أبرز الملفات التي تحظى بأهمية ودعم كبيرين خلال الفترة الحالية تتعلق بالمصالحة الوطنية في ليبيا.
وخلال زيارته إلى الجزائر قال رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد دبيبة: " طلبنا من السيد الرئيس تبون المشاركة في المصالحة الليبية -الليبية، ودولة الجزائر مؤهلة لقيادة ودعم المصالحة الوطنية، بحيث أنها لم تتدخل في المشكل الليبي طيلة العشر سنوات الماضية."، بحسب جريدة الخبر الجزائرية.
بحسب الخبراء في الجزائر فإن "التجربة الجزائرية عقب العشرية السوداء تمكن الجزائر من مرافقة الجانب الليبي في مشروع المصالحة الوطنية".
من ناحيته قال النائب الجزائري عبد الكريم قريشي، إن "لكل من دول الجوار دورا تستطيع أن تلعبه، دون انتقاص من دور أي دولة منها، إلا أن ميزة الجزائر أنها على مسافة واحدة من كل الإخوة الليبيين الفرقاء".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "الليبيين يعرفون حقيقة النوايا الحسنة للجزائر التي تعتبر ليبيا عمقا استراتيجيا لها، لاسيما من الناحية الأمنية، في ظل الحدود الطويلة التي تفوق الألف كيلومتر بينهما".
وأشار إلى أن "ما عاشته الجزائر خلال العشرية السوداء يمثل دافعا قويا لها لكي تنتهي ليبيا من هذه الأزمة وتستعيد عافيتها، خاصة أن الجزائر تمكنت من خلال ما سنته من تشريعات قانون الوئام المدني، وقانون المصالحة الوطنية من الخروج من أزمتها".
وتابع أن الجزائر على يقين أن مشكلة ليبيا لا يمكن حلها إلا من خلال الليبيين أنفسهم، دون تدخل خارجي.
فيما يتعلق بانشغال الجزائر بالانتخابات والأوضاع الداخلية، أوضح النائب أن "ذلك لا يمكن أن يلهيها عن مد يد المساعدة للشعب الليبي، الذي كان داعما للجزائر أثناء الثورة التحريرية".
وشدد على أن "التجربة الجزائرية في المصالحة ما بعد العشرية السوداء، تجعلها قادرة على قيادة المهمة في ليبيا مع إيمان الأشقاء الليبيين بفضيلة التنازل لبعضهم البعض من أجل ليبيا".
فيما قال الخبير الأمني الجزائري أحمد ميزاب، إن "مشروع المصالحة الوطنية الذي جرى في الجزائر بعد العشرية السوداء يتضمن الكثير من التفاصيل الهامة التي تمكن الجزائر من مرافقة الليبيين في تنفيذ ملف المصالحة".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الجزائر ترى في عمقها الاستراتيجي ضرورة استقرار دول الجوار باعتبار أنه يكمل معادلة الأمن القومي الجزائري.
فيما يتعلق بالداخل الليبي ومدى القبول بالدور الجزائري، يرى الخبير الأمني أن "بلاده تحظى بقبول في الداخل الليبي، خاصة أنها نادت بملف المصالحة منذ البداية".
وشدد على أن "نجاح المشروع يرتبط بمدى قابلية الأطراف الليبية، والقدرة على وقف التدخلات الخارجية، إضافة إلى دعم دول الجوار بالشكل الإيجابي عبر التنسيق والدفع نحو السلام والاستقرار".
وأعلن المجلس الرئاسي الليبي انطلاق الملتقى التأسيسي للمفوضية العليا للمصالحة الوطنية في طرابلس يوم 31 مايو/أيار.
وقرر المجلس الرئاسي هيكلة المفوضية بطريقة أفقية عوضًا عن الترشيح والتعيين المباشر، وذلك من خلال الملتقيات التي سيعقدها في شهر يونيو بمسارتها المختلفة، وبمشاركة كل الفاعلين في مجال المصالحة الوطنية مع مراعاة التنوع الثقافي والجغرافي وفئات كل من "الشباب، المرأة، مؤسسات المجتمع المدني، رجال الدين، المجالس البلدية".
كما قرر المجلس الرئاسي التوسع في عقد الملتقيات، من أجل وضع تصورات ومفاهيم ومقترحات تساعده في هيكلة المفوضية، واتخاذ القرار المناسب بشأن قيادتها، لاسيما أن المرحلة القادمة تتطلب العمل لنجاح ملف المصالحة الوطنية الذي سيمهد الطريق لإجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده.
بنظرة مغايرة قالت الباحثة والناشطة السياسية أسماء مشاكرة إن، الجزائر تمر بأوضاع داخلية حرجة على كل الأصعدة، اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا.
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، أنه عوض تحقيق مكاسب دبلوماسية لتلميع صورتها خارجيا، ستربح الجزائر مصداقية داخليا وعلى الساحة الدولية إذا ما فتحت سبل تهدئة وأبدت استعدادها لانتقال ديمقراطي حقيقي، أو على الأقل حددت معالمه.
وتابعت بقولها:" للأسف لا قرارات السلطة التنفيذية ولا المؤشرات الموضوعية للحياة السياسية توحي بذلك، هناك تناقض بين الأقوال والأفعال".
ومضت بقولها:"فبينما يوصف الحراك بالمبارك ويدستر، هناك قمع وقبضة أمنية عنيفة، وحرب قضائية ضد المتظاهرين السلميين وضد الموظفين النزهاء الذين وقفوا في وجه العهدة الخامسة".
وترى أن المقاربة الجزائرية بالنسبة للملف الليبي سديدة نظريا بما أنها ترجح الحل السياسي.
وبشأن الاستفادة من التجربة الجزائرية في المصالحة الوطنية ، أوضحت أن أشباح الماضي لا زالت موجودة وتغليب الأمن على العدل لم يكن مجدي لتضميد الجراح.