ويرى مراقبون أن الانتخابات شبه محسومة لصالح أحد المرشحين المحافظين والذي يحظى بتأييد وقبول من مؤسسات الدولة وأجهزتها، الأمر الذي دفع الكثيرين لعدم الاهتمام، وأن دعوة المرشد الأعلي للمشاركة ما هى إلا مخاوف من المقاطعة الشعبية وعدم الحضور.
من جهته أكد المحلل السياسي الإيراني الدكتور حسين رويوران، أن لكل مرة انتخابية خصوصيات وظروف تختلف عن المرة التي سبقتها، وأن تكون المناظرة الأولى بين المرشحين حول الوضع الاقتصادي، في تصوري أنها تعكس أولويات المرحلة.
المناظرة الأولى
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن تلك الأولويات التي عكستها المناظرة الأولى، مهمة جدا لدى المجتمع الإيراني، وهى التي دفعت المرشحين إلى استعراض برامجهم في هذا الإطار، هذا الأمر يؤدي إلى تسهيل عملية الاقتراع أمام الناخب لاختيار من يستطيع معالجة المشاكل والأزمات الاقتصادية القائمة.
وتابع المحلل السياسي، في جانب آخر فإن الاتهامات المتبادلة خلال المناظرة، هى موضوع مكرر، وكانت موجودة خلال الانتخابات السابقة، واللغة التي تم استخدامها وسقفها كان مقبولا نسبيا.
برامج المرشحين
وأشار رويران، إلى أن شخصية المرشح كانت هى موضع الاهتمام في السابق، أما الآن وفي تلك الانتخابات، فإن برنامج المرشح هو موضع الاهتمام والاستقطاب، وعندما جرت المناظرة الأولى بين المرشحين، كان كل منهم بيده مجموعة من الكتب، وشرح برنامجه لمعالجة الاقتصاد والسياسة الخارجية والزراعة وغيرها من الملفات، ووضع كل منهم كتبه أو برنامجه في موقعه الإلكتروني ليطلع عليه الناخبين، وهذا هو الجديد في تلك الانتخابات.
ونوه إلى أن كل المرشحين يحملون برامج لمعالجة الأزمات، لكن السيد رئيسي يتصدر استطلاعات الرأي بشكل كبير جدا، وبفارق كبير نسبيا أمام باقي المرشحين.
الملف النووي
وحول تأثير الملف النووي على الانتخابات قال المحلل السياسي، الملف النووي هو ضمن إطار سياسة إيران الخارجية، وهناك إجماع في الداخل حول ضرورة عودة أمريكا للاتفاق النووي، وليس هناك خلاف بين المرشحين في هذا الإطار، والملف النووي تقريبا سحب من الخارجية والرئيس روحاني، وسلم إلى مجلس الأمن القومي، لذا فإن التعامل مع هذا الملف تحديدا يجري بعيدا عن التيارات السياسية المتنافسة في الانتخابات، واعتبار هذا الموضوع شأنا وطنيا بعيدا عن المناكفات الحزبية بين التيارات السياسية.
الأوفر حظا
من ناحيته قال الدكتور محمد محسن أبو النور، الخبير في الشؤون الإيرانية، مؤسس ورئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية ـ أفايب: الانتخابات الرئاسية الإيرانية تجري بين 5 مرشحين، أحدهم مستقل والآخر إصلاحي أو محسوب على الإصلاحيين، وثلاثة محافظين وهم، إبراهيم رئيسي وسعيد جليلي ومحسن رضائي، وكان هناك سبعة مرشحين أجيزوا لخوض الانتخابات، انسحب اثنان منهم لصالح "رئيسي" ضمنيا.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن الوحيد الذي له حظوظ وافرة وشعبية ورضا من المرشد الأعلى والحرس الثوري وكل المؤسسات هو "إبراهيم رئيسي" رئيس السلطة القضائية، وقد تولى منصب ديني مهم قبل السلطة القضائية، وهو محل احترام بينهم.
وأشار أبو النور إلى أن الانتخابات الإيرانية شبه محسومة هذه المرة لصالح إبراهيم رئيسي، وكل المرشحين الآخرين لا يتمتعون بالثقل الذي يحظى به هذا الرجل، ومن المؤكد أن تؤثر نتيجة الانتخابات على السياسة الخارجية، ففي حال نجاح رئيسي، فإن طهران سوف تتجه إلى سياسة خارجية أكثر تشددا مع القوى الإقليمية والمجتمع الدولي وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية.
اتهامات متبادلة
وتبادل المرشحون للانتخابات الرئاسية في إيران الانتقادات الحادة في مناظرة متلفزة السبت، حيث اتهم كل منهما الآخر بالخيانة أو الافتقار إلى الكفاءة العلمية اللازمة لإدارة اقتصاد البلاد.
وبينما هاجم المرشحون المحافظون الخمسة أداء الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني بعد 8 سنوات في السلطة، ألقى المرشح المعتدل والرئيس السابق للبنك المركزي عبد الناصر همتي باللائمة على "المحافظين في إذكاء التوتر مع الغرب"، مشيرا أن هذا الأمر "تسبب في تفاقم المصاعب الاقتصادية الإيرانية".
وفي أول جولة من 3 مناظرات استعدادا للانتخابات المزمعة في الـ18 من يونيو/حزيران الجاري، اتهم رئيس الحرس الثوري السابق محسن رضائي المرشح المعتدل همتي "بالرضوخ الكامل" للعقوبات الأمريكية، وقال إنه "ينبغي أن يواجه اتهامات بالخيانة".
وأضاف: "إذا أصبحت رئيسا سأفرض حظرا على همتي وعدد آخر من المسؤولين بحكومة روحاني وأمنعهم من مغادرة البلاد وسوف أثبت في المحكمة الأدوار الخائنة التي قاموا بها".
من جهته، اتهم همتي "غلاة المحافظين بأنهم وراء عزلة إيران على الساحة الدولية وتقويض اقتصادها"، وقال: "لقد أغلقتم اقتصادنا و اتصالاتنا الخارجية... أطالبك أنت وأصدقائك.. أرجوكم.. أتركوا اقتصادنا وعندئذ سيتحسن الاقتصاد الإيراني بكل تأكيد".
وبعد المناظرة طلب علي ربيعي المتحدث باسم الحكومة من التلفزيون الرسمي إتاحة الفرصة للحكومة للرد على "الاتهامات والافتراءات" التي أثيرت ضدها من جانب بعض المرشحين.