشتمل نواتج التقطير المصنوعة أيضا من النفط الخام، على وقود الطائرات والديزل.
ومع ذلك، ستساعد شبكات خطوط الأنابيب الصناعة في تجاوز تأثير الإغلاق، مما يوفر طريقا لاستمرار نقل الخام، حيث يربط خط أنابيب "سوميد" في مصر، البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط، بسعة تدفق من الجنوب إلى الشمال تصل إلى 2.8 مليون برميل يوميا.
أشارت تقارير إعلامية، إلى أن السلطات المصرية، قررت تحويل مسار الملاحة في القناة بعد الجنوح، لكن من غير الواضح كيف سيؤثر ذلك على السفن العالقة وتلك التي تنتظر العبور، وما إذا كان سيسمح بحركة طبيعية، كما أنه لم يؤكد رسميا بعد.