منذ خمس سنوات اعتاد أبو يوسف، في شهر رمضان على طهي حساء الجريشة وتوزيعه على المواطنين، وبجهود شخصية يقوم بتحضير مستلزمات هذه الوجبة التي تتكون من لحم الخروف، والبهارات، والقمح البلدي المحمص، ثم يطهوه على النار والحطب ويقوم بتحريكه حتى يتماسك قوامه وينضج بشكله النهائي. ويقول أبو يوسف: "سعيت من خلال هذه المبادرة لنشر التكافل الاجتماعي في ظل ما يعانيه قطاع غزة من مصاعب اقتصادية ومعدلات فقر وبطالة كبيرة، وأصبحت مع الوقت عادة ولا أستطيع التخلي عنها، وأجد فرحة كبيرة تدفعني للاستمرار في مساعدة الفقراء".
قبيل أذان المغرب يتجمع العشرات من جميع الأعمار، ينتظرون نضوج الحساء ليأخذوا حصتهم منه، وقد أحضروا وعاءً، ثم يصطفون ليبدأ أبو يوسف بسكب الجريشة لهم، ويعاونه في ذلك مجموعة من أبنائه ومن شباب الحي، حتى يتمكن من إنهاء ذلك، قبل انطلاق موعد الأذان والإفطار.
ويقول جهاد الحطاب وهو أحد سكان الحي: "لقد اعتدنا في شهر رمضان على حساء أبو يوسف، المستمر منذ خمس سنوات وهذا العمل الخيري يساعد الناس، وأتمنى ان تزداد هذه المبادرات التي تستهدف الفقراء وتحقق التكافل الاجتماعي وتساند المواطنين في أوضاعهم الاقتصادية الصعبة".
أبو يوسف اختار وجبة الجريشة لتقديمها للفقراء لاحتوائها على نسبة عالية من الدسم الذي يساهم في إسناد الجسم بعد فترة الصيام، ويقوم في إعطاء كمية كبيرة للأطفال الخجولين من عدسة التصوير، لعلمه بكبر عدد أفراد أسرهم، وذلك كون جميع من يقصدونه هم من أبناء منطقته ويعرفهم جميعاً، ويقول أبو يوسف: "لقد بدأت العمل في التكيته الخيرية بكمية قليلة لا تتجاوز ثلاثة كيلوات من القمح يومياً، وكنت أقدمها حينها لعشر أسر فقط، ومع الوقت، عملت على تطوير المبادرة من خلال زيادة الكمية التي أطبخها لتصبح هذا العام تكفي لأكثر من مئة اسرة، وأرجو من هذا العمل الأجر والثواب من الله، وأتمنى من يملك القدرة على مساعدة الفقراء وأن يبادر في تقديم العون لهم في شهر الخير.
الابتسامات والضحكات التي يبثها الأطفال والمتواجدون تزيل كل التعب والعرق المتراكم على وجه أبو يوسف بسبب شدّة الحرارة في المكان، فهذا ما يسعده ويدفعه على الاستمرار بمبادرته الخيرية، فلا يستطيع أن يخذل الفقراء في أي وقت، ويسعى على توسيعها، وهذا يحتاج منه مالا إضافيا، متمنيا أن يكون قادراً على توفيره في شهر رمضان للأعوام المقبلة.