قرّر رئيس حكومة تصريف الأعمال المستقيلة، حسان دياب، إعطاء موافقته الاستثنائية على رفع الدعم عن المحروقات لمدة ثلاثة أشهر من 1500 ليرة لبنانية للدولار الواحد إلى 3900 ليرة. ما يعني ارتفاعا ملحوظا بأسعار البنزين والمازوت والغاز.
وطرح البعض تساؤلات بشأن الحلول المطروحة من قبل السلطة الحاكمة في لبنان لتعويض معضلة رفع الدعم، وسط استمرار معاناة اللبنانيين الاقتصادية، وغياب الحلول السياسية في ظل فشل تشكيل الحكومة الجديدة.
رفع الدعم
قال مصرف لبنان المركزي، إنه سيفتح خطوط ائتمان لاستيراد الوقود عند 3900 ليرة للدولار، وهو سعر أضعف من المعروض في السابق، وفقا لقناة "سكاي نيوز".
وفي إطار برنامج الدعم، كان المصرف المركزي يستخدم 1500 ليرة للدولار، وهو السعر الرسمي المستخدم لجميع المعاملات، إلى أن أدت الأزمة التي اندلعت في أواخر عام 2019 إلى انهيار العملة.
وطالب الرئيس اللبناني ميشال عون، اليوم الاثنين، باتخاذ إجراءات سريعة وصارمة من أجل المساهمة في التخفيف من حدة أزمة المحروقات المفتعلة، ووقف استغلال المواطنين، وذلك حسب مانقلته قناة "لبنان 24".
وقالت الرئاسة اللبنانية عبر حسابها بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" ، إن "الرئيس عون تابع تطور أزمة المحروقات في البلاد، والمعاناة التي تواجه المواطنين لاسيما أمام محطات الوقود، فأجرى اتصالات شملت وزير الطاقة والإدارات المعنية في الوزارة" .
أقدم عدد من المحتجين في لبنان على قطع لطرقات وتنظيم لوقفات احتجاجية في مختلف مناطق البلاد، احتجاجا على تفاقم الأزمات المعيشية وتدهور العملة الوطنية.
وأفادت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، قبل يومين "بأن المحتجين قطعوا الطريق عند مستديرة الجندولين باتجاه السفارة الكويتية، كما قطعوا السير عند ساحة الشهداء محلة مسجد الأمين، وطريق منطقة الجناح، وطريق المدينة الرياضية بالإطارات المشتعلة، وذلك في العاصمة في بيروت".
رؤية اقتصادية
اعتبر الدكتور عماد عكوش، الخبير الاقتصادي اللبناني "أن الحل الوحيد لإنقاذ لبنان من أزماته ترك الاقتصاد يعالج نفسه، من خلال رفع سعر صرف الدولار الرسمي إلى 3900 ليرة كمرحلة أولى، بالتزامن مع رفع الحد الأدنى للأجور إلى مليوني ليرة لبنانية.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، يجب أن يتم رفع سعر صرف الدولار الرسمي بشكل شهري، بمعدل ألف ليرة، حتى نصل إلى تطابق السعر الرسمي مع سعر السوق الموازي، بنسبة لا تقل عن 90%".
في الوقت نفسه -والكلام لا يزال على لسان عكوش- يجب رفع الحد الأدنى للأجور لاحقًا بعد الزيادة الأولى بمعدل 600 ألف ليرة كل 6 أشهر، وعلى دفعتين.
ويرى الخبير الاقتصادي، "أن هذه الخطة ستعيد التوازن للموازنة العامة، وترفع القدرة الشرائية لموظفي القطاع العام، ولو بشكل جزئي، حتى لا تتوقف أعمال الوزارات، وحتى لا تنهار المؤسسات العسكرية.
وتابع: "كما أننا بهذه الطريقة نرفع قيمة واردات الدولة ونمتص جزءًا من الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية، والتي يضخها مصرف لبنان بشكل شهري، وبقيمة تعادل 200 مليار ليرة".
وأوضح عكوش "بأن هذا الحل الوحيد الذي يمكن من خلاله وقف الانهيار القادم، إذا ما استمرت الأزمة السياسية قائمة".
عراقيل سياسية
بدوره، أكّد الناشط المدني اللبناني، أسامة وهبي "أن رفع الدعم يتم بشكل تدريجي في لبنان، والحكومة المستقيلة ليس لديها أي قدرة على معالجة الموقف، والحكومة العتيدة لم تولد بعد، وليس هناك أي مؤشرات تدل على أن ولادتها ستتم قريبًا".
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن "الحلول في لبنان معدومة بوجود طبقة سياسية فاشلة متمسكة بالحكم، وعاجزة عن تقديم أي حلول، وبالتالي هناك حاجة لتأليف حكومة من المستقلين أصحاب الكفاءات الذين يستطيعون الحصول على ثقة الشعب اللبناني، والمجتمع العربي والدولي".
ويرى وهبي "أن هذه الحكومة ليست متوفرة حتى الآن، وليس هناك أي نية لتشكيلها، لأن الطبقة السياسية الحاكمة على امتداد عقود والتي أوصلت البلاد لهذه المرحلة تخاف من وجود حكومة مستقلة، ليس لديها شبهات فساد، حيث لو قامت بفتح ملفات الفساد التي جرت على مر العقود السابقة، ستجد هذه الطبقة نفسها في السجون".
ويعتقد الناشط المدني اللبناني، "أن ليس هناك أي مؤشرات لحلول قريبة في لبنان، في ظل المساعي الخارجية التي باءت جميعها بالفشلط، مؤكدًا "أن لبنان ينتظره صيفًا ساخنًا، وانفجارًا اجتماعيًا أقرب إلى الفوضى من الثورة".
وتابع: "لا يوجد أي بصيص أمل في هذه المرحلة، على المستوى السياسي، ومستوى الخروج من الواقع المأزوم، والذي من المتوقع أن يزداد تأزمًا في الأيام المقبلة".
وأعلن المصرف المركزي سابقاً عن عدم قدرته على الاستمرار بسياسة الدعم الحالية على الطحين والمحروقات والأدوية لأنها تساهم باستنزاف احتياطاته.