وتحدث خبراء لوكالة "سبوتنيك"، حول مدى إمكانية استحواذ السعودية على بعض السفن التي مرت عبر السويس على المدى القصير من خلال إعادة هيكلة لوجستيات الشحن العالمية، إلى أي مدى ستكون هذه المناورة مريحة؟ ما مقدار الربح المتوقع أن يستفيد الاقتصاد السعودي من مثل هذا المشروع؟
ميناء جدة
جدة هي ثاني أكبر مدينة في المملكة العربية السعودية، ويقع هنا أحد أكبر الموانئ على ساحل البحر الأحمر، وهو قادر على استقبال كل من السفن التجارية والركاب. يتخصص الميناء بشكل أساسي في نقل البضائع مثل النفط والمنتجات النفطية والمنتجات الغذائية والصوف والتمور. ويبلغ إجمالي حجم تداول البضائع في الميناء خلال العام 23.1 مليون طن، ينتمي معظمها إلى شحن الحاويات. في الوقت نفسه يستقبل ميناء جدة والمطار التدفق الرئيسي للحجاج المتجهين إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة.
القدرات التشغيلية لميناء جدة عالية جدًا، حيث يعتبر الأخير مركزا استراتيجيا للنقل والخدمات اللوجستية ليس فقط للمملكة العربية السعودية، ولكن لشبه الجزيرة العربية بأكملها.
ومع ذلك، فإن ميناء جدة نفسه، بسبب موقعه الجغرافي، لن يصبح "السويس الثانية": الساحل الشرقي للبحر الأحمر لا يوجد لديه منفذ إلى البحر الأبيض المتوسط. ومع ذلك، قد يصبح الميناء السعودي نقطة احتياطي يمكن للسفن دخولها، والتي لسبب ما لا تدخل السويس.
الموانئ ورؤية 2030
في حديثه لـ"سبوتنيك"، قال تركي فدعق عضو الجمعية الاقتصادية السعودية إن مبادرة السعودية لدعم الخطوط الملاحية العالمية من خلال ميناء جدة أتت لحاجة في منطقة البحر الأحمر وهي تعثر الملاحة الدولية لأمر مؤقت، ولكن مع زيادة حجم النسبة المئوية التي تمر عبر المنطقة من التجارة الدولية تمت توسعة الموانيء السعودية في العامين الأخيرين بشكل كبير وذلك لمقابلة أحد برامج رؤية المملكة 2030 وهو برنامج تطوير الصناعة والخدمات اللوجيستية بسعة عالية جدا، إلى جانب الأرصفة الضخمة وذلك لتلبية التوقعات المستقبلية في اقتصاد المملكة.
تدبير مكافحة الأزمة
يرى الدكتور محمد بن دليم القحطاني، الأكاديمي السعودي والخبير الاقتصادي، أن عراقة ميناء جدة السعودي، وكذلك قناة السويس المصرية، أكسبت البلدين قوة دولية كبيرة، دفعت المملكة لطرح هذه المبادرة، والتي من شأنها تيسيير الخطوط الملاحية العالمية، لمنع أي أزمة قد تحدث مستقبلًا.
"في ظل الأزمات والحروب والجوائح التي تصيب العالم، هناك حاجة ماسة لسرعة أكبر في نقل البضائع والإمدادات، خاصة أن الكثير من الدول التي تحيط بمصر والسعودية تشهد حروبًا وكوارثًا، تفرض بطبيعتها الحاجة إلى أن يدار الممر الملاحي بشكل لوجيستي منظم، يسمح بعبور السفن، وتبادل البضائع بسهولة ويسر وسرعة"، وفقا للقحطاني.
وبالفعل، فإن الفصل اللوجستي بين النقل العالمي والإقليمي عبر السويس وجدة من شأنه أن يسرع من نقل البضائع، وعلى المدى الطويل، سيزيد التجارة في البحر الأحمر. وسيكون هذا مفيدًا لكل من مصر والمملكة العربية السعودية. وبعد ذلك سيتحول إجراء مكافحة الأزمة إلى فائدة جدية لجميع الأطراف.
آفاق الرياض
في هذا الصدد، يبرز السؤال: ما هي الفوائد التي سيعود بها تطوير مثل هذا المشروع على الاقتصاد السعودي؟ بعد كل شيء، ميناء جدة بالفعل مربح للغاية ومهم في الخدمات اللوجستية للبضائع وحركة الركاب.
من جانبه قال يحيى التليدي، المحلل السعودي، إن "المملكة تهدف من هذه المبادرة إلى تعزيز الخدمات المتعلقة بسلاسل الإمداد داخلها ودعم التجارة للاستيراد والتصدير، وتحويل مدينة جدة ومينائها لمحطة عالمية للتجارة البحرية الدولية، ومركز مهم لطريق الحرير البحري "الطريق والحزام".
ويؤكد التليدي أن مبادرة السعودية لدعم الخطوط الملاحية ستنعكس بالضرورة على نمو الناتج المحلي، وسيعمل على إنعاش اقتصاد المنطقة، بالإضافة إلى فتح آفاق جديدة لسكانها.
لم يتضح بعد مدى سرعة تنفيذ هذه المبادرة. ومع ذلك، سلط حادث قناة السويس الضوء على الحاجة إلى ميناء يمكن أن تنتقل فيه السفن التجارية والركاب في حالة الطوارئ.