إلى هنا يتوقف مدى الكاميرا، لا تسطيع التحرك لتكشف ما حدث هناك على أرض الحادثة، فكان شهود العيان ليروا ما حدث بعد لحظات من التصادم، وكيف تعامل الأهالي مع الضحايا إلى أن وصلت فرق الإنقاذ وبدأت عملها.
ها هو الصعيد على موعد جديد مع حادث سير مروع إثر تصادم قطارين بالقرب من مركز طهطا التابع لمحافظة سوهاج جنوب البلاد، يخلف 19 قتيلا و185 إصابة.
يصف ما حدث في حديث لـ"سبوتنيك"، بأنه كان "مؤلم"، يقول: "كنا داخل المنزل وتفاجأنا بصوت ارتطام شديد، هز المنزل فخرجنا مسرعين إلى موقع الحادث".يقول ميلاد، أحد شهود العيان، والذي يفصل منزله عن مكان الحادث بضعة أمتار، إن التصادم حدث عند حوالي الساعة 12 ظهرا، وقت صلاة الجمعة.
ويضيف:سمعت صراخ الضحايا من العربات التي انقلبت، لكن المشكلة كان في وجود مجرى مائي يفصل بيننا وبين شريط السكة الحديد.
كوبري النجاة
ويتابع: "تجمع الأهالي والمارة واستخدموا جذوع النخل في إعداد معديه فوق المصرف، وتمكنوا بالفعل من العبور وبدأوا في إخراج الأحياء أولا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه منهم".
وأوضح "كانت هناك سيارة إسعاف تنتظرهم وهي الأقرب للموقع قبل أن تصل باقي السيارات بالتتابع، حيث كانت عملية وصول السيارات لموقع الحادث بالغة الصعوبة قبل أن يتم تمهيد الطريق".
وأضاف: "رأيت الكثير من المشاهد المؤلمة التي لم نشاهدها من قبل، كانت هناك بعض الحالات قد قفزت مصابة من القطارين ووقعت في المصرف وماتت، الأمر كان مؤلم جدا ولن ننم تلك الليلة، وحتى الساعات الأولى من صباح اليوم كانت عمليات البحث عن الجثث بين حطام القطارات مستمرة".
بطولات شعبية
شاهد عيان آخر، يدعى أحمد، كان من الشباب الذين شاركوا في عمليات الإنقاذ الأولية حتى حضرت فرق الإنقاذ، يقول لـ"سبوتنيك": "كنا في المسجد وقت وقوع الحادث وسمعنا صوت الارتطام فخرجنا مسرعين".
ويضيف أنه بعدما عبروا إلى الجانب الآخر من مصرف المياه، "بدأنا في إخراج المصابين والجرحى أولا من أجل إنقاذهم وعبرنا بهم إلى الجانب الآخر عن طريق عربات الإسعاف التي لم تستطع الوصول للموقع في تلك اللحظة... كان همنا الأول إنقاذ المصابين".
ويؤكد أحمد أن مساعدات الأهالي لم تتوقف حتى بعد حضور فرق الإنقاذ وسيارات الإسعاف، "حتى بعد وصول سيارات الإسعاف ووحدات الإنقاذ لم نتوقف عن المساعدة في محاولة إخراج المصابين وجثث المتوفين حتى صباح اليوم السبت".
وأشاد عمر أحد أبناء قرية الصوامعة التي وقع الحادث بالقرب منها بما شاهده من "شهامة" أبناء المحافظة، مشيرا إلى أنهم كانوا يتسابقون في المستشفى من أجل التبرع بالدم.
وأضاف عمر الذي يعمل في مديرية الصحة في حديثه لـ"سبوتنيك": "رغم مأساوية الحادث إلا أنه كشف عن معدن أبناء المحافظة، الوضع كان مؤلما ولكن تكاتف الأهالي وتعاونهم خفف من حدة الأزمة، ولم تكن عملية التبرع بالدم هي فقط ما قدمه الأهالي، بل إن الأهالي علاوة على ذلك قاموا في اللحظات الأولى باستخدام سياراتهم الخاصة كعربات إسعاف لنقل الجرحى والمصابين إلى المستشفيات، بعد أن حملوهم على أيديهم من موقع الحادث".
مشاهد مؤلمة
تحكي أم مريم (هكذا طلبت كتابة اسمها)، شاهدة عيان كانت قريبة من موقع الحادث، عن مشاهد مؤلمة شاهدتها أثناء عمليات إنقاذ المصابين ورفع الجثث من الموقع، "شاهدت عمليات إخراج الجثث من القطارات، كانت المشاهد مؤلمة جدا".
وتابعت: "كانت هناك جثث مقطعة، بينهم نساء وأطفال وشباب... الأمر مؤلم".
ضحايا الحادث
أعلنت وزارة الصحة المصرية، اليوم السبت، تعديل في العدد الحقيقي لضحايا حادث قطاري سوهاج الذي وقع الجمعة، وقالت وزيرة الصحة المصرية هالة زايد، في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الحكومة مصطفى مدبولي وعدد من الوزراء، السبت، إن هناك حالات في حادث قطاري سوهاج أبلغ الأهالي عن وفاتها، وتبين بعد الفحص أنها حالات غيبوبة، ما أدي إلى تعديل إحصاءات أعداد الضحايا إلى 19 حالة وفاة، والإصابات لـ185 إصابة.
وكانت الوزارة أعلنت أمس، وفاة 32 مواطنا، وإصابة 165 آخرين بعضهم حالته خطِرة، فيما توعد الرئيس عبد الفتاح السيسي المتسببين بالحادث، بـ"الجزاء الرادع".
رفع آثار الحادث
وأعلنت الهيئة القومية لسكك حديد مصر، اليوم السبت، رفع آثار حادث تصادم قطاري 157 ركاب الأقصر – الإسكندرية و2011 إسباني أسوان – القاهرة، الذي وقع أمس ما بين محطتي المراغة وطهطا.
ولفتت الهيئة، في بيان، إلى عودة حركة القطارات، اليوم، على خط القاهرة السد العالي بالخطين الطالع والنازل بعد الاستعداد بالحركة بين محطتي المراغة وطهطا.
التحقيقات مستمرة
وكان النائب العام المستشار حمادة الصاوى قد انتقل أمس الجمعة إلى مكان حادث قطارى سوهاج الذي وقع بين قرية "الصوامعة" ومركز "طهطا"، وأجرى المعاينة التصويرية لكيفية وقوع الحادث، وانتهى إلى إصدار حزمة من الإجراءات والقرارات فى تحقيقات تضمنت 8 قرارات.
ومن ضمن هذه القرارات سرعة اتخاذ الإجراءات نحو سؤال سائقى القطاريْن ومساعديْهما ومسؤول لوحة تشغيل برج المراقبة وعامل المزلقان الذي وقع الحادث أمامه، كما أمر بإجراء تحليل المواد المخدرة لكل منهم، والتحفظ على هواتفهم المحمولة لفحصها وفحص سجل المحادثات المجراة عبرها.
